مباحثات في الشؤون الدستورية والقانونية ..هل سيصل جنيف 7 لأي نقطة جديدة ؟
تسعى منظمة الأمم المتحدة إلى تحقيق تقدم في محادثات “جنيف 7″، التي تنطلق اليوم الإثنين، في المدينة السويسرية، على أمل إيجاد حل للأزمة السورية، بالتركيز على مناقشة المسائل الدستورية والقانونية الخاصة بالعملية السياسية.
وتستمر في هذه الجولة اجتماعات الخبراء، ضمن العملية التشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية، التي أنشأها المبعوث الأممي الخاص بسوريا، ستيفان دي مستورا، خلال الجولة السادسة، إضافة إلى حضور منتظر للسلال الأربعة للمحادثات.
وشهد العام الحالي ثلاث جولات من المحادثات في جنيف، وجرى الاتفاق في أولاها (جنيف 4)، فبراير/شباط الماضي، على أربعة سلال لمناقشتها كجدول أعمال للمحادثات، وهي: الحكم الانتقالي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.
ولم تحقق الجولتان التاليتان، خلال مارس/ آذار، ومايو/أيار الماضيين، تقدما في هذه السلال، وبقي الحديث عن الإطار العام، فيما جاءت الجولة الأحدث، في مايو الماضي قصيرة، ولم تثمر سوى عن اجتماع تقني واحد لمناقشة المسائل الخاصة بالدستور.
** مسار أستانة
وفي الجولة الحالية، ينتظر أن تكون السلال الأربعة حاضرة، مع التركيز على المسائل الدستورية والقانونية التي بدأ نقاشها في الجولة السابقة، فضلا عن استمرار اللقاءات التقنية مع الأطراف السورية حول هذه المسائل.
وخلال يونيو/ حزيران الماضي، عقد دي ميستورا، وفريقه التقني لقاءات مع وفد تقني من المعارضة السورية، إضافة إلى خبراء من منصتي القاهرة وموسكو، اللتين تصنفان على أنهما معارضة سورية، وفق روسيا ومصر.
ويعول دي ميستورا، على التقدم في المناقشات التقنية بشأن مسائل الدستور، محاولا الاستفادة من أجواء اجتماعات أستانة، التي أسفرت عن وقف إطلاق النار نهاية العام الماضي، وتأثيرها بشكل إيجابي على محادثات الحل السياسي.
المبعوث الأممي قال، في ختام محادثات “أستانة 5″، الأسبوع الماضي، إن الأمم المتحدة “تُقدر العمل الجاد للدول الضامنة لوقف إطلاق النار (تركيا وروسيا وإيران) وكافة الدول المعنية بالتسوية وخفض العنف وتعزيز نظام وقف إطلاق النار.. حاولنا ثلاث مرات وقف العمليات القتالية، والآن نريد أن نعزز ما تم إنجازه”.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الكازاخية، أن “النزاع معقد، ويتطلب كثيرا من الحماس والرغبة، والقيام ولو بخطوات قصيرة.. جرى إنشاء منصة أستانة، لوقف الأعمال القتالية، وخفض التوتر، ويجب دعم هذا المسار”.
وفي الرابع مايو الماضي، اتفقت الدول الضامنة، في اجتماعات “أستانة 4″، على إقامة “مناطق خفض التوتر”، يتم بموجبها نشر وحدات من قوات الدول الثلاثة لحفظ الأمن في مناطق محددة بسوريا.
وبدأ سريان الاتفاق في السادس من الشهر ذاته، ويشمل أربعة مناطق هي: محافظة إدلب وأجزاء من محافظة حلب وأخرى من ريف اللاذقية، وحماة، وريف حمص الشمالي، وريف دمشق، ودرعا.
ومنذ بداية العام الجاري، عُقدت خمس جولات من المحادثات، أعقبت إعلان وقف إطلاق النار في سوريا، نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، ورغم الخروقات، فإن التوصل إلى إقامة “مناطق خفض التوتر”، يعد أبرز ما بلغته الاجتماعات السابقة.
وكذلك رحبت الأمم المتحدة باتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غربي سوريا، الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، الجمعة الماضي.
وأعرب رمزي رمزي، نائب دي ميستورا، عن أمله أن يقود هذا الاتفاق إلى دعم العملية السياسية، وإلى الاتفاق على ترتيبات مماثلة في أنحاء أخرى بسوريا للحد من العنف.
ومساء الجمعة الماضي، أعلنت عمان عن توصل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والأردن إلى اتفاق يدعم وقف إطلاق النار جنوب غربي سوريا، وبدأ العمل به اعتبارا من أمس الأحد.
** المرحلة الانتقالية
على صعيد مسار جنيف تختلف الأطراف المشاركة في المحادثات في وجهات النظر حول المرحلة الانتقالية وتأسيس الحكم الانتقالي.
وترى المعارضة السورية، بدعم من حلفائها وأبرزهم تركيا، أن يتم تأسيس حكم انتقالي كامل الصلاحيات، إلا أن روسيا وإيران، اللتين تدعمان نظام بشار الأسد، تريدان صيغة للتشارك في الحكم الموجود.
وبدأ التأسيس لمسار جنيف، في يونيو/ حزيران 2012، باجتماع أولي شاركت فيه الدول المعنية بالأزمة، وصدر عنه بيان دعا إلى وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة، وإدخال المساعدات، يعقب ذلك تأسيس هيئة حكم انتقالي من أسماء مقبولة من نظام الأسد والمعارضة، تكون كاملة الصلاحيات، بمعنى أن لا يكون للأسد أي دور في السلطة.
وينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الصادر في ديسمبر/ كانون أول 2015، على أن يتم تأسيس هيئة حكم انتقالي بعد محادثات بين نظام الأسد والمعارضة، خلال ستة أشهر، تقوم بكتابة دستور جديد في 12 شهرا، ثم إجراء انتخابات.
وفي ظل تباين مواقف الدول الداعمة للنظام والولايات المتحدة الأمريكية، التي تطلق تصريحات متباينة، فإن مواقف تركيا هي احترام القرار 2254، والتشديد على أن “حكومة الوحدة الوطنية”، التي يروج لها النظام وحلفاؤه لن تستطيع أن تحل مكان “هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات”.
وتصر المعارضة على التطبيق الكامل للقرار الدولي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات.
وعقدت محادثات جنيف الأولى في 30 يونيو 2012، و”جنيف 2″ في 22 يناير/ كانون ثان 2014، وانتهت الجولتان دون نتيجة، فيما عقدت “جنيف 3″، في 29 يناير 2016، وتوقفت المحادثات مع حصار الأسد لمدينة حلب .
وفي 30 ديسمبر 2016، تم توقيع اتفاق هدنة بضمانة تركية روسية، على أنه في حال نجاح الهدنة بتخفيف الحرب، يتم الانتقال إلى استئناف المحادثات السياسية في جنيف، وهو ما توافقت عليه الأطراف.
ولم تحقق جميع جولات جنيف تقدما في السلال الأربعة، وهي: الحكم، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.
** آلية تشاورية
وخلال جولة جنيف السادسة، التي اختتمت الشهر الماضي، طرح المبعوث الأممي مقترح إنشاء آلية تشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية، ما أثار استياء أطراف المحادثات، فاكتفى بلقاءات تقنية مع وفدي الأسد والمعارضة.
وكشفت وثيقة سلمها دي ميستورا، للأطراف السورية في “جنيف 6” عن سعيه إلى إنشاء آلية تشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية، وسيدعو كافة الأطراف إلى المشاركة بشكل بناء في عملها.
هذه الآلية تستند إلى بيان “جنيف 1″، 30 يونيو 2012، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي “حددت متطلبات عملية انتقال سياسي متفاوض عليها بهدف حل النزاع”.
وفي معرض استفساراتها عن هذه الوثيقة، تساءلت المعارضة: ما الذي یستند إلیه المبعوث الدولي في تشكیل الآلیة من ناحیة ولایته أو دوره كمبعوث خاص؟ وكیف یمكن إیجاد الصلة بین آلیة تشاوریة وبیان جنیف، وما مرجع هذه الصلة في البیان؟
وفي ختام اجتماعات “جنيف 6″، قال المبعوث الأممي إن الوثيقة وضعت جانبا.
وشهدت المحادثات آنذاك اجتماعا تقنيا واحدا، اعتبره وفد النظام “الثمرة الوحيدة” لمحادثات الجولة السادسة.
ووفق نائب دي مستورا، فإن محادثات “جنيف 7” ستركز، من بين قضايا أخرى، على “مواصلة المحادثات الفنية بخصوص المسائل الدستورية والقانونية المتعلقة بالعملية السياسية” المأمولة في سوريا.
وطن اف ام