سياسة

سامانثا باور تجرم روسيا في مجلس الأمن “نص الكلمة كاملا”

قالت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن الدولي سامانثا باور، إن الرئيس السوري بشار الأسد، لا يؤمن إلا بالحل العسكري في بلاده.
واتهمت روسيا بأنها تسيء لاستخدام مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي وحق الفيتو، حيث ادعت “باور” أن الجانب الأمريكي أكد أن موسكو على استعداد للانضمام لمكافحة الإرهاب في سوريا، كما اتهمت كل من روسيا والحكومة السورية بقصف حلب.
وأشارت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن الدولي إلى أنه دون أدنى شك فإن روسيا ستقول اليوم إنها تنفذ العمليات لمكافحة الإرهاب، لكن ذلك هراء.

وفيما يلي:
 النص الكامل لكلمة مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية سامنثا باور الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى هيئة الأمم المتحدة، في جلسة إيجاز في  مجلس الامن الدولي حول سوريا بتاريخ 25 أيلول 2016

شكرا لك سيدتي الرئيسة، وشكرا للمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا السيد دي مستورا لمجيئك إلى هنا ولرفضك الاستسلام في مهمتك.
 نعقد جلستنا هذه في مجلس الأمن اليوم كون الاتحاد الروسي ونظام الأسد قد شرعا في هجوم بري وجوي شامل على حلب الشرقية وعلى قاطنيها البالغ عددهم 275 ألف مدني. وبحسب ما ورد فإن روسيا والأسد قد شنّا أكثر من 150 ضربة جوية خلال الـ 72 ساعة الماضية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 139 شخصا وجرح مئات الآخرين، وتدمير ما تبقى من هذه المدينة الرئيسية في الشرق الأوسط.

   لقد عانى الشعب السوري فظاعة خمسة سنوات ونصف من الحرب، لكنهم يصف هذه الضربات الجوية “بالغير مسبوقة من حيث الكمية والنوعية.” أن نظام الأسد واضح في تصوره أن الحل الوحيد هو الحل العسكري وسبق أن قال إنه سيغزو عسكريا آخر شبر من سوريا غير عابئا بما سيتبقى من البلاد في سعيه وراء الحل العسكري. وبدلا عن السعي إلى السلام، فإن روسيا والأسد يختارا الحرب. وبدلا عن المساعدة في تقديم المساعدات الإنسانية الملحة إلى المدنيين فهما يستهدفان قوافل الإغاثة الإنسانية والمستشفيات والمسعفين الذين يبذلون كل ما في وسعهم لإبقاء الناس على قيد الحياة.
ستجادل روسيا اليوم بدون أدنى شك أن المقصود بهذه الضربات هو الإرهاب وأن من قتلوا هم إرهابيون أو متعاطفون مع الإرهاب. هذا أمر سخيف. لننظر إلى الحقائق.
 ففي الـ 24 ساعة الأولى من هجومهم على حلب الشرقية، وأشدد على كلمة هجوم، نُفذت أولى الضربات الجوية في خضم الاجتماعات في نيويورك التي ادعت فيها روسيا إنها تريد إعادة الالتزام بوقف الاعمال العدائية – وضربت روسيا والنظام لا واحدة ولا اثنتين وانما ثلاثة من المواقع التي يستخدمها متطوعو الخوذ البيضاء في حلب الشرقية.

متطوعو الخوذ البيضاء هم أول من يهرعون بشجاعة الى مسرح التفجيرات لانتشال الناجين من وسط الركام. وهم ينقذون الأرواح كل اليوم بقيادة سيارات الإسعاف وعربات إطفاء الحرائق وان لم يتبقى شوارع لسير السيارات. انهم يهرعون على اقدامهم إلى البيوت والمدارس والمستشفيات والأسواق التي تضرب من قبل روسيا والأسد. ويستمرون في فعل ذلك بالرغم من علمهم أن النظام ينفذ بشكل روتيني “الضربات المزدوجة” سيئة الصيت وفيها يضرب هدفا ما ويتم الانتظار لوصول المسعفين لتشن ضربة أخرى على نفس الهدف.
لقد صدم العالم قبل شهر بحالة الذهول على وجه الطفل “عمران دقنيش” ذو الأعوام الخمسة وهو يجلس في خلف عربة إسعاف بعدما تعرض منزله للقصف. من أنقذه هم متطوعو الخوذ البيضاء. لكن بعد ضربات روسيا والأسد لهم في الأيام الأخيرة الماضية، القليل من الأطفال مثل عمر سيكتب لهم النجاة، وعلى الأرجح ان من دفنوا احياء تحت الركام سيلقون حتفهم هناك بدون منقذ.
 هدف آخر لضربات روسيا والأسد الأخيرة في بدايتها هو محطة اسالة “باب النيرب” حسب ما سمعنا وهي تزود المياه الصالحة للشرب إلى سكان حلب الشرقية. وبالنتيجة فبعد شهرين من قطع نظام الأسد لإمدادات الطعام والدواء والمساعدات الإنسانية على السكان في حلب الشرقية فانهم سيكونون عرضة للمرض والعدوى لشربهم المياه الملوثة وغير المعالجة. وبنفس الوقت أود أن أنوه أن المعارضة هي أيضا قامت بقطع امدادات محطة مياه قريبة تزود المياه لأكثر من 1.5 مليون نسمة في حلب الغربية، ونحن ندين هذا الفعل. لا ينبغي ابدا استخدام الماء كسلاح حرب، ولا يجب أن يضطر سكان حلب لشرب المياه التي ستجعلهم عرضة للأمراض في أي جانب من المدينة. هذا فعل فاحش.

 لا تزال حلب الشرقية تقبع تحت الحصار ونحن نجتمع هنا اليوم. والشيء الوحيد الذي يصل إليها هذه الأيام هي البراميل المتفجرة والمواد الحارقة التي افاد شهود عيان انها ترمى من قبل القوات روسيا والأسد. الحصار والضربات الجوية التي تشن بلا هوادة لها تأثير ساحق على السكان. حيث ان الوقود لمولدات الديزل التي هي المصدر الرئيسي للكهرباء بدأ ينفذ. وفي غضون أسبوع واحد لن تكون هناك طاقة كافية لصنع الخبز وبالكاد تستطيع المستشفيات التي انتقلت إلى الاقبية والمخابئ في محاولة لحماية مرضاهم من الضربات الجوية الروتينية ان تبقي الأضواء مشتعلة. وبسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي تعلم الأطباء اجراء عملياتهم بالاعتماد على اضاءة الهاتف النقال. وكل ضربة جوية تجلب لهم المزيد والمزيد من المدنيين الجرحى الا ان قدراتهم تتضاءل باستمرار مما يضطرهم الى معالجة القليل منهم.

انظروا إلى صور الناس في حلب الشرقية على المواقع الالكترونية في اليومين الماضيين. حيث يجلس السوريون بالممرات الملطخة بالدم. الرجال والنساء والأطفال يجلسون بملابس ممزقة في برك من الدماء في هذه المستشفيات الطارئة. وهناك الأطفال الفاقدين للوعي بانتظار ضخ الاوكسجين إلى صدورهم يدويا عندما تتعطل المولدات الكهربائية. وإذا تتطلب هؤلاء الضحايا معالجة خاصة، فلن يستطيعون الحصول عليها. والأسوأ من ذلك أنهم لا يستطيعون مغادرة حلب الشرقية. أنهم عالقون هناك بوحشية وعلى طريقة العصور الوسطى. ولقد قامت الأمم المتحدة بتأمين قافلة من شاحنات الإغاثة إلى هناك منذ أكثر من أسبوع، لكن الطريق ما زال مغلقا بسبب القتال ولا تستطيع الوصول إلى هذا الجحيم. روسيا بطبيعة الحل قادرة على إيقاف هذه المعاناة. وقد عملت الولايات المتحدة مع روسيا لثمانية أشهر مضنية للتوصل إلى ترتيب يتضمن إعادة الالتزام بوقف الاعمال العدائية. وفي الأسبوعين الاخرين بالتحديد، قامت الولايات المتحدة برعاية اجتماعين وزاريين للمجموعة الدعم الدولية لسوريا بهدف إيقاف العنف والرجوع الى أتفاق وقف الاعمال العدائية. وقد عملنا ذلك ليس لأن روسيا تتصرف بحسن نية في سوريا لأننا نعرف جيدا مثلما يعرف الجميع أن روسيا تقول باستمرار شيء وتفعل نقيضه. نحن فعلنا ذلك لأننا ندرك انه لن يكون هناك سلام في سوريا إذا بقت روسيا مصممة على مواصلة الحرب. ونحن نؤمن أن علينا أن نعمل كل ما في وسعنا لنجد طريقة لوقف العنف والمضي في طريق الانتقال السياسي، الذي هو الطريقة الوحيدة لإنهاء هذا الصراع. ولهذا السبب، سنواصل البحث عن أي طريقة لاستعادة الالتزام بوقف الاعمال العدائية. لكن من المنطق أن ندرك أن إيقاف الاعمال العدائية من جانب واحد لا يمكن أن يصمد.
لا يمكنك ان تشن هجوم عسكري واسع وتقول إنك تعمل من أجل السلام. قد يصلح هذا التصرف لروسيا اليوم، لكن لن يصلح عندما يتوفر للعالم كما هائلا من الأدلة عما تقوم به موسكو. جلس يوم الأربعاء الماضي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في هذه القاعة وأعلن إنه عندما يتعلق الأمر بسوريا فإن “روسيا دعت على الدوام الى حل سياسي خالص.” لكن عندما بدأ الهجوم كانت القوات الروسية والسورية في حقيقة الامر تحمل طائراتها بذخائرها الحارقة وبراميلها المتفجرة بينما كان الوزير لافروف يتحدث عن إحلال السلام.

وفي اليوم التالي، بعدما بدأ النظام وروسيا إمطار السكان في حلب الشرقية بالقنابل أخبر الوزير لافروف الصحفيين بانه “يجب الإبقاء” على خطط وقف الأعمال العدائية.” هذه هي الطريقة التي تتعامل بها روسيا من اجل “الحفاظ” باتفاق وقف الاعمال العدائية! وكما اسلفت الأمم المتحدة، بما في ذلك اليوم، هذه الضربات على الاحياء السكنية قد ترقى إلى جرائم حرب.

 روسيا اليوم مما لا شك فيه ستتهم الولايات المتحدة مجددا بانها سبب كل هذه الفوضى. وقد تلجأ روسيا إلى الإشارة إلى الضربة الجوية الوحيدة التي يبدو أن التحالف الدولي لمحاربة “داعش” قد ضرب فيها موقع عسكري سوري – وهي ضربة أقر بها على الفور وأحيلت إلى التحقيق المفصل. وستحاول روسيا على الارجح تحويل الانتباه عن أفعالها بالتذرع بأعمال الولايات المتحدة في مكان آخر في الماضي. لكن الامر المؤكد وأكرر المؤكد هو أن روسيا لن تقر اليوم أو في أي يوم آخر بمسؤوليتها عما تقوم به.

كونوا على يقين أن روسيا لن تقول الحقيقة.
زملائي الأعضاء في مجلس الأمن، احثكم الآن إلى النظر في الكلمات التي حضرتموها اليوم وأن تسألوا أنفسكم: هل ما سنقرأ اليوم يعكس الحقائق البشعة على الأرض؟
هل تتحدث بصراحة عمن هو مسؤول عن إطلاق هذا العنف المروع؟
هل سنشعر بالارتياح لو قرأنا هذه الكلمات في مجلس مكتظ بسكان حلب الشرقية المحاصرين من قبل قوات الأسد وروسيا؟
إن لم يكن الامر كذلك، فأنا احثكم على التحدث بشكل مباشر عن الواقع المرير في سوريا وعن الناس التي عليها أن تتجرع هذا الواقع هناك يوما بعد يوم. ليس هذا هو اليوم وليس هذا الوقت لإلقاء اللوم هنا وهناك واجترار المعادلات المزيفة. وليس هذا هو الوقت للتحدث بصيغة المبني للمجهول الشائعة هنا في مجلس الأمن.
ليس هذا هو الوقت للقول ان “ضربات الجوية قد نفذت” وان “مدنيين قتلوا.” لقد حان الوقت لنقول من قام بتنفيذ هذه الضربات الجوية ومن هو يقتل المدنيين
. أن روسيا تحتفظ مقعدا دائما في مجلس الامن الدولي. هذا هو امتياز ومسؤولية في آن واحد. الا أن روسيا في سوريا وحلب تسيء استخدام هذا الامتياز التاريخي.
وبالرغم أن أعضاء مجلس الأمن، وبالتأكيد الولايات المتحدة، لديها مصلحة عميقة في وجود علاقات بناءة مع الاتحاد الروسي، فإن التاريخ لن يرحم أولئك الأعضاء في سكوتهم بوجه هذه المذبحة. تريد أن تجعل روسيا من هذا المجلس “مكانا مقلوب رأسا على عقب” يوصف فيه قتل المسعفين وقطع الامدادات الإنسانية وتقديم الدعم لنظام قاتل بأنه محاربة للإرهاب.
 لنكن واضحين: هناك إرهابيون في سوريا، إرهابيون كثر، ولنا مصلحة جميعا في تدميرهم. فهم يشكلون خطرا على كل مواطنينا. ولهذا السبب، قامت الولايات المتحدة بقيادة تحالف من 67 دولة تمكن من استعادة 40% من المناطق استحوذت عليها “داعش” في العراق وسوريا، وفي كل أسبوع يحرر التحالف من المواطنين المساكين. ولهذا السبب قامت الولايات المتحدة بالتفاوض مع روسيا للوصول على الاتفاق الأخير، الذي أشار بوضوح إلى استعدادنا بالعمل معها لقتال “جبهة النصرة” و”داعش” في سوريا.

ليس على أحد أن يقنع الولايات المتحدة بالخطر الذي يشكل هؤلاء الإرهابيون. فمواطنينا هم عادة ضمن الأهداف الرئيسية لهم حول العالم. لكن عندما تروج روسيا للأكاذيب فعلينا أن نتحرك لتعريتها. ما ترعاه روسيا وما تفعله هو ليس مكافحة للإرهاب، وإنما صنفا من صنوف البربرية.
أسمحوا لي أن اختم هنا بذكر تلك الحادثة: في يوم الجمعة، ظهر شريط فيديو يصور اعقاب احدى الضربات الجوية العديدة الأخيرة في حلب الشرقية. وظهر في الشريط أحد السعفين وهو يحفر بين أنقاض فيما كان مبنى يوما ما، ويزيح قطع الكونكريت. ثم فجأة يسمع في الفيديو صراخا عاليا لطفل. كان هذا الطفل يقبع حرفيا تحت قطع الكونكريت والأنقاض. بعدها بدا المسعفون بالحفرة بشدة حتى ظهر رأس طفل صغيرة ترتدي قميصا ابيضا وازرقا. طفل تصرخ من الألم والرعب. وبالنهاية تمكن المسعفين من إزالة الأنقاض من حولها وسحبوه “روان” ذات الخمس سنين من تحت الركام وجسدها مغطى بالغبار.
مشاهدتها تخرج من تحت الركام كان اشبه بمعجزة. ومع ذلك، أفيد أن كل فرد من عائلة “روان” المباشرة قتل في تلك الغارة، بما في ذلك ابويها واشقائها الأربعة. جميعهم قتلوا. ماذا تبقى لـ “روان” في هذا العالم؟ ما هي فرصتها بدون عائلتها؟ وخصوصا من دون بادرة واحدة من مهاجميها لإظهار ذرة من التعاطف؟
عندما تتصاعد الهجمات العنيفة على المدنيين، وعندما تتداعى قواعد السلوك المتحضر الذي أفنينا 70 سنة في بناءها، وعندما تُوفر الحصانة الكاملة لاستهداف قوافل المساعدة والمدنيين والمناطق السكنية والأطفال والمستشفيات بدون عقاب، ما هي فرصة “روان” أو حتى فرصتنا في هذه العالم؟
يتكلم أحد المسعفين عن الهجوم القاسي في الأيام القليلة الماضية بالقول: “لا يعرف الناس ماذا يفعلون أو أين يذهبون. ليس هناك مفر. كما لو أن نهاية العالم قد حلت. انها حقا نهاية العالم. ما يحدث في حلب الشرقية، وبالتأكيد لطفلة مثل “روان” بسنواتها الخمسة وبفقدانها لجميع افراد عائلتها هو حقا نهاية العالم. وينبغي على هذا المجلس على أقل تقدير التحلي بالشجاعة وتحديد من هو مسؤول عما يحصل، وبصوت واحد يقول لروسيا أن تتوقف.

وشكرا.

 

 

 

وطن إف إم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى