سياسة

صحف عبرية .. موت الجنرال الإيراني سيُعقد الوضع

إن اغتيال قادة حزب الله في هضبة الجولان أول أمس يأخذ الآن منحى آخر. إن الاعلان الايراني في يوم الاثنين عن موت الجنرال من حرس الثورة، محمد علي الهادي، في هجوم نُسب إلى اسرائيل، يُدخل إلى قلب التوتر القائم بين اسرائيل وايران ليس فقط حزب الله. فجهاد مغنية لم يكن الشخصية الكبيرة التي قُتلت في هذا الهجوم، بل ايضا الجنرال الايراني الذي هو مساعد لقاسم سليماني، وهو قائد «جيش القدس» في الحرس الثوري الايراني والشخص المسؤول عن نشاطات الارهاب والمخابرات الايرانية في الخارج. ومغنية الابن هو بالمقارنة مع هذا الشخص بمثابة يرقة صغيرة. وحسب تقرير لوكالة الانباء الفرنسية اليوم، الذي لم يُقر من أي مصدر في طهران، الذي يفيد أنه قُتل في الهجوم خمسة ضباط ايرانيين اضافة إلى الجنرال الهادي، وستة من رجال حزب الله.

شخصية القتلى ستعقد الوضع أكثر فأكثر. فاسرائيل وايران تتبادلان الاتهامات منذ سنين حول اعمال الارهاب والاعتداءات، وقد كشفت اسرائيل عن مساعدات ايرانية لارهاب حزب الله والمنظمات الفلسطينية، بينما اتهمت ايران اسرائيل باغتيال علماء الذرة الايرانيين وبالهجمات الالكترونية ضد المنشآت النووية الايرانية. لكن في هذه المرة لا يدور الحديث عن عبوة ناسفة على دراجة أو عبوة مخبأة في قلب طهران أو فيروس حاسوب لا يُبقي وراءه أثرا عندما يشوش على عمل الاجهزة الالكترونية في المفاعل الايراني، بل سيارتين تم تفجيرهما من الجو على مسافة بضع كيلومترات من الحدود في الجولان. واسرائيل هي الوحيدة التي تُفعل القوة الجوية في المنطقة باستثناء سوريا.

التصريحات الرسمية المفصلة لايران وحزب الله ستصل بيقين في وقت متأخر. والآن حسب وسائل الاعلام المقربة من حزب الله، فان هذا التنظيم الشيعي يُعد للانتقام السريع من اسرائيل، لكنه يحاول عدم الانجرار إلى حرب شاملة. ومن جهة مبدئية ستكون لايران مصلحة مشابهة، المفاوضات التي تجريها حول مستقبل المشروع النووي الايراني أفضل بالنسبة لها أكثر من المساعدات الايرانية لنظام الاسد في سوريا. والسؤال هو اذا كانت طهران في هذه الظروف ستختار إبقاء الرد في يد حزب الله.

إن تعقيدات الوضع تثير سؤالين متعلقين بقرار العمل. السؤال الاول هو حول المعلومات الاستخبارية: هل جهاد مغنية، قائد خلايا الارهاب لحزب الله في هضبة الجولان، كان الهدف لهذا الهجوم أم أن من أمر بتفجير القافلة عرف أنه يوجد فيها جنرال ايراني.

والسؤال الثاني أُثير هنا في هذا الصباح وهو هل الموافقة على العملية وإقرارها كان مثابة عمل عادي فقط تم فيه استغلال فرصة مواتية لعمل عسكري، أم أنه في خلفية العملية توجد الانتخابات القريبة القادمة. مشكلة هذا النقاش هي أنه يجري تحت الكثير الغطاء والسرية، وهو عبارة عن لعبة (يبدو لي)، والموقف الرسمي الاسرائيلي هو الحفاظ على الغموض، فهي لا تُقر ولا تنفي أنها هاجمت في هضبة الجولان السورية، كما تصرفت في اعتداءات سابقة لها نُسبت لسلاح الجو ووجهت إلى قوافل سلاح لحزب الله. ولكن العنوان الرئيس هذا الصباح لصحيفة السلطة الاسرائيلية «اسرائيل اليوم»، يقول إن قواتنا هاجمت خلية مخربين كبار في هضبة الجولان السورية.

هذه الازدواجية تُمكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من المشاركة في العمل والتنصل منه في نفس الوقت. والانجاز التنفيذي الاستخباري المتعلق بالمس بالمخربين يتم تسويقه للجمهور الذي سيذهب قريبا إلى صناديق الاقتراع. لكن نتنياهو غير مطلوب منه التطرق للادعاءات التي يتم طرحها في أعقاب العمل. فاذا قرر الايرانيون وزعماء حزب الله ضبط النفس وعدم الرد على موت رجالهم في الجولان فان هذا السؤال سيتحول مع الوقت إلى أقل أهمية. ولكن اذا توجهنا إلى التصعيد وسلسلة عمليات وتفجيرات مضادة فستؤثر ايضا على برنامج الانتخابات للكنيست، وسيكون من الصعب تجاهل هذا الجانب. إن الشخص الاول الذي أشار بشكل غير مباشر إلى العلاقة السياسية بما حدث هو بالذات وزير الدفاع الذي قال أمس في مقابلة مع قناة اذاعية دينية ما معناه أن اسرائيل هي التي قامت بهذه العملية، وقد قصد بذلك لفت انتباه الجمهور عن هرتسوغ ولفني، لأنهما لم يساهما في أمن الدولة.

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى