نشرت صحيفة “روسكايا فيسنا” الروسية تقريرا أكدت من خلاله أن الحرب السورية قد بلغت مرحلتها النهائية، وأنه خلال الأسابيع القليلة المقبلة سيتم تحرير أراضي وسط سوريا كافة، بالإضافة إلى المناطق الحدودية المتاخمة للبنان، ناهيك عن جزء كبير من الحدود السورية العراقية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن هذه المرحلة تعني من وجهة نظر جيوسياسية، الانهيار التام للمشروع السعودي الأمريكي الإسرائيلي المناهض لسوريا، الذي يهدف إلى تقسيم سوريا والسيطرة على ثرواتها الطبيعية. ووفقا لهذا، فإن الجهود والموارد المالية السعودية- الأمريكية- الإسرائيلية قد ضاعت بانهيار هذا المشروع.
وأفادت الصحيفة بأنه لا يمكن أن توجد الجماعات المسلحة والإرهابية في مناطق مختلفة من الأراضي السورية من تلقاء نفسها ودون تمويل خارجي. وبالتالي، يبدو أن أغلب هذه الجماعات تحظى بدعم أجنبي لتحقيق طموحات جهات مختلفة؛ لعل أبرزها تركيا والأردن وإسرائيل والسعودية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة. وعلى هذا الأساس، يبدو من الواضح أن هذه الطموحات لن ترى النور.
وأوضحت الصحيفة أن المشكلة السياسية الداخلية الوحيدة التي قد تواجه حكومة الأسد في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة تتمثل في مسألة الأكراد، خاصة أنه من المستحيل أن تسمح تركيا والعراق وإيران بتأسيس دولة كردية مستقلة. والجدير بالذكر أن الأكراد لا يسيطرون على الأراضي الكردية فحسب، وإنما يمتد نفوذهم إلى أراضي عربية أخرى.
وأوردت الصحيفة أنه من حيث المبدأ، سيقع طرد جميع القوات العسكرية الأجنبية من الأراضي السورية، باستثناء تلك التي دخلت سوريا بناء على دعوة من حكومة الأسد بالإضافة إلى ذلك، ستسعى الحكومة إلى القضاء على أي تهديد خارجي يحدق بسوريا بدعم من القوات الروسية.
وأكدت الصحيفة أن إعادة بناء سوريا تعني إضعافا نسبيا للعديد من البلدان، التي تشكل تحالفا مناهضا لسوريا، وإهدارا للموارد المالية السعودية، والأمريكية والإسرائيلية. ومما لا شك فيه، ستكون هذه البلدان، التي أنفقت موارد ضخمة لتأجيج نار الحرب في سوريا، دون شك الخاسر الأكبر. وينطبق هذا في المقام الأول على السعودية والأردن، تليهما إسرائيل والولايات المتحدة وبدرجة أقل تركيا.
وأفادت الصحيفة بأن المملكة العربية السعودية تعد الخاسر الجيوسياسي الأكبر في المنطقة. فقد شنت القوات العسكرية السعودية حربا يائسة ضد اليمن، لا أمل في الفوز فيها. ونتيجة لذلك، أنفقت السعودية خلال الحربين السورية واليمنية، أموالا طائلة دون أي فائدة تذكر، مع العلم أن اقتصاد المملكة يواجه عدة عثرات بسبب انخفاض أسعاره في السنوات الأخيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من مصلحة السعودية، اتخاذ بعض الإجراءات الدبلوماسية بهدف الخروج من الحربين بأقل خسائر ممكنة. وفي حال قررت مواصلة هذه الحرب، فقد يؤدي ذلك إلى انهيار سياسي ومالي في المملكة.
وبينت الصحيفة أن روسيا في حاجة لمواصلة تعزيز مكانتها في المنطقة والحد من تواجد السعوديين وحلفائهم في الخليج العربي. وعلى هذا الأساس، سيكون عليها تقديم مساعدة عسكرية وتقنية واسعة النطاق إلى الحكومة اليمنية الشرعية.
وذكرت الصحيفة أن الأردن وإسرائيل تعتبران من أكبر الخاسرين في هذه المرحلة. فبعد تدخلها في الصراع السوري، لم تتمكن الأردن من تحقيق أي مصالح على المستوى السياسي والاقتصادي. وفي الوقت الراهن، يوجد على الأراضي الأردنية حوالي مليون ونصف لاجئ سوري، على الرغم من أن البنية التحتية واقتصاد البلاد غير قادرين على استيعاب هذا العدد الهائل.
أما بالنسبة لإسرائيل، فهي تسعى لإضعاف جارتها سوريا وتقسيمها وزعزعة وحدتها. وفي سبيل تحقيق هذه لغاية، تدخلت إسرائيل بنشاط في الصراع السوري، كما تقوم بدعم الأكراد إلى جانب حليفتها في المنطقة الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه طيلة السنوات الأخيرة، قدمت إسرائيل الكثير من الدعم للإرهابيين، الذين يسيطرون على الجنوب الغربي السوري، ناهيك، عن العدوان الإسرائيلي ضد الشعب و جيش الأسد باستخدام القصف المدفعي والغارات الجوية. ولكن، في الآونة الأخيرة بدأ نظام الدفاع الجوي التابع للأسد في التصدي للعدوان الإسرائيلي المباشر.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل تعلن رسميا أن هدفها هو منع تعزيز نفوذ إيران وميليشيا “حزب الله” في سوريا. من جهة أخرى، يعتبر التخلص التام من التنظيم، وتعزيز سلطة الأسد، واستعادة السيطرة على كامل أراضيها بما في ذلك محافظة القنيطرة، أحد أسوأ كوابيس إسرائيل.
وفي هذا الصدد، تخشى إسرائيل انتهاء الحرب السورية التي أهدرت في سبيلها الكثير من الموارد، خاصة أن ذلك يعني أنه سيتسنى لنظام الأسد منع وجود الوحدات العسكرية الأجنبية المعادية وغير المرغوب فيها. في المقابل، سيتم السماح لوحدات عسكرية أخرى؛ خاصة الإيرانية، بالتمركز على أراضيها.
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أن إعادة بناء سوريا وإحياءها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واجتماعيا أمر لا مفر منه. كما من المنتظر أن يُحدث ذلك تغييرا جذريا في الشرق الأوسط على الصعيد الجيوسياسي الدولي، ما سيضرب مصالح عدة جهات. وفي خضم هذا، تحتاج روسيا وسوريا إلى تحقيق المزيد من النجاحات العسكرية والسياسية لتضمن تفوقها في المنطقة، حتى لو كان ذلك عن طريق ممارسة ضغوط مباشرة وغير مباشرة على جميع خصوم سوريا في المنطقة.
وطن اف ام