صعدت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، ببرميل النفط من مستويات أسعار متدنية عما كانت عليه منتصف 2014، عبر اتفاق خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يومياً.
وقال خبراء اقتصاديون، أن اتفاق كبار المنتجين في العالم على خفض الإنتاج للمرة الأولى منذ 2008، سيعيد التوزان إلى أسواق النفط، لا سيما بعد هبوط الخام بأكثر من ثلثي قيمتها على مدار عامين ونصف.
وقررت الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، التي تقدم ثلث المعروض العالمي من النفط، مساء الأربعاء، خفض إنتاجها من النفط بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، إلى 32.5 مليون برميل.
فيما ستخفض الدول غير الأعضاء في أوبك إنتاجها بنحو 600 ألف برميل يوميا، ستتكفل روسيا بنسبة النصف منها.
وسيدفع التزام الدول بخفض الإنتاج اعتباراً من يناير/ كانون ثاني القادم، أسعار الخام نحو مستويات 55 دولاراً للبرميل، وقد تصل إلى 60 دولاراً في الأشهر القادمة لكن سيظل ذلك مرهوناً بمدى الالتزام بتطبيق الاتفاق.
وقررت “أوبك” تشكيل لجنة مراقبة وزارية تتضمن الكويت وفنزويلا والجزائر، ستعمل عن كثب لمراقبة تطبيق التزام الدول بالاتفاق. وبموجب الاتفاق ستتحمل السعودية “حصة الأسد” من هذا التخفيض بواقع 486 ألف برميل.
وقال إبراهيم الفيلكاوي، المستشار الاقتصادي لمركز الدراسات المتقدمة في الكويت: “لا شك أن قرارات “أوبك” أمس كانت إيجابية وهو ما ظهر تأثيره بشكل واضح على أداء أسواق النفط العالمية التي قفزت بنسبة جاوزت 10%”.
وأضاف الفيلكاوي، “السؤال الآن هو (هل ستلتزم الدول من داخل “أوبك” وخارجها بخفض إنتاجها وفقا للاتفاق؟)، نعتقد أن هذا هو التحدي الرئيسي خلال الفترة القادمة”.
وزاد: “التوقعات بشكل عام ترجح ارتفاع أسعار النفط بين مستويات 55 إلى 60 دولاراً للبرميل مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ”.
وقال المحلل النفطي والاقتصادي “جمال عجيز”، أن اتفاق “أوبك” رغم كونه تاريخي والأول منذ نحو 8 سنوات، لكن سيواجه عدة تحديات أولها مدى التزام الدول بخفض إنتاجها والشفافية في الإعلان عن ذلك بشكل رسمي.
وأضاف “عجيز”، أن دولة مثل العراق كان هناك تغيير واضح في موقفها السابق من رفض فكرة خفض الإنتاج، لمحاربة الإرهاب إلى التوافق مع قرارات “أوبك” وهذا مؤشر “غير جيد” قد يدفعها إلى عدم الالتزام بنسبة الخفض المقررة والبالغة 210 ألف برميل يومياً.
ووافق العراق على نحو غير متوقع على خفض إنتاجه بواقع 200 ألف برميل يومياً، بعدما كان يصر على حصة إنتاجية أعلى لتمويل حربه ضد تنظيم “داعش”، فيما سمحت “أوبك” لإيران بزيادة إنتاجها قليلاً من مستواه في تشرين أول/أكتوبر بعد مطالبتها باستعادة حصتها في سوق النفط، التي فقدتها بسبب العقوبات الغربية.
ووفقاً للاتفاق، ستخفض العراق إنتاجها بواقع 210 ألف برميل من مستوياته الحالية البالغة 4.561 مليون برميل إلى نحو 4.351 ألف برميل.
ولا يعتقد “عجيز” أن أسعار النفط ستصعد كثيراً خلال الشهور القادمة، موضحاً أن استعادة الخام لمستوياته السابقة فوق 100 دولاراً للبرميل هو أمر مستحيل في الوقت الحالي.
وتراجعت أسعار النفط الخام بنحو حاد منذ يوليو/تموز 2014، هبوطاً من 120 دولاراً أمريكياً للبرميل، إلى أقل من 28 دولاراً في الربع الاول من العام الجاري، لكنها عاودت الصعود حاليا لتحوم قرب مستوى 50 دولاراً للبرميل.
وأضاف المحلل النفطي: “نعتقد أن أسعار الخام ستتراوح بين 55 إلى 60 دولاراً للبرميل مع بدء تطبيق الاتفاق مطلع العام القادم”.
وأعلن سهيل المزروعي، وزير الطاقة الإماراتي، في بيان صحفي أن بلاده ملتزمة بالتعاون مع دول أعضاء “أوبك” لتحقيق الأفضل للأسواق العالمية، وضمان استقرار الأسعار.
وستخفض الإمارات إنتاجها اليومي من النفط بواقع 139 ألف برميل من 3.013 مليون إلى 2.874 مليون برميل يومياً.
وقال مروان الشرشابي، مدير إدارة الأصول لدى الفجر المصرية للاستشارات المالية : “الاتفاق تاريخي بالطبع، لكن نحتاج إلى مزيد من الشفافية فيما يخص التزام الدول بخفض إنتاجها، وهذا سيكون التحدي الأكبر في الفترة القادمة”.
وأضاف الشرشابي، أن هناك عدة دول من الأعضاء في “أوبك” تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة، بسبب خسائر النفط خلال العامين الماضيين وبالتالي قد تواجه صعوبات جمة في خفض إنتاجها.
“على المستوي العالمي، نتوقع أن يدعم القرار صعود الخام نحو 60 دولاراً للبرميل في العام القادم، ونعتقد أيضاً أن الاتفاق سينشط إنتاج النفط الصخري علي في الولايات المتحدة الأمريكية”.
ورحبت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، أمس الخميس باتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، مشيرة أنه سيكون خطوة كبيرة نحو إعادة التوازن للسوق العالمية.
إلا أن الوكالة لم تخف وجود مخاطر متعلقة بتنفيذ الاتفاق بين الدول الأعضاء ورغبة المنتجين المستقلين، خاصة روسيا، قد تحول دون تحقيق النجاح المأمول من الاتفاق.