دعت صحيفة “وول ستريت جورنال” في افتتاحيتها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التخلي عن سياساته النقدية الاجتهادية.
وتقول الافتتاحية، إن “الرئيس التركي مثل الملك لير، يقف على أرض بور، يصرخ بغضب، ويهاجم الرئيس دونالد ترامب والأسواق المالية والدولار الأمريكي القوي، وكل شخص يمكن أن يوجه له اللوم على أزمة الدين والعملة التي تواجهها بلده”.
وتضيف الصحيفة أن “على شخص ما أن يقدمه إلى الاقتصادي ستيف هانك، الذي يقدم لرجل تركيا القوي أهم شريان حياة يوقف حالة الفزع”.
وتشير الافتتاحية إلى أن “تركيا تواجه أزمة ليرة من النوع الذي شاهده العالم ذاته أكثر من مرة في الاقتصاديات الناشئة، دولة تقترض كثيرا لدفع النمو في زمن الفائدة المنخفضة وتوفر القرض، وتمت هذه في معظمها بالدولار الأمريكي، لكن تدفق النقد لتمويل أعمال شركاتها التي تملكها تم بالعملة المحلية”.
وتورد الصحيفة أنه “بحسب بعض التقديرات، فإن نصف الدين المستحق على تركيا هو بالعملات الصعبة، ويصبح من الصعب تمويل الدين عندما ينخفض سعر العملة المحلية أمام الدولار، ولهذا يتوقف المستثمرون عن استخدام العملة المحلية، ويتصاعد مستوى التضخم ويهرب المستثمرون، وإذا لم تستطع الدولة وقف هبوط عملتها فإنها ستصبح أمام مشكلة دين واسعة، وتعاني من انكماش اقتصادي”.
وتبين الافتتاحية أن “أردوغان يلوم ترامب لفرضه ضرائب على صادرات تركيا من الألمنيوم والفولاذ، لكن الرئيس كان يشعل النار في عشاء جاف، فالمشكلة الجوهرية هي سنوات من سوء الإدارة والاقتراض المفرط، وأراد الرجل القوي الفوز في الانتخابات، وتغيير الدستور، وتقوية دعائم حكمه، ولهذا اعتمد على المصرف المركزي للحفاظ على سعر الفائدة منخفضا، وفاز في الانتخابات، لكنه مثل بقية الديكتاتوريين، يعتقد أن بإمكانه السيطرة على السوق مثل سيطرته على الجيش”.
وترى الصحيفة أن “أردوغان يتخبط باحثا عن حل، حيث طلب من الأتراك شراء العملة التركية مقابل الدولار، لكن هذا سيجعلهم فقراء مع استمرار تراجع العملة المحلية، ويقول إنه لن يرفع سعر الفائدة، لكن المصرف المركزي سيجد أن لا خيار سوى رفعها لوقف الفزع، ويقول إنه لن يطلب مساعدة دولية، ولو لم يوقف الفزع فإنه سيضطر للبحث عن مساعدة من صندوق النقد الدولي”.
وتجد الافتتاحية أن “هنا يأتي دور هانك، الذي يقدم حلا نقديا يعرف بمجلس العملة، والفكرة هي إعادة الثقة بالعملة من خلال وضع مستواها مع مستوى العملة الأجنبية، وأي دولة تستخدم هذا الحل يجب أن تتخلى عن السياسات النقدية الاجتهادية، وتتبنى سياسة صرف من خلال ربطها بالعملة الصعبة”.
وتلفت الصحيفة إلى أنه “بالنسبة لتركيا في الوقت الحالي، فإن الحل يعني ربط الليرة إما بالدولار أو اليورو، وهو ما سيراه أردوغان الفخور تقليلا من قيمته ولن يقبله، والمفارقة هي أن الربط بالدولار سيكون الضامن الوحيد أمام سياسات ترامب التي لا يمكن التكهن بها”.
وتعتقد الافتتاحية أنه “طالما ظلت لدى تركيا عملة ورقية فإن ترامب سيظل يستخدم الضرائب والعقوبات لتغذية الفزع، لكن ترامب لا يتحكم بالسياسة النقدية، وعندما يتم تأمين الثقة بالعملة من خلال ربطها باليورو أو الدولار فلن تتغير قيمتها، وعندها سيركز أردوغان ومستشاروه على إصلاح المشكلات الاقتصادية الأخرى، مثل الاقتراض المفرط والنفقات العامة”.
وتفيد الصحيفة بأن “هذا الحل يمنع الذهاب إلى صندوق النقد الدولي، الذي يأتي بحلوله ودوائه القائم على الانكماس المالي، وربما السيطرة على رأس المال، وقد لا يشعر به ترامب، إلا أن حل مشكلة العملة التركية سيكون جيدا للرئيس ترامب، الذي يستمتع بمشكلات أردوغان حتى يؤمن الإفراج عن القس أندرو برونسون”.
وتستدرك الافتتاحية بأن “من مصلحة ترامب تجنب انتقال العدوى إلى الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة ليست جزيرة معزولة، وهي بحاجة للعالم لتزدهر، وحتى يحافظ ترامب على النمو بنسبة 4%”.
وتختم “وول ستريت جورنال” بالقول إن “الدولار يغطي العالم بعد التخفيف الكمي لأسعار الفائدة، وقد تصبح أزمة العملة مشكلة أمريكا”.
وطن اف ام / عربي 21