سياسة

مجلة أميركية تحمل الغرب مسؤولية إطالة أمد الحرب في سوريا

قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية، إن الساسة الغربيين يحملون مسؤولية تراجع الثورة السورية، من خلال مواقفهم التي اتخذوها منذ اندلاعها.

وقالت المجلة الشهيرة في تقريرها الذي ترجمته “هافينغتون بوست”، إن السياسيين الغربيين إذا كانوا يتساءلون لماذا لم يحققوا سوى القليل من أهدافهم في القضية السورية، فيجب عليهم أن يبدأوا بدراسة قراراتهم.

وأشارت إلى أن جرعة زائدة من التفكير المتفائل، سيطرت على النهج الغربي تجاه الثورة السورية منذ البداية، معتبرة أن السياسيين كانوا يبنون مواقفهم على ردود الفعل السياسية اليومية، بدلا من التركيز على الرؤية طويلة الأمد، والبراغماتية الموجهة نحو تحقيق النتائج المطلوبة للعمل نحو المساعدة الحقيقية بالحل في سوريا.

وركز أغلب السياسيين الغربيين اهتمامهم مبكرا، على فكرة أن القضية السورية لا يمكن حلها إلا إذا خلع بشار الأسد من السلطة، معتقدين حقاً أن النظام سوف يسقط في غضون وقت قصير نسبياً.

في حين توقع العديد من السفراء بالعاصمة دمشق رحيل الأسد في صيف 2012، حيث يرجع التقليل من شأن قوة الأسد بهذا الشكل الكبير، جزئياً، إلى الجهل وقصور المعرفة به، على جانب التفاؤل الذي كان في غير موضعه.

وأكدت المجلة، أنه لم يقدَّم للمعارضة دعم عسكري حقيقي يكفي لتركيع النظام، حتى عندما كان ذلك ضرورياً لتحقيق الحل السياسي الذي ادّعى الغرب أنه يريده.

حسب المجلة، إن الثورة السورية كانت محكومة بـ”الفشل”، طالما النظام ما زال يتلقى دعماً عسكرياً من حلفائه روسيا وإيران وميليشيا “حزب الله” اللبنانية.

وحتى عندما رُفع الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على توريد الأسلحة إلى سوريا، بعد أن أصرت المملكة المتحدة وفرنسا في عام 2013، لم يكن هناك أي تغيير كبير يتعلق بتسليح المعارضة، ليتضح لاحقا أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية لتسليح أي فصيل من فصائل المعارضة إلى الحد الذي يعطيه فرصة حقيقية لكسب المعارك ضد النظام، حتى المعارضة التي يغلب عليها الاتجاه العلماني.

وأثيرت تساؤلات عن أيٍّ من جماعات المعارضة الكثيرة ينبغي تسليحها، وبأي هدف، حيث إن الدول الغربية تريد بوضوحٍ، تجنُّب احتمال إنشاء ديكتاتورية إسلامية متطرفة، ولكن، هل كان هناك أي ضمان بأن الأسلحة المقدَّمة للآخرين لن ينتهي بها الحال في أيدي الإسلاميين والجهاديين، وهل كانت الأسلحة تهدف حقاً إلى المساعدة في إسقاط نظام الأسد؟ أم كان توفير تلك الأسلحة يهدف أساساً إلى مساعدة المعارضة في الدفاع عن نفسها؟ أو لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وجبهة النصرة، وغيرها من المنظمات الجهادية؟، تقول المجلة.

في سياق آخر، تقول فورين بوليسي، كان أحد الأسئلة المفتاحية التي دارت أثناء المناقشات حول سوريا هو: هل يجب تحقيق العدالة؟، كانت الإجابة نعم، ولكن بأي تكلفة؟ فمن السهل القول بأنه يجب محاكمة الأسد على جرائمه ضد الإنسانية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، إلا أن هذا لم يساعد على إيجاد حل؛ إذ إن احتمالية تَمكُّن الأسد من الخروج من سوريا حياً للخضوع لمثل هذه المحاكمة كانت غير واقعية.

لكن البعض اعتبر أن البعض أن الأسد سيبدأ في التفكير والتصرف بشكل مختلف بمجرد إدراكه احتمالية خضوعه للمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، إلا أن هذا كان محض تمنٍّ.

وتلفت أنه كان على المطالبة بتحقيق العدالة أن تكون جزءاً من جهود أوسع لإحلال السلام، بدلاً من التركيز فقط على المذنب في الجرائم التي ارتُكبت بحق السوريين في الماضي القريب. وكان يجب الوصول إلى حل سياسي قبل المطالبة بتحقيق العدالة، لا العكس.

واقعيا، أسهم الغرب في بناء توقعات خاطئة وأعطى المعارضة أملاً كاذباً بوجود المزيد من الدعم الغربي الذي لم يُقدَم ، فربما كانت دول الغرب عادلةً حين وصمت حكم نظام الأسد بعدم الشرعية، إلا أنها بذلك ضيَّعت مبكراً فرص لعبها دوراً بنّاءً في التوصل إلى حل سياسي، لكن السؤال الأبرز كان حينها أيٌّ كان له الأولوية العدالة الأخلاقية أم المساعدة في الوصول إلى حل؟.

تشير المجلة إلى أنه عندما اجتاح النظام وميليشياته، بعد 5 سنوات، الجزء الشرقي من مدينة حلب في كانون الأول 2016، الذي كان تحت سيطرة المعارضة لأكثر من 4 سنوات وكان ركاماً نتيجة لذلك، لم يفعل الجزء الأكبر من المجتمع الدولي شيئاً، بما في ذلك الدول الغربية ودول الخليج التي دعمت معظم قوات المعارضة المسلحة، سوى الوقوف مكتوفي الأيدي وإصدار البيانات التي لم تتجاوز الإدانة.

وتصر أنهم إذ كانوا عاجزين عن التدخل سياسياً أو عسكرياً، فلأنهم قد استبعدوا فعلياً أي تدخل عسكري في سوريا منذ أعوام عديدة ولم يعد لديهم أي نفوذ حقيقي على النظام الذي قطعوا علاقاتهم به قبل ذلك بأعوام، ولا على حلفائه الروس والإيرانيين كي يغيروا سياساتهم تجاه سوريا، فضلا عن أنهم لم يقدموا الدعم العسكري الكافي لمجموعات المعارضة، كي يتمكنوا من هزيمة النظام في حلب.

وفي عام 2012، كانت شخصيات بارزة بالمجلس الوطني السوري تستمرفي الحديث عن تفضيلهم التدخل العسكري، كما لو أنه خيارٌ واقعي، منوهة إلى أن القادة الإقليميين كانوا يطمئنون المعارضة بأن التدخل ضد الأسد قادم لا محالة، من قِبل الولايات المتحدة التي اعتادت لعقودٍ، فرد عضلاتها بالمنطقة.

لكن الأمر استغرق وقتاً طويلاً قبل أن يبدو جليا للمعارضة، أنهم صاروا ضحيةً للتوقعات الخاطئة التي تسبب بها ما أُطلق عليهم أصدقاء سوريا في الغرب، الذين لم يريدوا أن يواجهوها علانية، والذين تسببوا هم أنفسهم فيها، في ظل حقائق الموقف.

وطن اف ام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى