مع اكتفاء المجتمع الدولي بلعب دور الناقد والمندد بجرائم وانتهاكات نظام الأسد وحلفائه بحق الشعب السوري، تجدد طائرات النظام الحربية والمروحية وسلاح الجو الروسي استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في قصفها لحلب، ما أدى إلى وقوع خمسة وعشرين مجزرة خلال شهر تشرين الأول الماضي، والذي كان رغم ذلك أقل عنفاً من الأشهر التي سبقتها.
المحرم دولياً بالأرقام
فقد وثقت منظمات حقوقية وانسانية مواصلة استخدام طائرات النظام الحربية والمروحية والطيران الروسي لأسلحة يفترض أن تكون محرمة دولياً خلال الغارات الجوية التي تعرضت لها الأحياء المحاصرة من مدينة حلب والمناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في ريفها.
وبحسب المعهد السوري للعدالة، فقد استهدفت طائرات النظام المروحية المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار بثلاثة براميل متفجرة محملة بغاز الكلور السام المحرم دولياً، نجم عنه تعرض العديد من المدنيين لحالات اختناق، كما شنت الطائرات الحربية أكثر من مئة غارة جوية بالقنابل العنقودية، التي أودت بدورها إلى استشهاد العشرات من المدنيين.
ولم تكن براميل غاز الكلور السام والقنابل العنقودية وحدها حاضرة في عمليات القصف التي شهدتها حلب، حيث تم استخدام مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً خلال الشهر الماضي، كما أوضح “أحمد محمد” المسؤول الإعلامي في المعهد السوري للعدالة.
وتابع: تم احصاء (176) غارة جوية استهدفت مدينة حلب خلال شهر تشرين الاول بالقنابل العنقودية، أدت إلى ارتقاء مايقارب الثلاثين مدنياً، كما وثقنا استخدام الطائرات الحربية للقنابل الفوسفورية والنابالم في (16) طلعة، بالإضافة إلى استهداف أحياء مدينة حلب المحاصرة بصاروخين ارتجاجيين، وهذه احصائية الأسلحة المحرمة دولياً فقط.
حصيلة شهر من قصف حلب
رغم توثيق ارتكاب الطيران والصواريخ البرية التي تستخدمها قوات النظام وحلفائها أكثر من خمسة وعشرين مجزرة في حلب وريفها خلال الشهر الماضي، إلا أنه شهر تشرين الأول وصف “بالهادئ” مقارنة بشهر أيلول الذي شهد حملة قصف جوي وبري غير مسبوقة على حلب.
وبحسب منظمات حقوقية، فقد نفذت الطائرات الروسية وطيران النظام أكثر من ألف وخمسمئة طلعة جوية على الأحياء المحاصرة من مدينة حلب ومناطق سيطرة الثوار في ريفها، إضافة إلى استهدافها بأكثر من مئة صاروخ “أرض-أرض”، تسببت بارتقاء مايقارب الثلاثمئة مدني.
وكان المعهد السوري للعدالة المعني بتوثيق انتهاكات النظام وحلفائه قد زود “وطن” باحصائية القصف الذي تعرضت له مدينة حلب وريفها خلال الشهر الماضي، بالإضافة إلى أعداد الضحايا من المدنيين والتي تجاوزت حاجز الثلاثمئة مدني.
حيث تعرضت جميع الأحياء المحاصرة من مدينة حلب، والتي يقدر تعدادها بستين حياً سكنياً إلى القصف الجوي والبري من قبل النظام وحلفائه، كما تعرضت معظم مناطق ريف حلب إلى قصف مماثل أفضى إلى خروج العديد من المراكز الحيوية والمنشآت الخدمية عن الخدمة جراء تعرضها للتدمير.
ووفقاً للمعهد السوري للعدالة، فقد ألقت طائرات النظام المروحية (134) برميلاً متفجراً خلال شهر تشرين الأول، بالإضافة إلى استهداف الطائرات الحربية التابعة لنظام الأسد وروسيا المناطق السكنية بـ(927) صاروخ جوي، تركزت في معظمها على المنشآت الصناعية والدوائية إضافة الى المراكز الخدمية والطبية في ريف حلب، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة نتيجة الدمار الذي لحق بها.
بدوره حمل “عبد القادر مندو” مدير المعهد المجتمع الدولي مسؤولية القصف الذي تتعرض له المناطق السورية قاطبة وحلب تحديداً.
وقال: إن عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار جدي يلزم نظام الأسد وحليفته روسيا بإيقاف استهداف المدنيين، أفضى إلى تزايد وتيرة القصف بالأسلحة المحرمة دولياً، والذي يتركز بشكل رئيس على المشافي والمراكز الطبية، حيث تعرضت مشفى حوّر بريف حلب الغربي إلى عدة غارات جوية تسبب بخروج المشفى عن الخدمة وإصابة الكادر الطبي بجروح.
كما وصف المندو المجتمع الدولي بالمتخاذل والشريك بما يحصل للمدنيين في حلب، خاصة وأنه لم يحرك ساكناً ازاء مايجري في حلب من انتهاكات صارخة للقانون الدولي الذي يجرم استهداف المدنيين بأي نوع من أنواع السلاح.
انتهى شهر تشرين الأول ودخل الثاني دون أي تغيير، اذ أن الطائرات لا تزال تلقي بحمولاتها فوق رؤوس المدنيين جواً، بينما تقوم المليشيات الطائفية بمحاصرتهم براً، وكأن من يعيش في حلب غير مشمول بالقانون الدولي الذي يفترض أن يكون قد وضع لحمايته.
منصور حسين/ حلب/ وطن إف إم