علقت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها على الموقف الجديد في سوريا، حيث حذرت الحكومة البريطانية من التبعية العمياء للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خططه السورية، مشيرة إلى أن الحرب السورية شهدت سبع سنوات من الوحشية، ولن يحدث هجوم جديد على النظام أي أثر.
وتبدأ الافتتاحية، بالقول: “بناء على التاريخ القريب، فإن بريطانيا تحتاج لحادث مهم ومجموعة من الظروف لتعد التدخل العسكري في الشرق الأوسط خيارا، حيث أسهم هذا البلد بدمار ليبيا والعراق، اللذين كانا خطأين تم التورط فيهما؛ لأن قادتنا تبنوا نبوءات تحمل كوارث عظيمة”.
وتجد الصحيفة أن “الحديث حول مخاطر عدم التحرك، وأنه أخطر من التحرك، قد طفا على السطح مع الهجوم الكيماوي الأخير، الذي قام به نظام بشار الأسد، والذي خلف الأطفال قتلى وكانت الرغوة تخرج من أفواههم وأنوفهم، فذبح المدنيين العزل هو ما يحدد الشر الحديث”.
وتقول الافتتاحية: “يجب أن تكون المذبحة الأخيرة المؤلمة في الحرب السورية وصمة عار في ضميرنا، فالأسد هو ديكتاتور قاتل، واستمراره في الحكم يعد إهانة للإنسانية، وكون هذا النظام يجد حماية من موسكو وطهران لتحقيق مصالحهما الذاتية فإن هذا يجب أن يكون مدعاة للازدراء”.
وترى الصحيفة أن “هناك ملامح بشعة في الحرب التي دخلت عامها السابع، وتميزت بالعنف المثير للذهول، وما تغير في هذه الملامح هو طريقة وتركيز استخدام الأسلحة الكيماوية، التي زعم الديكتاتور السوري أنه قام بتدميرها، ولا يزال يستخدمها لقتل المدنيين، وعلى خلفية محاولة تسميم الجاسوس الروسي في مدينة سالزبري البريطانية، وبعبارات السفير البريطاني في الأمم المتحدة، فإنه (يجب ألا يكون هناك ضحايا آخرون جراء السلاح الكيماوي، سواء في محور الحرب السورية أو في أي بلدة بريطانية)”.
وتستدرك الافتتاحية بأن “هذا ليس كافيا لأن تنضم بريطانيا إلى دونالد ترامب وخططه بقصف القواعد العسكرية في سوريا، التي يتم إصلاحها في غضون أيام، فالمبالغة في الحديث عن سقف المواجهة هو نوع من النفاق، الذي يجعل من يعيشون تحت أثره غير قادرين على مقاومة الحلول العسكرية التبسيطية”.
وتذهب الصحيفة إلى أن “ترامب هو سبب آخر يدعو للحذر، فلم تتميز رئاسته بالحرص الأخلاقي، ومن الصعب تصديق تحوله المفاجئ للدفاع عن حقوق الإنسان والشؤون الدولية، حيث وصف الرئيس الهجوم بـ(البشع)، الذي قام به (الأسد الحيوان)، إلا أن تفكيره انحرف حول مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) شركة محاميه الخاص، وليس غريبا أنه يكون مرتبكا، فقال في الأسبوع الماضي إنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا، وطلب من جنرالاته إعداد خطة لإجلاء ألفي جندي وفي أسرع وقت”.
وتعتقد الافتتاحية أن “بريطانيا لن تجني إلا القليل إن ربطت سياستها الخارجية في نزاع يتكون من نزاعات معقدة بمثل هذه الشخصية الزئبقية والفاحشة، وقد يكون للغارات الجوية أو إمطار سوريا بالصواريخ أثر وفاعلية، إلا أنها لن تغير من الميزان العسكري على الأرض، ولن يغير هجوم واحد مصير الحرب”.
وتشير الصحيفة إلى أن “سوريا أصبحت ساحة مواجهة بين القوى الأجنبية، فكان للطيران الروسي والقوات الموالية لإيران الدور الأكبر في استعادة نظام الأسد الأراضي التي خسرها بداية الحرب، فيما دعمت أمريكا المقاتلين الأكراد في الحرب ضد تنظيم الدولة، وسيطروا على آبار النفط في الشرق، وفي الوقت ذاته وسعت تركيا من وجودها في سوريا، واشتعل البارود الناشف من النزاعات الإقليمية إلى لهيب في المواجهات الأخيرة بين إيران وإسرائيل”.
وتدعو الافتتاحية بريطانيا للتخلي عن المواجهة العمياء، واستبدالها بالحس المنطقي والشجاعة، و”يجب عليها التأكيد أن إعمار سوريا ومشاركتها فيه مرهون برحيل الأسد، ووقف التطهير العرقي، ويجب على الوزراء توسيع الدعم الإنساني في المناطق التي يعيش فيها المهجرون، ويجب على الحكومة، في ضوء التعاطف الشعبي، السماح لأعداد من اللاجئين بدخول بريطانيا والعيش فيها بعيدا عن الآذى”.
وتختم “الغارديان” افتتاحيتها بتأكيد أهمية عدم التسامح مع العمل العسكري، قائلة إنه “من أجل التقدم لحل المعضلة السورية فإن هناك حاجة إلى تشكيل استراتيجية واضحة، يتم من خلالها التعبير عن المخاطر والمنافع، وخطة عقوبات يقرها البرلمان، فالرهانات عالية للتفكير على أي شيء بشكل أقل من ذلك”.
وطن اف ام / عربي 21