قرار استثنائي هو الأول منذ 8 أعوام، خرج به اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بإعلان خفض الإنتاج إلى 32.5 – 33 مليون برميل يومياً، مقارنة مع إنتاج أغسطس/آب الماضي، البالغ 33.4 مليون برميل يومياً. ودفعت تخوفات مزيد من الهبوط في أسعار النفط، لتجنب (أوبك) فشلاً جديداً لفي إعادة الاستقرار لأسعار النفط الخام، بعد أكثر من عامين من الهبوط المتتالي.
ويقول مراقبون جزائريون، إن التحضيرات والرحلات المكوكية التي نفذها وزير طاقة بلادهم نور الدين بوطرفة، منذ شهور لدول روسيا والسعودية وقطر وإيران، ساهمت بالخروج في نتيجة إيجابية لاجتماع الأمس.
وعقدت الدول الأعضاء في (أوبك)، أمس الأربعاء، اجتماعاً في الجزائر استمر لنحو 6 ساعات متواصلة، لبحث أسعار النفط الحالية، وإعادة الاستقرار لأسواق النفط العالمية.
وأرجع الوزير السابق والخبير الاقتصادي، بشير مصيطفى، نتائج اجتماع الجزائر أمس إلى الدبلوماسية الجزائرية من جهة، إضافة إلى التهديد قريب المدى لمستوى الأسعار، مع بدء تسجيل عقود فصل الربيع التي تتميز بضعف الطلب على النفط.
مصيطفى قال في تصريح للأناضول، إن “نتيجة اجتماع الجزائر كانت إيجابية، لأنها حالت دون تسجيل خيارين محتملين هما: رفع الإنتاج داخل أوبك بـ 2.4 مليون برميل يومي بداية العام 2017، بسبب ضيق ميزانيات النمو وتمويل الحرب في دول عدة، والثاني هو استمرار تخمة المعروض فوق مستوى 0.8 مليون برميل لمدة أطول”.
وأشار أن “القرار المتخذ، سيساعد في امتصاص تخمة المعروض.. بالتالي تحقيق توازن في معادلة العرض والطلب”.
وأكد على أن قرار أوبك لن يدفع الأسعار نحو الارتفاع حتى نوفمبر/تشرين ثاني المقبل، “في انتظار إعادة النظر بنظام الحصص.. بالتالي تأثيره سيقتصر على استقرار الأسعار في مستواها الحالي، بين 45 – 49 دولار”.
وبشأن توزيع الحصص في اجتماع فيينا، “فإن الأمر يتعلق بمستوى إنتاج كل دولة ومدى حاجتها للنقد الأجنبي.. هناك دول من أوبك مصنفة ضمن الدول العشر الأكثر إنتاجا للنفط (كالسعودية وإيران والعراق)، وهناك دول إنتاجها متوسط (الامارات 2.5 مليون) وهناك دول مستواها أقل من مليون” هكذا يقول مصيطفى.
كان وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل، قال في تصريحات صحفية أمس الأربعاء، أن نتيجة اجتماع الجزائر ستعيد التوازن للسوق النفطية، بحدود منتصف 2017، ما سيرفع الأسعار إلى 55 – 60 دولاراً للبرميل.
وأضاف خليل، الذي سبق له تحقيق نجاح مشابه في اجتماع استضافته بلاده عام 2008، أن “الأوراق التي لعبتها الجزائر، تمحورت حول الخسائر التي مست كل الدول، حتى السعودية، التي وصلت إلى خفض أجور وزراء حكومتها”.
ودفع هبوط أسعار النفط الخام، الدول المنتجة، لتسجيل تراجع في إيراداتها المالية، ودفعها لرفع الدعم عن عديد السلع والخدمات الأساسية، وتنفيذ سياسات تقشف ورصلاح اقتصادي لمواءمة النفقات بالإيرادات المتحققة.
الوزير الأسبق، يرى أن السعودية ليس لها ما تخسره، لأنها وصلت إلى أعلى حصة في السوق العالمية.. والأهم أن خلافاتها مع الكونغرس بشأن الفيتو أمس الأربعاء، يدفعها للانسجام والقوة لمواقف منظمة (أوبك)”.
وأبطل الكونغرس الأمريكي، أمس الأربعاء، حق النقض “الفيتو”، الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما، الجمعة الماضية، ضد مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون.
من جهته، قال مصطفى مقيدش، نائب رئيس المجلس الجزائري الاقتصادي والاجتماعي (تابع للرئاسة)، إن نتائج اجتماع الجزائر يعد رداً على الأطراف التي شككت طوال الأسابيع الماضية بإمكانية خفض وتسقيف إنتاج النفط.
وقال مقيدش، في تصريح للإذاعة الحكومية اليوم: “بعد اللقاءات التي باءت بالفشل على غرار لقاء الدوحة (عقد في إبريل/نيسان الماضي)، والمجلس الوزاري للدول الأعضاء في أوبك بفيينا (عقد مطلع يونيو/حزيران الماضي)، يمكننا القول أن اجتماع الجزائر التشاوري الذي تحول إلى لقاء استثنائي يعد تاريخياً، لأنه خرج بقرار خفض الإنتاج”.
هذا وجاء اتفاق تثبيت سقف الإنتاج في مؤتمر صحفي عقده مساء الأربعاء، محمد السادة وزير الطاقة القطري والرئيس الحالي للمنظمة، ووزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، في ختام اجتماع للمنظمة دام قرابة 6 ساعات بالعاصمة الجزائر.
وقال السادة: “لقد تقرر تثبيت إنتاج المنظمة في سقف 32.5 مليون برميل يومياً بدل 33.24 مليون برميل يومياً في الوقت الحالي”.
وأوضح أنه تقرر تشكيل لجنة عليا لمتابعة مستوى إنتاج كل دولة فيما تم استثناء ثلاثة دول من قرار تثبيت الإنتاج هي ليبيا ونيجيريا وإيران بسبب الظروف التي تعيشها.
ووفق نفس المسؤول فإن آجال تطبيق الاتفاق ستحدد خلال اجتماع يعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
وأشار السادة إلى أن “الحوار داخل المنظمة كان بروح إيجابية بشكل سهل التوصل إلى هذا الاتفاق”.
وتابع في إشارة إلى ما تم تداوله عن خلاف سعودي إيراني بشأن الاتفاق، أنه لم تكن هناك مفاوضات ثنائية وإنما نقاش بين كامل الأعضاء.
من جانبه، قال وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة إن “الاجتماع تحول من لقاء غير رسمي إلى اجتماع استثنائي لمنظمة أوبك”، واصفا إياه بأنه “لقاء تاريخيا”.
وتعاني أسعار النفط الخام من تخمة المعروض ومحدودية الطلب، مع تراجع الاقتصادات المتقدمة والناشئة سوية، وإصرار المنتجين على ضخ المزيد من النفط في السوق للحفاظ على حصصهم البيعية، مما دفع إلى تراجع سعر البرميل من 120 دولاراً منتصف 2014 إلى حدود 47 دولاراً في الوقت الحالي.
ويتألف الأعضاء في (أوبك) من 14 دولة، هي: السعودية، والإمارات، وقطر، وإيران، والعراق، وفنزويلا، والغابون، والجزائر، والإكوادور، وأنغولا، وأندونيسيا، والكويت، وليبيا، ونيجيريا.