توقعت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني أن يصل عجز الموازنة فى المملكة العربية السعودية خلال العام الجاري إلى 12 % من الناتج المحلى الإجمالي، وذلك مع استمرار سعر النفط عند مستوى 55 دولارا للبرميل، وارتفاع الانفاق الحكومي عن المستويات التي أقرتها الموازنة العامة للبلاد.
وأضافت موديز فى تقرير اليوم الخميس، أنه في ظل اعتماد الحكومة على قطاع النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، فإن هذا الرقم ( العجز المشار إليه) سوف يتأثر بشكل كبير باتجاهات أسعار النفط خلال العام الجاري.
وكانت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني قد توقعت الأسبوع الجاري أن يصل العجز في الموازنة السعودية إلى 16% من الناتج المحلي الإجمالي حال بقيت أسعار النفط حول مستوياتها الحالية عند 50 دولارا للبرميل، مع عدم تقليص حجم الإنفاق بالمملكة، فيما توقع صندوق النقد الدولي فى تقرير صادر الأسبوع الماضي أن تسجل السعودية عجزا بالموازنة بنسبة 10.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 مقابل فائض بنسبة 1.1% في عام 2014.
وقالت وكالة موديز إن انتقال السلطة من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الذى توفى في 23 ناير / كانون الثاني الجاري لأخيه الملك سلمان يبدو أنه قد سار بسلاسة، وهو أمر إيجابي للتصنيف الائتماني للمملكة عند درجة (Aa3) بنظرة مستقرة، وخاصة مع الأخذ في الاعتبار التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه السعودية.
وأشارت إلى أن اختيار ولى العهد الجديد الأمير مقرن بن عبد العزيز، وولى ولى العهد الأمير محمد بن نايف يعزز استمرارية النظام و الاستقرار المؤسسي.
وأضافت موديز إلى أن الاستقرار النسبي للنظام السياسي في المملكة، سوف يساهم في تعزيز قدرة الحكومة على التعامل مع 4 تحديات رئيسية تواجهها تشمل أولا انخفاض أسعار النفط ، وثانيا الضغوط لزيادة معدلات الانفاق الاجتماعي، وثالثا الحاجة إلى تنويع الاقتصاد، ورابعا الاضطرابات السياسية الإقليمية.
وأوضحت أن الانخفاض الحاد فى أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام الماضي والذى استمر حتى يناير/ كانون الثاني الجاري أثر سلبا على الميزانية الحكومية واقتصاد المملكة بوجه عام.
وفقدت أسعار النفط أكثر من 50 % من قيمتها منذ يونيو / حزيران 2014، واقتربت الأسعار منذ الشهر الماضي، أكثر من مرة، من أدنى مستوياتها في 6 سنوات.
والسعودية أكبر مُصدر للنفط في العالم بنحو 7.6 مليون برميل يوميا، كما أن إنتاجها من النفط يقترب من 10 ملايين برميل يوميا، وطاقتها الاستيعابية بحدود 12.5 مليون برميل نفط يوميا.
وتأتى 90 % من إيرادات الموازنة السعودية من قطاع النفط والغاز، ويشكل القطاع في الوقت ذاته 45 % من الناتج المحلى الإجمالي.
وقالت موديز إنه كنتيجة لانخفاض أسعار النفط سجلت الميزانية الحكومية عجز ضئيل في عام 2014 بعد تحقيقها لفائض على مدار السنوات السابقة.
وتوقعت المالية السعودية فى ديسمبر / كانون الأول الماضى أن تبلغ المصروفات الفعلية لعام 2014 حوالى 1100 مليار ريال، وأن تصل الإيرادات الفعلية إلى 1046 مليارا بنهاية 2014، وهو ما يعنى أن تسجل المملكة عجزا بقيمة 54 مليار ريال (14 مليار دولار)، يمثل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لنفس العام.
وذكر تقرير موديز أن السعودية لا تضع سعرا محددا للنفط في الموازنة العامة، ولكن سعر التعادل يدور حول مستوى 60 دولارا للبرميل، ورغم ذلك فإن التصنيف الائتماني للمملكة سيظل قويا لكونها تمتلك احتياطيات مالية تقدر بـ 700 مليار دولار، وهو ما يعادل 100 % من الناتج المحلى الإجمالي سنويا، كما أن الدين الحكومي المباشر يمثل أقل من 2 % من الناتج الإجمالى المحلى وهو من أقل المعدلات عالميا .
وسعر التعادل هو متوسط سعر برميل النفط، الذي يحقق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة.
وقال التقرير إنه برغم انخفاض إيرادات المملكة بسبب تراجع أسعار النفط فإن الحكومة ملتزمة بالحفاظ على مستويات الانفاق خلال العام الجاري عند نفس مستوياتها في عام 2014 .
ومؤخرا، أقرت الحكومة السعودية موازنة عام 2015، بنفقات قدرها 860 مليار ريال (229 مليار دولار)، وبإيرادات قدرها 715 مليار ريال (191 مليار دولار)، متوقعة عجزا بـ 145 مليار ريال (39 مليار دولار).
ولفتت موديز إلى أن الضغوط الواقعة على السعودية من أجل الحفاظ على مستويات مرتفعة من الانفاق الاجتماعي وكذلك على مشروعات البنية التحتية ترتبط بالحفاظ على الاستقرار الاجتماعي .
وأشار تقرير موديز أن السعودية لديها عدد كبير من السكان من الشباب وهم في تزايد مستمر لذلك فإن الطلب على الانفاق على مشروعات الاسكان والتعليم والرعاية الصحية سيستمر فى النمو، كما أن الحكومة تقوم بالاستثمار في عدد كبير ومتنوع من مشروعات البنية التحتية والتي تشمل مشروع مترو الرياض وإنشاء عدد من المجمعات الصناعية.
وأضاف تقرير موديز إلى أن مشروعات المجمعات الصناعية الجديدة، تأتى كجزء من جهود المملكة لتنويع اقتصاديها بعيدا عن قطاع النفط، والذى برغم أن المملكة تتمتع فيه باحتياطيات وفيرة إلا انه لا يقدم فرص عمل للغالبية من السكان .
وقال التقرير إن آفاق النمو في المملكة تعتمد أيضا على التطورات في قطاع النفط، لذا فإن التنوع الاقتصادي قد يكون مطلوبا.
وأشارت موديز إلى أنه لتحقيق هدف التنوع الاقتصادي، فإن المملكة صممت عدد من السياسات الهادفة لتعزيز الاستثمار في قطاعات أخرى غير نفطية بما في ذلك بناء مجمعات صناعية كبرى.
ونوهت إلى أن التحدي الرئيسي الذى يواجه المملكة هو الاضطرابات السياسية الاقليمية، مشيرة إلى أن قيام تنظيم الدولة الإسلامية بالسيطرة على أجزاء من سوريا وكذلك العراق، والتي اقترب فيها من أراضي متاخمة للحدود مع المملكة يشكل جزءا واحدا فقط من هذه الاضطرابات.
وقالت موديز إن استمرار الصراع الطائفي في العراق، وسقوط الحكومة في اليمن، والحرب الأهلية فى سوريا كلها تلقى بتأثيرات سلبية على الحفاظ على الاستقرار في السعودية، مشيرة إلى أن سياسات المملكة كان لها دور واضح في مواجهة الاضطرابات بالمنطقة في العديد من الحالات وخاصة في مصر والبحرين.
الأناضول – وطن اف ام