محللون : رد “حزب الله” على الضربة الإسرائيلية في القنيطرة سيكون “محدودا”
قال محللون سياسيون وعسكريون إن رد “حزب الله” على الغارة الإسرائيلية الجوية التي قتلت 6 من قادته وعناصره، بالإضافة إلى ضابط إيراني كبير في منطقة القنيطرة الحدودية، سيكون “محدودا”، ومعتمدا على حسابات مرتبطة بإيران وسوريا.
ونعى “حزب الله” مساء الأحد الماضي، ٦ قتلى من عناصره، سقطوا بغارة قال إنها إسرائيلية في القنيطرة، جنوب غربي سوريا، بينهم قائد ميداني وكذلك جهاد عماد مغنية، نجل القيادي العسكري الأبرز للحزب عماد مغنية، الذي اغتيل بدمشق في شباط/ فبراير 2008. ورفض وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، التعقيب على ذلك الاتهام.
وحذر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المقرب من “حزب الله”، قاسم قصير من أن “أي رد كبير (من قبل حزب الله) سيعني تدهورا عسكريا كبيرا”، وأوضح أن “أي رد يجب أن يأخذ بالاعتبار الرد الإسرائيلي المقابل.. فهل من مصلحة حزب الله اشعال حرب مفتوحة في لبنان أو سوريا؟”.
ولفت قصير إلى أن “الرد لن يكون تقليديا لأن من استهدفهم الإسرائيليون ليسوا مجرد مقاتلين بل عددا من كوادر الصف الأول”، وأضاف “لا يجب أن يتأخر واتوقعه (الرد) خلال أسبوع”.
وفيما أكد أن “حزب الله لا يستطيع إلا أن يرد على هذه الضربة”، قال: “للرد له اشكالا متعددة، ويجب على حزب الله الاخذ بالحسبان أنه لا يعمل في فضاء منعزل وهناك حسابات ترتبط بسوريا وإيران”.
ومن بين سيناريوهات الرد، قال قصير “لا استبعد ردا في مزارع شبعا (اللبنانية المحتلة جنوب شرق البلاد) أو الحدود اللبنانية أو عبر اطلاق صواريخ من الجولان لكن ضمن حسابات دقيقة”، معتبرا أن “الوضع الداخلي بالنسبة لحزب الله أفضل من قبل في ظل الحوار مع تيار المستقبل (الممثل الأبرز لسنة لبنان) ما سيشجعه على هجوم أوسع ضد إسرائيل إذا اضطر الأمر، لكنه سيأخذ بالاعتبار حساب جمهوره أيضا في حال نشوب أي حرب”.
وربط قصير الضربة الإسرائيلية بالانتخابات العامة، وأوضح: “نعرف عادة أن القادة الإسرائيليين قبل الانتخابات يسعون للتصعيد العسكري أو الميداني سواء ضد لبنان أو غزة أو استهدافات داخل سوريا.. لأن من يمسك بزمام القرار يريد تعزيز موقعه الانتخابي”.
ولفت إلى توقيت الضربة التي “جاءت بعد يومين من خطاب لـ (أمين عام حزب الله حسن) نصرالله”، مؤكدا أن إسرائيل ارادت منها “القول إنها تمتلك زمام المبادرة العسكرية”.
وكان نصرالله قال في تصريحات تلفزيونية قبل 3 أيام من ضربة القنيطرة، أن “الغارات الإسرائيلية على أهداف عدة في سوريا خلال السنوات الماضية، هي استهداف لمحور المقاومة، والرد عليها أمر مفتوح وقد يحصل في أي وقت”.
من جهته، قال الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد، هشام جابر، إن “الرد محسوم من قبل حزب الله لأن الضربة موجعة كثيرا، لكن لا نعرف أين ومتى وكيف؟، فالحزب لم يقرر بعد ويدرس الرد بدقة”.
ورأى جابر أن رد الحزب “لن يكون عبر الحدود من لبنان، بل عبر شبعا أو من خلال عملية استشهادية أو من خلال الطيارات من دون طيار التي يملكها الحزب”.
لكن جابر، رئيس مؤسسة الشرق الاوسط للدراسات والعلاقات العامة، شدد على أن رد الحزب “لن يكون ردا انفعاليا او ثوريا، فلا اتصور أن يرد بصاروخ من جنوب لبنان”.
ولفت إلى أنه “من غير الممكن ضمان عدم تطور الأمور إلى مواجهات مفتوحة إذا حصل رد”، لكنه أكد أن “الفريقين (حزب الله واسرائيل) حريصان على عدم تطور الأمور نحو حرب اقليمية”، موضحا أن الحزب “لا ينوي فتح جبهة في جنوب لبنان ولا تريد اسرائيل ذلك، فاكتساب نتينياهو لشعبية قبل الانتخابات لا يحتاج لتصعيد واسع من هذا النوع”.
وربط جابر الضربة بـ “الانتخابات الاسرائيلية التي ستجري بعد نحو شهرين والمفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة خصوصا أن نتنياهو خسر الكثير من النقاط في الحرب الأخيرة ضد غزة، وهو يريد التعويض”، مضيفا أن إسرائيل “منزعجة” بالتأكيد من أي تقدم في المفاوضات النووية بين إيران والغرب.
وقال جابر، ردا على سؤال استهداف إسرائيل قادة “حزب الله” في سوريا وليس في لبنان، “صحيح أن إسرائيل لديها معلومات عن قيادات حزب الله في لبنان وأماكن تواجدهم، لكنها تتجنب استهدافهم في لبنان لأنها تخاف من التداعيات؛ بسبب سياسة الردع المتبادلة بينها وبين الحزب والتي يؤكد عليها نصرالله في كل خطاباته”.
وأضاف أن ما سهّل الضربة في سوريا أن الاسرائيليين “معتادون أن يضربوا أهدافا في سوريا من دون أن يتلقوا أي رد، وبالتالي عندما وصلتهم معلومات عن وجود المجموعة القيادية من الحزب ارسلوا طائرة من دون طيار للتأكد من المعلومات وبعد أقل من ساعة ارسلوا مروحية ونفذوا الاعتداء”.
وتابع جابر أن “حزب الله غير موجود في منطقة حوران (جنوب سوريا) ولا انتشار عسكري للحزب في القنيطرة والمجموعة التي استهدفت كانت للاستطلاع فقط”.
وفي نفس السياق، قال صقر أبو فخر، الباحث في الشؤون الفلسطينية والاسرائيلية: “برأيي حزب الله لن يرد وهو يتمهل للنظر في النتائج المحتملة لأي رد قد يقوم به”.
وأضاف: “بالتالي يد حزب الله مغلولة” بالنسبة للرد على هذه الضربة.
واشار أبو فخر في الوقت نفسه إلى أن “حزب الله بحاجة إلى التصعيد لأنه صحيح أن الضربة العسكرية ليست كبيرة بمعنى أن عدد القتلى ستة، لكنها كبيرة من الناخية المعنوية ومكان حصولها” في سوريا.
واستبعد أبو فخر أي رد لـ “حزب الله” في جنوب لبنان أو الجولان أو حتى في الخارج. وأضاف: “حتى إذا حصل رد فإنه لن يكون كبيرا”، ورأى أن “تصعيد حزب الله سيكون كلاميا من دون اشتباك”.
وقال إنه على الرغم من أن هذه الضربة “هي مسألة لها طابع أمني محض ونفذت بغض النظر عن الانتخابات الإسرائيلية واتت نتيجة معلومات استخبارية توفرت لإسرائيل بعد رصد صيد ثمين، لكن بالطبع يمكن استغلالها لاحقا في الحملة الانتخابية الاسرائيلية”.
الاناضول