حلبدمشقمقالات

عبد الناصر القادري – حلب تحترق والنار تأكلنا

اكتست صفحات التواصل الاجتماعي بلون الدم منذ يومين وأصبح اللون الأحمر لون كل الشاشات ، وذلك تضامناً مع مدينة حلب التي يطالها قصف مجنون منذ أربع سنوات تضاعف في الأيام الأخيرة بُعيد تعليق المفاوضات في جنيف ، وإن كان وقف الأعمال العدائية لم ينجح تماماً ولكنه خفف قليلاً من حمام الدم اليومي الذي كانت تشهده الأرض السورية ما أدى لانتشار المظاهرات في غالب المدن والبلدات المحررة .

قصفت أحياء حلب المحررة كلها تقريباً ، حيث ألقت طائرات الأسد براميلها المتفجرة و ألغام بحرية على أحياء القاطرجي و الكلاسة والمرجة والمعادي والنيرب و بستان القصر وقاضي عسكر وحي بني زيد والشعار وكان أعنفها قصف مشفى القدس في حي السكري بحلب والذي راح ضحيته أكثر من 50 شهيد حتى اللحظة . 

البارحة كانت حلب بلا جمعة ! ، أي لم يصلِ أهلها صلاة الجمعة خوفاً من قصف طائرات الأسد أو الطائرات الروسية على المساجد والتجمعات ما يعني مئات الشهداء لم تتوقف صلاة الجمعة في هذه المدينة منذ دخلت في الإسلام حينما فتحها الصحابيان أبي عبيدة وخالد بن الوليد ، ولكنها أوقفت صلاة الجمعة في 29-4-2016 خوفاً من مجازر آل الأسد .

برميلٌ يتلوه صاروخ ومع كل دوي انفجار مجزرة ، وفي كل مجزرة شهداء لن تلد الأمهات أمثالهم ، الطفل يبكي أخوه ، الأم تدعو على الأسد ، الأب يقول يارب بحرقة كل مظلوم ، الفتاة من تحت الأنقاض تتمسك بحجابها و تتشبث بعفاف لو وزع على أهل الأرض لكفاهم ، ووراء كل ذلك دم وركام وأشلاء ومفقودين وجرحى ، هو فقدٌ يتبعه غصاتٌ وأنين.

كيري ولافروف يتصلان ببعضهما ويتفقان على هدنة في دمشق واللاذقية على مقربة من سيطرة نظام الأسد فيما تكتوي أختهم حلب بجحيم الدبلوماسية ويقتل أهلها بتوكيد العالم على صمتهم ، من يخبر الحلبيين بل وأهل هذه الثورة أنّهم على قائمة الاغتيال سواءٌ في حب اليوم أو في أيام الغوطة أو ادلب

إذاً لا هدنة في حلب أيضاً ، وتجهيز عسكري وشيك ينذر بحرب فتاكة ، لا أدري ما هو الجحيم الذي لم يعرفه السوريون حتى يحذر منه أبناء حقوق الإنسان ويطالبون أمريكا وروسيا بالتمسك بالهدنة إن كانت طائرات روسيا تشارك في دك حلب وتتجهز للرقة ودير الزور ؛ إنّه العالم الذي يريد أن يربي الشعوب كلها بأن من يخرج من حظيرتنا سيناله ما نال أهالي حلب ومعرة النعمان وداريا وجوبر و كل سوريا .

لا يتضامن الفيس بوك مع حلب كما فعل مع فرنسا وبلجيكا ولا يتضامن برج العرب كذلك لأن الضحايا مسلمين ويطالبون بالحرية أيضاً .

هذا اللون الذي اكتسته كل صفحات الفيس بوك هو لوننا منذ خمس سنوات وأكثر ، نراه على موائدنا وفي كل لقمة طعام ، بقع حمراء على ثيابنا ، في الكتب ، وفي دفاتر الذكريات ، وفي خيالاتنا . هذا اللون هو لون حماة منذ الثمانينات ولون صحراء تدمر وسداسي صيدنايا وفرع فلسطين ، الدم القاتم لون الحرية التي طلبها السوريون فأغلقت بوجههم أبوابها وتضرجوا بفاتورتها أشلاءً متناثرة .

يصل هاشتاغ #حلب_تحترق إلى أكثر من مليون تغريدة على موقع تويتر ويصبح الأول عالمياً ، وفيه صورٌ ثابتةٌ ومتحركة لبشر يقتلون ليس بصمت بل بضجيج كبير ومع ذلك لا يقف الموت .

مع كل الدم الذي تدفعه حلب يقتتل فصائل الغوطة من أجل نفوذ زائل ويقنص طفل في مسرابا ويستغل شبيحة الأسد وحلفاؤهم تلك المقتلة ليتقدموا في الغوطة الشرقية التي أكعتهم لخمس سنوات مضت .

هولوكست حلب ليس جديداً وغضبنا كذلك فبعد أيام سنعود وكأن شيئاً لم يكن ، لنبقى نموتُ وحدنا ونعيش وحدنا وننتصر وحدنا أيضاً .

المصدر : وطن اف ام 

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى