سياسة

الرد الأمريكي .. هل من ضربة مرتقبة ؟

كل أنظار العالم تتوجه نحو القطب الأمريكي الممثل بالفيل الجمهوري وعلى رأسه الرئيس دونالد ترامب بخصوص القرار الذي سيتخذه سيد البيت الأبيض رداً على الهجمات الكيميائية التي نفذها نظام الأسد والتي استهدفت مدينة دوما في الغوطة الشرقية وراح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات المصابين بحالات اختناق أغلبهم أطفال ونساء.

ولكن هل سينفذ ترامب وعوده أم ستبقى مجرد تصريحات وتغريدات على موقع تويتر الذي بدأ به التعليق على مجزرة دوما واصفاً بشار الأسد بالحيوان للمرة الثانية وأنه لا يمكن أن يستخدم الكيماوي دون علم إيران وروسيا، محذراً أنه سيدفع ثمناً غالياً على استخدامه للسلاح المرهون بخطوط أمريكية حمراء منذ عهد أوباما.

باب مجلس الأمن

كعادتها تطرق أمريكا باب مجلس الأمن أولاً ثم تنفذ ما تريد خارجه إن لم تصل لقرار يناسبها.

فقد قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة تدرس ردا عسكريا جماعيا على ما يشتبه بأنه هجوم بغاز سام في سوريا، بينما أدرج خبراء منشآت عدة رئيسة كأهداف محتملة، وفق ما نقلته وكالة أنباء “رويترز”.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعهد برد قوي الاثنين، قائلا إن القرار سيُتخذ سريعا.

وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة أمس الاثنين، لبحث الهجوم الذي شنه نظام الأسد بالسلاح الكيماوي على بلدة دوما في الغوطة الشرقية.

واتهم المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا فصيل “جيش الإسلام” بتنفيذ عمليات القصف بالغاز بناء على تعليمات “مموليه” لاتهام حكومة الأسد” بالوقوف وراءه.

وأضاف: “عثرنا على معمل لتصنيع الأسلحة الكيماوية يتبع جيش الإسلام في الغوطة الشرقية”.

وقال نيبينزيا إن فرق “الخوذ البيضاء” (الدفاع المدني) فبركت عمليات القصف عبر مقاطع فيديو تظهر أسطوانات غاز لم تنفجر.

ولم يكشف المسؤولون الأمريكيون الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم عن أي خطط، لكنهم أقروا بأن الخيارات العسكرية قيد التطوير.

ورفض البيت الأبيض ووزارتا الدفاع (البنتاغون) والخارجية الأمريكيتان التعليق على خيارات محددة أو ما إذا كان العمل العسكري محتملا.

ونقلت “فرانس برس” عن أحد الدبلوماسيين الأمريكيين قوله إن “العالم ينتظر من مجلس الأمن أن يتحرك، والولايات المتحدة أخذت بعين الاعتبار العديد من الملاحظات الروسية في مشروع قرارها”.

كما أشار إلى أن واشنطن “مستعدة للعمل مع كل أعضاء مجلس الأمن للتوصل إلى توافق”، ولكنها “بحاجة للتحرك سريعاً بهذا الشأن”.

وأفادت مصادر دبلوماسية عديدة بأنه إثر انتهاء الجلسة العلنية الطارئة التي عقدها مجلس الأمن بشأن سورية الإثنين، والتي أعقبتها مشاورات مغلقة، أعربت الولايات المتحدة عن رغبتها بأن يتم التصويت على مشروع قرارها اليوم الثلاثاء.

ونشرت جريدة العربي الجديد مشروع القرار، الذي وزعته الولايات المتحدة والسويد أمس ، إذ يطالب حكومة الأسد بالتعاون، وبشكل تام، مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، مذكراً بالفقرة السابعة من قراره رقم 2118.

ويشير إلى أن ذلك التعاون يشمل “الامتثال للتوصيات ذات الصلة الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، بقبول الأفراد المعينين من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو الأمم المتحدة، وتوفير وضمان الأمن للأنشطة التي يقوم بها هؤلاء الأفراد، من خلال تزويدهم بوصول فوري، ومن دون قيود، من أجل التفتيش وأداء وظائفهم، في أي موقع، والسماح لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالوصول الفوري وغير المشروط للأفراد الذين تعتقد أن لهم أهمية في تزويدها بالمعلومات”. وهذا يشمل “تزويد آلية التحقيق بخطط وسجلات الطيران وأي معلومات أخرى عن العمليات الجوية للقوات المسلحة السورية، بما في ذلك جميع خطط الطيران أو سجلات الطيران للسابع من إبريل /نيسان 2018”.

كما ينص المشروع على تزويد آلية التحقيق بأسماء “جميع الأفراد الذين يتولون قيادة أي سرب طائرات مروحية تابعة للقوات المسلحة السورية أو أسراب الجناح الثابت”.

إضافة إلى ذلك، يُطالب المشروع بـ”ترتيب الاجتماعات المطلوبة، بما في ذلك مع كبار ضباط القوات المسلحة السورية، أو ضباط آخرين، في غضون مدة لا تزيد عن خمسة أيام من التاريخ المطلوب فيه هذا الاجتماع، وتوفير إمكانية الوصول الفوري إلى القواعد الجوية التابعة للقوات المسلحة السورية ذات الصلة، والتي تعتقد الأمم المتحدة أو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن الهجمات انطلقت منها”.

كما يشير إلى إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأن بعثة تقصي الحقائق التابعة لها بصدد جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بهذا الحادث من جميع المصادر المتاحة، وستقدم تقريراً إلى المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بحسب العربي الجديد.

عسكرة التهديد

كل التهديدات السياسية والوعود والخطابات والشجب والشتائم واللعنات والاستنكارات الدولية لم تفلح على مدار سبع سنوات مع نظام الأسد إذ استخدم الكيماوي ( السارين) مع وضع الخط الأحمر في 2013 زمن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وتم سحب السلاح بحسب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تماماً عام 2016 ، فيما عاد لاستخدام السارين مجدداً بعد وصول دونالد ترامب لسدة الحكم بثلاثة أشهر عام 2017 بخان شيخون شمال سوريا. وتم توجيه ضربة عسكرية أمريكية خاطفة على مطار الشعيرات بريف حمص والذي أعيد تأهليه وكأن شيئاً لم يكن.

يتوقف احتمال توجيه ضربة أميركية لنظام الأسد -وفق محللين- على اعتبارات عديدة، من بينها تقديرها لحجم ونوعية الغاز المستخدم في دوما، وتوقع مستوى رد الفعل الروسي سياسيا وعسكريا بالذات، فضلا عن مستوى التوافق على خيار من هذا القبيل داخل إدارة ترمب نفسها.

فإن استخدم نظام الأسد السارين سيتم توجيه ضربة عسكرية ولكن ما مدى قوتها وأثرها .. حتى الآن غير معروف تماماً أما إن كان المستخدم هو غاز الكلور فلن يتم توجيه ضربة، بحسب ما أكده الخبير الاستراتيجي مأمون أبو نوار.

وتتراوح الخيارات العسكرية المطروحة بين ضربة خاطفة ومواجهة شاملة مع نظام الأسد وداعميه في سوريا. وبينما لا يتوقع أحد أن تلجأ أو تسمح الإدارة الأميركية بانزلاق الأمور نحو مواجهة شاملة في سوريا، فهي أبعد ما تكون عن خيار من هذا القبيل، لا يستبعد مراقبون أن تقوم بضربة خاطفة يرجح أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد أن تكون محدودة مثل ما جرى بعد خان شيخون ، حسب موقع الجزيرة نت.

وبينما يرى ماجد أنه ليس من الوارد أن تسعى الولايات المتحدة لتعديل موازين القوى داخل سوريا، لا يستبعد أن تقوم بخطوات أخرى تعقّد الحل السياسي الذي تسعى إليه روسيا من أجل ترجمة انتصارها العسكري إلى نتيجة سياسية.

ويضيف أنه مع ذلك إذا ذهبت واشنطن نحو مواجهة واسعة وأرادت أن تظهر للعالم أنها قادرة على تغيير الأوضاع في سوريا، رغم الحضور الميداني الروسي الإيراني، فيمكن لقوتها العسكرية أن تفعل الكثير، ولكن إذا بقي رد فعلها في إطار محدود مثل ما جرى المرة الماضية بعد خان شيخون فلن يكون هناك تغيير جذري بميزان القوى في سوريا.

هل من شريك لترامب في حملته ؟

يبدو أن التحرك العسكري الأمريكي سيصاحبه تحرك من بعض دول أوربا.

فقد قالت وزيرة التنمية الدولية البريطانية بيني موردونت اليوم الثلاثاء إن الحكومة البريطانية تبحث التدخل العسكري مع حلفائها في سوريا ردا على الهجوم الكيماوي ” المزعوم” بحسب رويترز.

وأضافت الوزيرة “هذه الوحشية غير مقبولة، وبصرف النصر عما قد نقوم به لمحاسبة المسؤولين عن ذلك في المستقبل، فإن ما يشغلني بشكل أساسي هو ألا تتكرر هذه الفظائع المروعة، وأن نفعل كل شيء في استطاعتنا لحماية الرجال والنساء والأطفال المستهدفين”.

من جانبه أكد رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق طوني بلير، أن “تيريزا ماي “رئيس وزراء المملكة المتحدة، لا تحتاج إلى السعي للحصول على موافقة البرلمان قبل اتخاذ إجراء ضد بشار الأسد، حسبما ذكرت صحيفة “تليغراف البريطانية”.

وحذر رئيس الوزراء السابق، من أن الفشل في اتخاذ إجراء ضد نظام الأسد وحلفائه في أعقاب هجوم كيميائي مشتبه به في دوما لن يجعلهم يشعرون بالرغبة في قيام المزيد من الهجمات.

ترامب يعتكف في البيت الأبيض !

أفاد البيت الأبيض اليوم الثلاثاء أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن يحضر قمة أمريكا اللاتينية هذا الأسبوع للتركيز على “الأزمة السورية”.

وكان من المقرر أن يسافر ترامب إلى بيرو، الجمعة، لحضور القمة ثم يزور كولومبيا.

وقالت سارة ساندرز المسؤولة الإعلامية بالبيت الأبيض في بيان: “بناء على طلب الرئيس سيسافر نائبه بدلا منه. سيبقى الرئيس في الولايات المتحدة لتوجيه رد الفعل الأمريكي إزاء سوريا ومتابعة التطورات حول العالم”.

من الممكن

ستوجه أمريكا ضربة عسكرية محدودة ضد نظام الأسد تشمل مطارات عسكرية ربما بينها الضمير بريف دمشق؛ لأن الطائرات التي قصفت دوما بالسلاح الكيماوي انطلقت منه، ولكن قد يكون نظام الأسد وبتوجيه روسي قد أفرغ المطار من أهم الطائرات والمقاتلات الحربية والضباط وأبقى فيه بعضاً من الطائرات المتهالكة والقديمة.

كما يمكن لأمريكا أن تستهدف تجمعات لضباط من جيش الأسد شاركوا في العملية أو ضبطوا إيقاعها، ولكن من المستبعد أن يستهدف ترامب رأس النظام بشار الأسد لأنه ضمن الحماية الروسية وقد يكون ضمن إحدى القواعد التي من المستحيل استهدافها وإشعال فتيل حرب فوق كلامية أو فوق دبلوماسية مع الروس.

التكتيك الأمريكي خلال السنوات السابقة لم يتجاوز حدود السيطرة على منابع الطاقة والثروات في الشمال الشرقي من سوريا حيث الماء والنفط والزراعة، وبذلك أبقت أمريكا للروس والإيرانيين سوريا المفيدة على المياه الدافئة ، فيما تركت للأتراك وبشق الأنفس بُعدهم الاستراتيجي والطبوغرافي في ريفي حلب ادلب شمال سوريا، فيما انتزعت دولة “إسرائيل” بتعاون أردني أجزاء كبيرة من الجنوب السوري سياسياً.

فهل تغير أمريكا من المناورة المحدودة إلى السيطرة الأكبر ؟ الأيام القادمة كفيلة.

عبد الناصر القادري – وطن اف ام 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى