حلبمقالات

أويتون أورهان – ما يحمل ترامب في جعبته تجاه سوريا ؟!

بدأت منذ الآن تظهر آثار فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة في سوريا فقد قام كلٌ من روسيا والنظام بتكثيف غاراته الجوية على المعارضة المسلحة في حلب ومن غير الممكن الاعتقاد أن ذلك ليس له علاقة بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الولايات المتحدة عدا عن أن التوقعات من وصول ترامب إلى السلطة سيؤدي إلى تغييرات في السياسة الأميركية في سوريا لصالح روسيا كما ولد إمكانية زيادة التعاون مع هذه الدولة في سوريا.

والعامل الأكثر الأهمية في خطاب ترامب تجاه سوريا هو تحديد من هو الجيد ومن هو السيء في الحرب السورية الداخلية وإن هذا التقييم سيحدد في الفترة القادمة الأهميات والأفضليات والقرارات الحاسمة للولايات المتحدة في سوريا.

وتصريحات ترامب المتعلقة بسوريا لا تختلف كثيراً عن تلك التي تنادي بها روسيا ونظام الأسد حتى فقد قبل ترامب أن الأسد ليس بالشخص الجيد ولكنه قال إنه أفضل من بديله مما يشير إلى تجاهله حقيقة وجود معارضة معتدلة في سوريا.

وعندما صرح ترامب “عند وجود شخصين يتصارعان فيما بينهما فأنت غير قادر على محاربة الشخصين معاً” فكان يشير إلى أنه يرى بالنظام السوري وروسيا حلفاء في محاربة تنظيم داعش والملفت للنظر أن هذه النقطة التي حاول كلٌ من نظام الأسد وروسيا إقناع العالم بها منذ بداية الحرب الأهلية.

وعند القيام بدراسة تحليلية للعمليات العسكرية التي قام بها نظام الأسد وروسيا سيلاحظ أنها كانت تركز على أضعاف قوات المعارضة المعتدلة أكثر من الراديكالية وكانت غالبية العمليات الجوية الروسية تستهدف قوات الجيش السوري الحر أكثر من استهدافها للقوات الراديكالية مثل داعش والنصرة.

والغرض الرئيسي من هذا النهج القضاء على المعارضة المعتدلة لإجبار العالم على الاختيار بين نظام الأسد والتنظيمات الراديكالية وتصريحات ترامب قد تكون علامة على اعتماد الولايات المتحدة هذا النهج في المستقبل وهذا قد يؤدي إلى تعزيز موقف الأسد في الفترة المقبل.

وكانت الولايات المتحدة في زمن أوباما تسلح المعارضة السورية بحذر فقد عملت الولايات المتحدة على خلق توازن قوة بين الطرفين لتضمن استمرارية الصراع ومن الممكن أن تكون فترة ترامب سلبية تجاه المعارضة السورية فعندما صرح “نحن لا نعلم من يكونون” فمن المتوقع أن تتوقف المساعدات للمعارضة ولهذا السبب عبر النظام السوري وروسيا عن فرحتهم لانتصار ترامب في الانتخابات الرئاسية.

فقد صرح الأسد فيما يخص فوز ترامب بالرئاسة في مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء البرتغالية وقال ” إذا استطاع الرئيس الجديد تطبيق ما قاله خلال حملته الانتخابية فمن الممكن أن نصبح حلفاء له”.

وصرح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف “اتصلنا مع الأشخاص المتوقعين دخولهم لفريق ترامب لمناقشة الملف السوري”.

وفي هذه الفترة وعلى الوجه التحديد بدأت حاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزنيتسوف بإرسال الطائرات الحربية إلى حلب وادلب لقصفهما بالصواريخ والدافع من وراء استهداف روسيا لمدينة حلب إيقاع خسائر فادحة على الصعيد العسكري والاستراتيجي في صفوف المعارضة المعتدلة وتطويق المعارضة داخل ادلب فقط وإذا استولت روسيا على مدينة حلب سيضطر عناصر المعارضة المسلحة والسكان المدنيين الذهاب نحو مدينة ادلب وحصر المعارضة ضمن مدينة ادلب فقط ما سيعطي روسيا ونظام الأسد تفوقاً في الخطاب العسكري. ومدينة ادلب تقع تحت سيطرة العديد من المجموعات المعارضة ومن بينهم ذراع القاعدة القديم في سوريا جبهة فتح الشام التي كانت تسمى جبهة النصرة قديماً وهي أكثر تنظيم ذو موقف قوي في ادلب ، وحصرْ جميع المجموعات المعارضة في منطقة تتحكم بها جبهة فتح الشام سيخلق أرضية مناسبة لروسيا والنظام كي يقولوا أننا نحارب الإرهابيين مما سيمنح الولايات المتحدة فرصة أقوى كي تبدي الموقف الخاص بها.

ونظرة تركيا إلى التغير المحتمل التي ستشهده سياسة الولايات المتحدة تجاه الملف السوري سيكون خطير ومفيد معاً فالتقارب الروسي الأميركي تجاه الملف السوري سيكون خبراً سيئاً للمعارضة السورية التي تدعمها تركيا منذ سنوات ففي الأساس إن موقف المعارضة المعتدلة والجيش السوري الحر هو أضعف المواقف في الحرب السورية واحتمالية ازدياد إضعافه تكبر وسوف يكون هذا أحد العوامل التي من شأنها تعزيز موقف النظام السوري على طاولة الحوار السياسي.

هل من الممكن إنهاء أزمة وحدات حماية الشعب الكردية؟

ومن ناحية أخرى يرى أن تركيا تغيرت أولوياتها في الملف السوري وبالأخص بعد التقارب الروسي التركي وسيكون التقارب مع ترامب فرصة لتركيا.

إن ترامب يرى في الملف السوري ورقة واحدة مهمة ألا وهي محاربة تنظيم داعش وفي فترة أوباما اعتمدت الولايات المتحدة قوات حماية الشعب الكردية التي تصنفها تركيا تنظيم إرهابي شريكاً محلياً لمحاربة تنظيم داعش وكانت استراتيجية إدارة أوباما تقوم على إضعاف تنظيم داعش عن طريق خلق قوة جديدة فاعلة على الأرض فالقوات الكردية المدعومة من أجل محاربة تنظيم داعش قامت بإعلان فيدرالية لها على الأراضي السورية ومن المستحيل أن الولايات المتحدة لم تقم بتحليل الوضع الفعلي للعواقب السياسية التي ستلد عن دعم مثل هذه المنظمات ومع ذلك فإن الولايات المتحدة في عهد أوباما أصّرت على التحالف مع هذه المنظمات ومشاركتها في محاربة تنظيم داعش عن كثب مهما كانت الآثار السياسية والعسكرية لذلك وفي النتيجة هناك دولة ستبنى تحت حكم التنظيمات الكردية في الساحة وهذا هو السبب الرئيسي في الأزمة الحاصلة بين الولايات المتحدة وتركيا في الفترة الأخيرة.

وبما أن محاربة تنظيم داعش هي أولوية ترامب في سوريا هذا يعني أنه ستزداد مشاركة التنظيمات الكردية أكثر ومع ذلك أن دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة ترى في موضوع دعم القوات الكردية في محاربة تنظيم داعش أنه لو باستطاعتنا القيام بها بشكل ناجح أكثر مع أحد الشركاء فيجب علينا أن نتحالف معه ويرى أن ترامب يفضل العمل في المنطقة مع الحلفاء التقليديين أكثر من المنظمات الغير حكومية  مما سيزيد من إصرار تركيا على عدم العمل مع تنظيم “يي بي غي” الكردي في محاربة تنظيم داعش وبل تعتقد أنها من الممكن أن تكون شريكاً قويا للولايات المتحدة في محاربة تنظيم داعش عدا عن أن تركيا أظهرت نجاح عملية درع الفرات في محاربة تنظيم داعش وبينت استعدادها على تحمل مسؤولية القضاء على تنظيم داعش.

 وفيما يخص عملية الرقة فمن الممكن أن تُتخذ كلمة الرئيس أردوغان حول هذه العملية ” تعالوا لنفعلها مع بعض وننهي هذا التنظيم” في نفس السياق.

 النفوذ الإيراني

أما الفرصة الثانية لتركيا هي نظرة ترامب إلى العلاقة مع إيران ففي عهد إدارة أوباما وسعت إيران أنشطتها الميدانية في مكافحة داعش والولايات المتحدة أفسحت المجال لها للقيام بذلك فكان نفوذ إيران المتنامي في العراق وسوريا خجولاً في بعض الأحيان يحدث نتيجة موافقة سياسة الولايات المتحدة، وانتشار إيران في المنطقة خلق معضلة أمنية تدعو للقلق بين اللاعبين الأساسيين في المنطقة كما لعبت دوراً أساسياً في زيادة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وهناك دلائل تشير على أن الولايات المتحدة مع ترامب ستكون أكثر حذرا بشأن إيران حيث قال “أن الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع مع إيران سيُرمى في القمامة”.

ومن المهم قول إن مسؤولية زيادة قوة إيران في المنطقة تعود مسؤوليتها إلى أوباما و كلينتون ومن الممكن أن يكون إضعاف قوة إيران في سوريا يصب في مصلحة تركيا وقد تحتاج سياسة تركيا في سوريا إلى مراجعة وفقاً لتغيير ميزان القوى وقد أظهرت تركيا من خلال عملية درع الفرات كيف تكون عاملاً فعالاً في محاربة تنظيم داعش ونجاح هذه العملية عسكرياً مع وصولها إلى منطقة الباب سيزيد من إظهار تركيا في المقدمة وبقدر أهمية الانتصار العسكري سيكون درساً للمناطق التي ستتحرر من داعش فتركيا والمعارضة يمكنهما أن يبرهنا على وجود نموذج ناجح لتقديم الخدمات الأساسية في هذه المناطق من إدارة مدنية مما يساهم في أن تبرز تركيا أكثر.

 وتأثير تركيا في الشمال السوري قد يعني الوصول إلى شرق وغرب نهر الفرات.

المصدر : صحيفة ستار التركية ؛ ترجمة وتحرير وطن اف ام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى