تركيا تهدف لحماية وحدة الأراضي السورية ودعم الانتقال لنظام سياسي
قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن أهداف بلاده بسوريا تتمثل في “حماية وحدة أراضيها، وتجنب الصراعات العرقية أو المذهبية، ودعم الانتقال لنظام سياسي يشمل كل السوريين”، في إشارة لعملية “درع الفرات” التي بدأتها قوات تركية أواخر آب الماضي، شمالي سوريا.
جاء ذلك في مقال للمسؤول التركي، نشرته صحيفة “ديلي ميل” التركية، السبت، بعنوان “قمة العشرين والمواقف الجيوسياسية”، تناول خلاله عددًا من القضايا الداخلية والإقليمية.
وبخصوص عملية “درع الفرات” قال المسؤول التركي، إن أهداف بلاده في سوريا، “واضحة للجميع، وهي حماية وحدة أراضيها (سوريا)، وتجنب الصراعات العرقية أو المذهبية، ودعم الانتقال لنظام سياسي، يشمل كل السوريين”.
ودعمًا لقوات “الجيش السوري الحر”، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس، تحت اسم “درع الفرات”، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، في مقدمتها تنظيم “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.
وشدد قالن على أن تركيا “لا تحارب الأكراد في سوريا كما تروج له منظمة، بي كا كا الإرهابية، بل تحمي نفسها والسوريين من العمليات الإرهابية التي يشنها تنظيم، ب ي د، (الامتداد السوري لـ بي كا كا)”.
ولفت أن بلاده “ليست لديها أي مشكلة مع أكراد تركيا أو سوريا أو العراق أو ايران، إنما مع التنظيمات الإرهابية بغض النظر عن منبعها”، مضيفًا “وكما أن الحرب على داعش ليست حربا ضد المسلمين، فإن الحرب على بي كا كا وامتداداتها ليست حربا على الأكراد في سوريا أو في مكان آخر”.
وأوضح في مقاله أن قمة العشرين التي عقدت في مدينة “هانغتشو”، شرقي الصين، قبل أيام، “جمعت العديد من قادة الدول الأكبر اقتصادياً في العالم، لبحث أجندة مهمة تتعلق بالاقتصاد العالمي والتغيّر المناخي”.
وأشار أن القمة “كانت فرصة مواتية لبحث مسائل جيوسياسية ملّحة، مثل الحرب على الإرهاب، وأزمة اللاجئين، والحرب الدائرة في سوريا”، مشيرا أن “المواقف الجيوسياسية والمناورات من الخصائص الرئيسية التي تتسم بها مثل هذه الاجتماعات، وهذه القمة لم تكن استثناءً”.
وذكر متحدث الرئاسة التركية أنه “رغم وجود إجماع دولي على وجود تهديدات إرهابية عالمية، وضرورة شن حرب بعزيمة وقوة ضد الإرهاب، إلا أن تحديد الإرهابيين لا يزال موضع خلاف”، لافتا أن “فشل المجتمع الدولي في ايقاف الحرب بسوريا والقضاء على خطر تنظيم داعش، مرتبط بشكل وثيق باستعراض القوة الجيوسياسية”.
وأضاف “للأسف سيبقى هذا (استعراض القوة الجيوسياسية) مسيطرا على المشهد الرئيسي في الأزمة السورية”، مشيرا أن قادة العالم أبدوا اهتماما كبيرا في تحرك ميداني جديد، يتمثل بعملية “درع الفرات”.
وأفاد أن “درع الفرات، أتاحت لآلاف السوريين، الذين يعيشون بين مدينتي اعزاز وجرابلس بمحافظة حلب (شمال)، تنفس الصعداء”، مؤكدا أن “النصر العسكري المهم، (الذي حققته العملية) أصبح مصدرًا لرفع معنويات مقاتلي الجيش السوري الحر الذي مني بخسائر كثيرة خلال العامين الماضيين”.
وأكد قالن أن “درع الفرات أظهرت عزيمة وجدية تركيا في القضاء على تنظيم داعش، بغض النظر عن وجود دعم لها (تركيا) في هذا من قبل اللاعبين الدوليين أم لا”، متطرقاً في ذات السياق إلى النجاحات السياسية والدبلوماسية، فضلا عن الجانب العسكري للعملية.
واستطرد قائلًا “جهود تركيا لتطوير علاقات أوثق مع روسيا وإيران، هيأت لها أرضية لدعم أنشطتها العسكرية الأخيرة في سوريا، وهنا يجب التأكيد على أن أنقرة تستخدم حقها في الدفاع عن النفس على طول حدودها، كما أن تنفيذ هذه العملية (درع الفرات) تم بتنسيق مع كافة الأطراف، تفاديا لأي اشتباكات ميدانية”.
وأشار المسؤول التركي أن “الوضع الذي يزداد تدهورا في حلب يشكل مصدر قلق شديد بالنسبة لكافة الأطراف في سوريا”، مبينًا أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في وقت متأخر من مساء أمس بين الولايات المتحدة وروسيا، بشأن وقف إطلاق النار في سوريا “بمثابة هدنة قبل عيد الأضحى (بعد غد الإثنين)، ستتيح للمدنين في حلب إمكانية تنفس الصعداء”.
وعن فوائد الاتفاق المذكور قال قالن إنه “سيسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في حلب ودمشق، وقد يهيء أرضية مناسبة لاستئناف المفاوضات السياسية بين النظام والمعارضة برعاية أممية”.
وبيّن أن “التوصل إلى اتفاق جزئي من أجل وقف القتال شئ، والعمل على إنهاء الحرب شيء آخر، فالحرب السورية التي دخلت عامها الخامس أرهقت الجميع، لدرجة أن التوصل لاتفاق مؤقت ومحلي لوقف إطلاق النار، صار يحتفل به وكأنه نصر كبير” وأكد “أهمية دعم الاتفاقيات التي تحقن دم كل إنسان في سوريا (..) لكن الهدف الأسمى يجب أن يكون إنهاء الحرب، وهذا هو الطريق الوحيد لدحر الإرهاب من الأراضي السورية، وحل أزمة اللاجئين ومساعدة السوريين في استعادة حياتهم الطبيعية مجددا”، مشيرا أن “الدول الأوروبية لا تكترث لمسألة اللاجئين إلا حين تصل حدودها”.
وفي وقت متأخر مساء أمس، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري توصله مع نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى اتفاق بشأن خطة لوقف إطلاق النار في سوريا.
وقال كيري في مؤتمر صحفي “نعلن عن توصلنا لترتيبات تهدف لوقف إطلاق النار، وتمهيد الطريق أمام حل الصراع القائم في سوريا”. وأوضح الوزير الأمريكي أنه بموجب هذه الترتيبات ستبدأ الهدنة ليل الأحد/الإثنين، لافتاً أنه إذا ما استمرت هذه الهدنة لمدة أسبوع، فستقوم الولايات المتحدة وروسيا بإنشاء “مركز مشترك لمحاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة”.
وطن إف إم / اسطنبول