نصر الحريري : لقاءات جنيف تقنية ولا تهدف لوضع دستور جديد لسوريا
قال رئيس وفد المعارضة السورية في مفاوضات جنيف، نصر الحريري، إن اللقاءات التقنية على هامش هذه المفاوضات لا تصيغ دستورا جديدا لسوريا، فهذا “حق أصيل للشعب السوري”، وإنما يدور الحديث فيها حول عملية وضع الدستور وجدولها الزمني، ضمن مبادئ عامة إرشادية للمرحلة الانتقالية.
الحريري، وفي مقابلة بمدينة إسطنبول التركية، أضاف أن “أحدا لم يناقش مسألة الدستور في اللقاءات التقنية، وإنما كانت هناك توافقات على مبادئ دستورية عامة، مثل وحدة سوريا واستقلالها والمساواة بين المواطنين، وغيرها”.
حديث الحريري جاء ردا على سؤال حول مضمون اللقاءات التقنية، التي سيطرت على مفاوضات الجولة الأخيرة “جنيف ٧”، التي انتهت في الرابع عشر من الشهر الجاري، موضحا أن “الحوار مع منصتي القاهرة وموسكو (تصنفان معارضة وفق دول بينها مصر وروسيا) قديم بهدف الوصول إلى مواقف سياسية مشتركة”.
** لقاء مقبل
كما تهدف اللقاءات التقنية، وفق رئيس وفد المعارضة السورية، إلى أن “يكونوا (الأطراف الأخرى) جادين بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤، وحلحلة القضايا الإشكالية، وقد ناقشت هذه اللقاءات بعض القضايا”.
ومضى قائلا إنه “تم بناء رأي مشترك تقني في بعض الأمور، منها مبادئ اللاورقة التي قدمها (مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان) دي ميستورا (في جولات سابقة هذا العام)، وتتحدث عن الشكل النهائي للدولة.. وهناك رأي مشترك على الشكل التقني، وهو عن العملية الدستورية”.
الحريري تابع أن “هناك قضايا لم نصل فيها إلى نقاط مشتركة، مثل البدء بالحديث عن القضايا الانتخابية، وقد شرعنا في مناقشة سلة الانتقال السياسي، والهيئة الانتقالية، ومصير (رئيس النظام) بشار الأسد، وهذا لم ننته منه بعد، وسيكون هناك لقاء تقني مقبل لمناقشة الأمر”.
ومنذ عام 2011 تطالب المعارضة بتداول السلطة، التي ورثها بشار الأسد، في يوليو/ تموز 200، إثر وفاة والده حافظ الأسد (1971– 2000)، وهو ما رد عليه بشار عسكريا، فاندلعت حرب أودت حتى الآن بحياة مئات الآلاف، أغلبهم مدنيين، وتسببت في نزوح ولجوء ملايين السوريين من أصل أكثر من 17 مليون نسمة، إضافة إلى دمار مادي ضخم، بحسب الأمم المتحدة.
** حق الشعب
وبشأن احتمال أن تسفر هذه اللقاءات عن دستور جديد، أجاب بقوله: “لا نتحدث عن دستور، لم يناقش أحد الدستور.. توجد نقاط توافق قليلة بين الجميع، بما فيهم الأمم المتحدة، ومنها أنه لا يحق للمجتمعين في جنيف مناقشة الدستور، فهو حق أصيل للشعب السوري، لا يجوز لأحداختطافه ومصادرته”.
وأردف: “نتحدث عن عملية وضع الدستور، والجدول الزمني لصياغة مسودة الدستور خلال الفترة الانتقالية، أي بعد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي.. نحاول الاتفاق على عدد من الخطوات، بحيث نضمن خلال ستة أشهر من بدء المرحلة الانتقالية، التوصل إلى مسودة دستور يتم الاستفتاء عليها والمصادقة عليها من الشعب السوري”.
وأوضح أن “هناك مجموعة مبادئ تناقش المرحلة الانتقالية، وهي مبادئ عامة تضيء لهذه المرحلة وتعطي تعريفا لها وتحدد شكلها وتنظمها، وهي ليست مبادئ فوق دستورية، وهي رهن لإرادة اللجنة التي ستضع الدستور مستقبلا إن أرادت أن تسترشد بهذه المبادئ في المرحلة الانتقالية”.
وعن المبادئ العامة التي تم التوافق عليها، أوضح الحريري: “تتحدت عن الإطار العام.. وحدة واستقلال سوريا، والحفاظ على الحريات، وعدم التمييز على أساس العرق ولا الدين، وكيفية النظر إلى مؤسسات الدولة، وهي مبادئ عامة دون الدخول في تفاصيل”.
** دور أممي قاصر
وردا على سؤال بشأن أن جولة المفاوضات السابقة لم تسفر عن شيء، أجاب الحريري بأن “الجولة الماضية تشبه الجولات السابقة، فنظام الأسد لديه حلفاء يقاتلون معه على الأرض، وحتى الآن يرفضون العملية السياسية ويعرقلونها، ولا توجد لديهم قناعة بضرورة الحل السياسي”.
وتابع بقوله: “للأسف لم تُمارس الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي دورا ضاغطا لإجبار نظام الأسد وحلفائه على القدوم إلى طاولة المفاوضات جديا، ومناقشة الانتقال السياسي للوصول إليه، وهذا هو السبب الذي جعلنا نقول إن هناك طرفا (المعارضة) لديه النية الكاملة والحقيقية للانخراط بالعملية السياسية وتشهد به الأمم المتحدة،
وطرفا آخر يتعنت ويرفض الدخول بهذه العملية؛ لعلمه مسبقا أنه سيكون الخاسر الأكبر من هذه العملية”.
وشدد على أن “الأمم المتحدة لا تستطيع التقدم في العملية السياسية دون وجود قوة دافعة دولية، وهي باتفاق روسي أمريكي، والعلة بروسيا وإيران، حيث تدعمان نظام الأسد وتقاتلت معه، فبدون تدخل دولي حقيقي لإحداث توازن، أو إجبار حلفاء الأسد على القبول بالعملية السياسية، سيبقى دور الأمم المتحدة قاصرا”.
وعن تركز الجولة الأخيرة على لقاءات تقنية دون لقاءات السياسية، قال رئيس وفد المعارضة إن “نظام الأسد رفض التقدم في سلة الانتقال السياسي، ونحن متفقون مع الأمم المتحدة على أن تنفيذالسلات الأربع (الحكم الانتقالي والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب) يهدف إلى الانتقال السياسي”.
ومستنكرا تساءل: “كيف يمكن التقدم بوجود طرف يرفض الانخراط في اللقاءات السياسية أو التقنية المجدية (؟!).. كان لقاء أول سياسيا ناقشنا فيه الحكم الانتقالي، ولقاء ثان ناقش السلة الأولى والرابعة في الإطار العام”.
** تفاؤل دي مسيتورا
وردا على سؤال حول تفاؤل دي ميستورا بتحقيق خرق في الجولة المقبلة، سبتمبر/ أيلول المقبل، قال الحريري إن “هناك تطورات ميدانية وسياسية.. الأولوية الأمريكية هي مكافحة الإرهاب، والحد من النفوذ الإيراني في سوريا، ومناطق خفض التوتر، ودعم عملية الاستقرار عبر عملة سياسية في سوريا”.
وكانت تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الضامنة لوقف إطلاق النار الجزئي الساري في سوريا منذ نهاية العام الجاري، اتفقت في العاصمة الكازخية أستانا، يوم 4 مايو/أيار الماضي، على إقامة “مناطق لخفض التوتر”، يتم بموجبها نشر وحدات من قوات الدول الثلاثة لحفظ الأمن في مناطق محددة بسوريا.
ومضى قائلا إن “الكل لديه قناعة بأن الإرهاب يمثل أولوية.. الإرهاب مورس على الشعب السوري من قبل نظام بشار الأسد، واستخدم فيه كل أنواع الأسلحة، وكذلك إرهاب مارسته إيران وميلشياتها ومرتزقتها وحزب الله اللبناني والعراقي وغيرهم، إضافة إلى تنظيمات داعش والقاعدة وكل ما ينضوي تحت لوائها”.
واعتبر الحريري أنه “لا يمكن الانتصار في معركة الإرهاب دون معالجة الأسباب التي أدت إلى ولادته، وأهم سبب، ويكاد يكون السبب الوحيد، هو نظام بشار الأسد ورأسه.. حتى نقول إن معركة مكافحة الإرهاب نجحت، يجب تحقيق الاستقرار السياسي، وهو لن يتحقق إلا عبر عملية انتقال سياسي واضحة منجزة وفق قرارات مجلس الأمن”.
وأضح أن “دي ميستورا ينتظر نتائج هذه التطورات، ومنها معركة مدينة الرقة ضد داعش، واتفاق خفض التوتر، الذي جرى في أستانا وحقق نجاحات، فضلا عن اتفاقات تُدرس لخفض التوتر في المنطقة الجنوبية، وهناك تحركات دولية لإنهاء الانسداد في مسار المفاوضات.. النتائج على هذه المسارات ستدفع العملية السياسية إلى الأمام”.
لكنه شدد على “ضرورة توافر إرادة دولية لإيجاد السبل اللازمة لقلب العملية السياسية، التي تراوح مكانها حاليا، إلى عملية سياسية حقيقية، وفق جدول زمني واضح، كما نصت عليه قرارات مجلس الأمن”.
** الدور الأمريكي المنتظر
وبخصوص الدور الأمريكي قال رئيس وفد المعارضة السورية: “ننتظر من الإدارة الأمريكية أن تكون صادقة، لا نريد فتح معارك عسكرية ضد داعش فقط، هذا مطلوب ولكن يجب أن تكون ضمن استراتيجية متكاملة تتألف من محاربة الإرهاب، ووقف إطلاق النار، ودعم عملية سياسية تحقق الانتقال السياسي”.
وحذر الحريري من أنه “إذا تم تجزئة هذه الاستراتيجية، والاكتفاء ببعض خطواتها، دون أن نمضي بالخطوات الأخرى، فستكون معطوبة، ولن تؤدي إلى النتائج المرجوة، وهذا سيكون واضحا قريبا”.
وحول جدية مسار جنيف، الذي شهد جولات عديدة لم تصل إلى حل سياسي للأزمة القائمة منذ أكثر من ست سنوات، أجاب بأن “معركتنا مع النظام شرسة وقاسية وحجم التضحيات كبير، وشعبنا مضحي ومعطاء وعظيم ومصمم على تحقيق اهدافه، وهو شعب يُفتخر به”.
وشدد الحريري على أنه “رغم أن العملية السياسية لم تؤت أكلها، إلا أنه لا يمكن وقفها أو الاستغناء عنها.. حتما ستأتي لحظة تنقلب فيها من عملية تراوح مكانها إلى عملية تتقدم وتسعى إلى تحقيق حلم الشعب السوري”.
وختم بأن العملية التفاوضية تمثل “أداة من أدوات الثورة.. نهدف إلى وقف معاناة السوريين في الداخل والخارج، وتحقيق الانتقال السياسي، ولن يكون للأسد ولا أركانه ولا رموزه أي دور في المرحلة الانتقالية”.
وطن اف ام / الأناضول