كيري “محبط” من الوضع بسوريا ويشتكي عدم تلقي دبلوماسيته دعماً عسكرياً
أعرب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عن “إحباطه” لما وصل إليه الحال في سوريا التي تشهد حرب دامية منذ أكثر من 5 سنوات، شاكيا لمجموعة من السوريين التقاهم مؤخرا، بأن دبلوماسيته لا تتلقى دعماً عسكريا جادا، وذلك في تسجيل صوتي مسرّب حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وقالت الصحيفة إنها حصلت على تسجيل صوتي لاجتماع مغلق دام 40 دقيقة أجراه “كيري” مع مجموعة من السوريين، في مقر البعثة الهولندية بالأمم المتحدة، في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، بحضور 20 شخصاً، بينهم ممثلون عن أربعة مجموعات سورية (لم تسمهم) تعنى بتقديم خدمات تعليمية ومساعدات طبية في مناطق محررة داخل سوريا، إضافة إلى دبلوماسيين من ثلاثة أو أربعة دول (لم تحددهم)، إلى جانب مساعدين لكيري، وأكد صحته للصحيفة أكثر من شخص من الحضور.
وقال كيري بحسب التسجيل، الذي نشرت محتواه الصحيفة الأمريكية، إن دبلوماسيته لا تتلقى دعماً من موقف عسكري جاد، و”أعتقد بأنكم تنظرون إلى 3-4 أشخاص من الإدارة (الأمريكية) الذين جادلوا من أجل استخدام القوة، وقد خسرت الجدال”.
ويشير تسجيل النقاش، الذي عقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عقدت الأسبوع الماضي، إلى إحباط وعجز كيري عن إنهاء المسألة السورية، محاولاً الجمع بين إعلان تعاطفه مع إحباط السوريين من سياسة بلاده من جهة، وتبرير تلك السياسة من جهة أخرى، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وحاول كيري، في الاجتماع، أن يشرح بأن “واشنطن لا تمتلك مبرراً قانونياً لشن حرب على حكومة بشار الأسد، في حين، جاء الروس بدعوة من الحكومة”، مضيفاً “المشكلة تكمن في أن الروس لا يعبأون بالقانون الدولي، ولكننا نفعل”، على حد قوله.
وبحسب الصحيفة، فإن إحباط كيري ومعارضته لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كان يعتبر سراً إلى حد ما، لكنه في الحوار المسجل رثى الهزيمة من قبل الروس، مظهراً عدم رضاه عن بعض سياسات أوباما، وأن الكونغرس “لم يكن ليوافق على استخدام القوة أبداً”.
وشدد عدد من الحضور في الاجتماع على ما رأوه تناقضاً في السياسة الأمريكية، حيث عبرت تعليقاتهم عن الشعور المنتشر بالخيانة في الأوساط السورية، حتى بين الأكثر قرباً منها لواشنطن.
وفي هذا السياق، تساءلت امرأة من الحضور عن “الحد الأدنى” وعن “كم يتوجب أن يقتل من السوريين”، لإطلاق تحرك جاد، في حين كان رد كيري بأن “لا مبالاة الأسد بأي شيء قد تدفع الإدارة نحو خيارات جديدة، مضيفاً بأنه “يوجد حوار مختلف يدور حالياً” منذ القصف المكثف على حلب، وبعد انهيار المحادثات مع روسيا.
وتشن قوات الأسد والقوات الجوية الروسية حملة جوية عنيفة متواصلة على أحياء مدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة تسببت بمقتل وإصابة المئات من المدنيين بينهم نساء وأطفال، منذ إعلان النظام انتهاء الهدنة في 19 سبتمبر/أيلول الجاري (أبرمتها واشنطن وموسكو)، بعد وقف هش لإطلاق النار لم يصمد لأكثر من 7 أيام.
من جهة أخرى، قال الوزير الأمريكي، إن أي سعي لبلاده لتسليح الثوار أو مشاركتهم في المعارك ستكون له نتائج عكسية، مشيرا أن “تنظيمي داعش والقاعدة أعلنتا حرباً علينا، أما حزب الله (اللبناني الذي يقاتل بجانب قوات الأسد) فهو لا يتآمر ضدنا”، الأمر الذي يعني بأن واشنطن لن تتمكن من محاربته إلى جانب المعارضة السورية.
وأرجع كيري عدم المشاركة الأمريكية بالقتال ضد قوات الأسد، إلى “عدم رغبة الكونغرس بالتفويض لاستخدام القوة، وعدم إيمان الأمريكيين بأنه يتوجب علينا إرسال شبابنا ليموتوا في بلد آخر”، الأمر الذي علق عليه أحد الحضور بالقول: “لا نريد غزواً (..) الثوار بحاجة إلى المزيد من الدعم”.
وحاول كيري، بحسب الصحيفة، تحويل النقاش نحو فرص الحكومة الانتقالية في حل الأزمة، حيث تساءل “ألا يمكنكم أن تسألوا السوريين من يريدون؟ هل سيقولون الأسد؟”، مشيراً إلى إمكانية دعوة اللاجئين السوريين إلى التصويت، الأمر الذي سيجري بعيداً عن سطوة الأسد، الأمر الذي يعتبر اعترافاً بشرعية النظام في دمشق.
وفي معرض رده على تساؤله، قال “إذن تعتقدون بأن الحل الوحيد يكمن في أن يأتي أحد ويتخلص من الأسد؟ من سيقوم بذلك؟ (..) قبل ثلاث سنوات كنت سأجيب: أنتم، ولكن الآن لا أعلم”.
ويأتي هذا الحوار المسجل بعد أيام من إعلان انهيار الهدنة في سوريا، وإعلان الجانب الروسي رفضه القاطع للاقتراح الأمريكي الجديد لوقف قصف مدينة حلب، الذي سقط جراءه 338 قتيلاً، بينهم 100 طفل، بحسب بيان لمنظمة الصحة العالمية، الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول الماضي.
وبحسب الـ”نيويورك تايمز”، فقد رفض المتحدث باسم الخارجية، جون كيربي، التعليق على ما وصفه “حواراً خاصاً”، مضيفاً بأن كيري كان “سعيداً بفرصة الالتقاء بتلك المجموعة من السوريين والاستماع لاهتماماتهم، بالدرجة الأولى، ولإظهار تركيزنا المستمر على إنهاء هذه الحرب”.
يذكر أن عدداً ممن شاركوا في الاجتماع قالوا للصحيفة، إنهم خرجوا منه أكثر إحباطاً، وأكثر قناعةً بأنه ما من مساعدة يمكن انتظارها من إدارة أوباما.
وقال “مصطفى الصوفي”، مهندس مدني سوري، إن كيري قال للمعارضة السورية بشكل واضح “عليكم أن تقاتلوا من أجلنا، ولكننا لن نقاتل من أجلكم”، معلقاً: “كيف لأحد أن يقبل بذلك؟ إنه أمر لا يصدق”.
وطن إف إم / اسطنبول