هل من آمال في نجاح محادثات جنيف حول سوريا ؟!
يبدو أن من المستبعد تحقيق انفراجة في الجولة الجديدة من محادثات السلام الخاصة بسوريا و المدعومة من الأمم المتحدة، والمقررة هذا الأسبوع في جنيف، إذ يواصل بشار الأسد العمل على تحقيق نصر عسكري شامل بدعم روسي إيراني، بينما يتمسك الثوار برحيله عن السلطة.
ولم تنجح سبع جولات سابقة في إحراز التقدم المأمول.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، الاثنين، إن حكومة الأسد لم تؤكد حتى الآن أنها ستحضر الجولة الثامنة من محادثات السلام في جنيف، لكنه أشار إلى “أننا سوف نتلقى إفادة منهم قريبا”.
وقال دي ميستورا لمجلس الأمن الاثنين: “تلقينا الليلة الماضية رسالة مفادها أن حكومة الأسد لن تتوجه إلى جنيف اليوم. نأمل بالطبع، ونتوقع حقيقة أن تتوجه الحكومة (إلى جنيف) خلال فترة وجيزة”.
وقالت صحيفة الوطن الموالية لنظام الأسد، الاثنين، إن وفد الحكومة ( حكومة الأسد) أرجأ السفر إلى محادثات السلام في جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، والمقرر أن تستأنف اليوم الثلاثاء؛ بسبب إصرار المعارضة على رحيل الأسد.
وينظر نظام الأسد وحلفاؤه إلى هذا الموقف باعتباره لا يمت للواقع بصلة بعد الانتصارات المتوالية التي تحققت منذ دخول روسيا الحرب في عام 2015. ما اضطر الثوار إلى الخروج من المدن الكبرى.
قال نصر الحريري، رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات المشكل حديثاً، في تصريحات له الاثنين، إن وفد المعارضة في محادثات السلام يستهدف الإطاحة ببشار الأسد، لكنه يعتزم الدخول في مفاوضات جادة ومباشرة مع وفده.
ودعا الحريري القوى العظمى -خاصة روسيا- إلى الضغط على حكومة الأسد؛ لإجراء مفاوضات حقيقية بشأن انتقال سياسي يعقبها دستور جديد وانتخابات حرة، وفقا لخريطة طريق الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أعوام.
وقال الحريري للصحفيين بعد وصوله إلى جنيف للمشاركة في جولة محادثات ترعاها الأمم المتحدة، من المقرر أن تبدأ الثلاثاء: “نؤكد أن الانتقال السياسي الذي يحقق الإطاحة بالأسد في بدايته هو هدفنا”.
وأضاف: “هدفنا في المفاوضات هو رحيل بشار الأسد منذ بداية الانتقال”.
وقال الحريري: “ليس لدينا آمال عظيمة. يستخدم النظام أساليب المماطلة لعرقلة تحقيق تقدم نحو حل سياسي، في وقت تأتي فيه المعارضة بوفد موحد”.
وأضاف: “روسيا…هي الكيان الوحيد القادر على جلب النظام إلى مائدة المفاوضات”.
وقال مستشار كبير للأسد، الأسبوع الماضي، إن المحادثات لن تنجح إذا لم تتخل المعارضة عن سلاحها.
وقال نيكولاس فان دام، وهو دبلوماسي هولندي سابق ألف كتابين عن سوريا: “لا يمكنك توقع الكثير”.
وأضاف: “النظام لا يرغب في التفاوض بجدية. يريدون الدخول مجددا إلى كل شبر من الأراضي السورية ثم يتفاوضون. لكن لن يكون لقوى الثورة حينئذ شيء تتفاوض عليه”.
وأسفرت الحرب التي يقودها الأسد- والتي دخلت عامها السابع- عن استشهاد مئات الآلاف من السوريين، وعن أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، إذ أسفرت عن نزوح 11 مليون شخص. وانهارت كل المبادرات الدبلوماسية السابقة؛ بسبب مطالبة الثوار برحيل الأسد، ورفض الأسد لذلك.
وجاءت إلى سوريا قوات من روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة وميليشيات شيعة من لبنان والعراق وأفغانستان.
ومنذ أوائل العام الحالي، خاضت روسيا مسارا دبلوماسيا موازيا جمعت بموجبه إيران الحليفة الرئيسية للأسد مع تركيا، التي كانت إحدى أكبر القوى الداعمة للثوار.
وستشهد روسيا العام المقبل انتخابات، ويريد رئيسها فلاديمير بوتين إظهار تقدم باتجاه اتفاق سياسي بعد مرور عامين على مشاركة القوات الروسية في أعمال قتالية بعيدا عن أراضيها. وأعلنت موسكو أنها ستعيد عددا كبيرا من قواتها الموجودة في سوريا بحلول نهاية العام الحالي.
لكن بوتين ربما يسعى أيضا للترويج لتقدم دبلوماسي، واضعا نصب عينيه دول الغرب، حتى ترفع عنه تلك الدول بعضا من الحمل باهظ التكلفة لمرحلة إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، والتي ستتحملها على الأرجح روسيا وإيران والصين.
وقال وزراء خارجية غربيون، في أيلول/ سبتمبر، إن دعم بلادهم سيتوقف على “عملية سياسة موثوق بها تؤدي إلى انتقال سياسي حقيقي”، وهي عملية قالوا إنها تتطلب مشاركة المعارضة.
وقال فان دام: “روسيا ترغب في (أن ترى) نهاية للحرب، لكنها تريد أن تحافظ على حلفائها. وبناء على ذلك ما هو الحل الوسط الذي سيكون مقبولا للمعارضة وللدول الأخرى؟ هذا ليس واضحا بالنسبة لي”.
تخطط موسكو لعقد مؤتمر سوري – سوري يجمع نظام الأسد وبعض جماعات الثورة؛ لصياغة دستور جديد يفضي إلى إجراء انتخابات.
ورفضت المعارضة السورية الرئيسية هذه الفكرة، قائلة إن كل المحادثات ينبغي أن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة.
لكن حكومة الأسد عبرت عن دعمها لهذا المؤتمر، وكذلك تركيا التي تمتلك بعض النفوذ على قوى الثورة في شمال غرب سوريا.
وقال مسؤول كبير في المنطقة موال للأسد: “هناك تسريع بالحل السياسي على أساس سوريا موحدة يرأسها بشار الأسد. نعمل تعديلات في الدستور، ونعمل تعديلات في قانون الانتخابات”.
وأعلن نظام الأسد الأحد دعمه لتشكيل لجنة لمناقشة مواد الدستور الحالي من المتوقع أن تتشكل خلال مؤتمر روسيا. كما رحب بمشاركة الأمم المتحدة في الانتخابات التشريعية التي ستجري بعد مناقشة مواد الدستور.
وقال أندرو تيبلر، المتخصص في الشأن السوري في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “في النهاية هدف روسيا هو تصوير الانتصار العسكري المحدود لنظام الأسد والإيرانيين في سوريا على أنه نصر دبلوماسي”.
وأضاف: “ولكون النظام والإيرانيين لا يمتلكون القوة البشرية التي تؤهلهم لاستعادة السيطرة على كامل سوريا أو إعادة بنائها، فهم بحاجة لدعم دولي”. وقال: “لا أعتقد أن الأمر سيكون يسيرا بالنسبة لهم؛ لأن الولايات المتحدة وآخرين يعلمون بما يسعون لتحقيقه”.
وقال رمزي عز الدين رمزي، نائب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا في دمشق، السبت، إن جولة محادثات السلام في جنيف هذا الأسبوع ستركز على مسألتي الانتخابات والدستور.
وأكد دي ميستورا، الاثنين، أن المفاوضات ينبغي أن تتم في جنيف دون أي شروط مسبقة، وأن “أي مبادرات أخرى ينبغي أن تدعم عملية الوساطة (التي تنفذها) الأمم المتحدة”.
وبعد استعادة آخر معقل رئيسي للثوار في شرق حلب العام الماضي، وإحراز تقدم في وسط سوريا وشرقها ضد تنظيم الدولة هذا العام، صار نظام الأسد يسيطر على مساحة من الأراضي أكبر من الأراضي التي تسيطر عليها أي قوة أخرى.
لكن لا تزال فصائل الثوار مسيطرة على منطقة في شمال غرب سوريا قرب الحدود التركية، وعلى شريط في جنوب غرب سوريا قرب الجولان المحتل والأردن. كما تسيطر فصائل الجيش الحر على جيوب أخرى قرب دمشق وحمص.
وتسيطر جماعات كردية وفصائل عربية حليفة تدعمها الولايات المتحدة على شمال شرق البلاد، حيث تجري انتخابات للمجالس المحلية هذا الأسبوع، في مسعى لتعزيز حكمها الذاتي.
ولم توجه دعوة للميليشيات الكردية للمشاركة في محادثات جنيف، وتعتبرها تركيا المجاورة لسوريا امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمردا ضد أنقرة منذ ثلاثة عقود وتصنفه على قوائم الإرهاب.
وتعهد الأسد باستعادة كامل الأراضي السورية، وأوضح مسؤولون إيرانيون زائرون أن حملات عسكرية جديدة ربما سيجري شنها قريبا ضد الثوار والأكراد.
وطن اف ام / رويترز