كشفت وثائق (تقارير) لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، أن النظام في سوريا قدَّم خلال ثمانينيات القرن الماضي، جميع أنواع الدعم لمنظمتي “بي كا كا” و”أصالا” الإرهابيتين.
ووفق الوثائق التي نشرت مؤخرا، فإن تقارير المخابرات المركزية الأمريكية المتعلقة بدعم سوريا للمنظمات الإرهابية تزايدت بشكل تدريجي حتى أواخر الثمانينيات.
الوثائق التي رُفعت عنها السرية بموجب قانون حرية المعلومات، أماطت اللثام عن معلومات تخص “بي كا كا” الإرهابية منذ تشكلها بداية الثمانينيات، وبنيتها الأيديولوجية والتنظيمية والدول الداعمة لها، حيث تصدرت سوريا قائمة تلك الدول.
وأوردت الوثائق معلومات مهمة تخص وضع منظمة “بي كا كا” الإرهابية خلال الحرب العراقية الإيرانية، وتزايد حاجة المنظمة للمساعدات الخارجية خلال تلك الفترة من أجل ضمان استمراريتها، وهنا جاء دور سوريا التي تقدمت جميع الدول الداعمة لـ “بي كا كا”.
وبحسب الوثائق، ذكرت التقارير الصادرة عن السفارة الأمريكية في العاصمة السورية دمشق، في يونيو/ حزيران 1985، وتحمل ختم “سري للغاية”، أن نظام الأسد كان غير مرتاح بسبب بدء تركيا ببناء سد أتاتورك على نهر الفرات عام 1983، وأن دمشق وفرت جميع أنواع الدعم لـ “بي كا كا”، من أجل الضغط على تركيا في المسائل الخلافية.
– دعم خارجي لـ “بي كا كا”
وكانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أعدت تقريرًا آخر مكون من 12 صفحة، في 26 أغسطس/ آب 1985 حول المنظمة الإرهابية، وتضمن التقرير تاريخ “بي كا كا”، وبنيتها الأيديولوجية والتنظيمية، والقضية الكردية في تركيا، والهجمات الإرهابية للمنظمة، و”الدعم الخارجي” الذي تتلقاه.
وفي نفس التقرير، تم تسليط الضوء على مخاوف أنقرة المتعلقة بالدعم الخارجي الذي تتلقاه منظمة “بي كا كا” الإرهابية، فضلاً عن معلومات تشير إلى تلقي المنظمة دعمًا غير مباشر من ليبيا.
وأظهرت التقارير أوالوثائق التي رُفعت عنها السرية، العلاقة القوية والتحالف الذي يربط بين منظمة “بي كا كا” والحزب الإسلامي الكردي الذي ينشط شمال العراق والمدعوم من جانب إيران.
– مبررات تركيا
وأضافت وثيقة أخرى أعدتها وكالة المخابرات المركزية في 12 فبراير/ شباط 1986، حملت عنوان “التهديد السوري”، وتناولت فيها معلومات حول العلاقة بين تركيا وسوريا، أن الخلافات السياسية بين البلدين من الممكن أن تتخذ “بعدًا خطيرًا”.
وذكرت الوثيقة أن الولايات المتحدة أبلغت تركيا، أن سوريا وبالتعاون مع الاتحاد السوفييتي، تقدم دعمًا للمنظمات المعادية لتركيا، وعلى رأسها المنظمات الكردية والأرمنية.
وأضافت الوثيقة الأمريكية: “السوريون يأوون جهارًا نهارًا المجموعات المعارضة لتركيا، ونحن نثق بأن سوريا تغض الطرف عن الأنشطة الإرهابية التي تستهدف تركيا”، مشيرة إلى أن سوريا قدمت أيضًا الدعم لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية في العراق.
– العلاقات بين البلدين معرضة للانهيار في أي لحظة
ولفت تقرير جرى إعداده في 14 فبراير/ شباط 1986، أن قضيتا السدود المقامة على نهر الفرات وتقاسم المياه، هما القضيتان الخلافيتان الأبرز بين البلدين.
وأضاف التقرير، وفق الوثائق: “لدينا معلومات مستقلة حول علاقات سوريا مع المنظمات الإرهابية، ونعلم أن دمشق زادت من دعمها الكبير (لتلك المنظمات)، من المرجح أن تكون دمشق بصدد استخدام الدعم لتلك المنظمات كورقة ضغط، تأمن من خلالها إجبار تركيا على تقديم تنازلات في الملفات الخلافية”.
كما تناول التقرير معلومات حول المنظمات الإرهابية التي تحظى بدعم سوريا، وخص “بي كا كا” و”أصالة” الأرمنية، بالذكر.
وفي نفس التقرير، تمت الإشارة إلى المساعي التي تبذلها سوريا من أجل إقامة علاقات قوية مع اليونان وبلغاريا لاستخدام تلك العلاقات ضد تركيا، حيث أملت دمشق وقتها في أن يشكل “الجيش اليوناني جبهة ثانية ضد تركيا إضافة لسوريا”.
– الدعم يتزايد تدريجيًا
وفي تقرير آخر حول الإرهاب، جرى إعداده في 7 مايو/ أيّار 1987، وحمل عنوان “الدعم السوري للإرهابيين الأكراد”، جاء أن سوريا زادت من دعمها لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية، وأن واشنطن “تتابع ما يجري عن كثب”.
ومما جاء في بداية التقرير: “سوريا شرعت بتقديم دعم يتضمن التدريب العسكري، والمأوى، وتوفير الأسلحة والأموال لمنظمة بي كا كا منذ مطلع الثمانينيات”.
كما تضمن التقرير معلومات أخرى تشير إلى تقديم سوريا دعمًا لـ “بي كا كا”، يشمل توفير دعم مالي، ومعسكرات للتدريب العسكري، وأسلحة، ومعلومات استخبارية، كما قدمت لعناصر “بي كا كا” جواز سفر توفر لهم سهولة التنقل.
كما أشار التقرير إلى أن سوريا أغلقت في وقت لاحق معسكرات تابعة لـ “بي كا كا”، وأخرى تابعة لمنظمة “أصالة”، كوسيلة لتجنب تدهور العلاقات مع تركيا، إلا أنها في الواقع نقلت تلك المعسكرات من الشمال السوري إلى وادي البقاع في لبنان.
ومنظمة “أصالا” الإرهابية (الاسم المختصر لما يسمى الجيش الأرمني السري لتحرير أرمينيا) منظمة يسارية متطرفة مسؤولة عن مهاجمة أهداف تركية في الخارج، بين عامي 1975 و1985 وطالت عددا من الدبلوماسيين وانتهى نشاطها عام 1994 بعد انفصالها لعدة مجموعات صغيرة افتقرت للدعم.
وتنشر وكالة الاستخبارات الأمريكية، “سي أي إيه”، في موقعها على شبكة الإنترنت، وثائقها التي مر عليها 25 عاماً على الأقل، وترفع عنها صفة السرية.
وطن إف إم/ اسطنبول