لم تثن ظروف الحرب ومعاناة رحلة اللجوء الشاقة إلى أوروبا، الشابة السورية زينة عبود عن ممارسة إبداعاتها وتميزها والنجاح في مجال لم يكن اختصاصها، حيث اشتهرت بين الأوروبيين بإعداد الأطباق السورية الشهية التي مهّدت لها الطريق لتحضير سفرة ملكية حققت لها انتشارا وشهرة واسعين في أمستردام.
وبدأت زينة، التي درست الاقتصاد والمنحدرة من مدينة حلب، رحلتها في الطبخ كعمل عندما تطوعت لتحضير الموائد والأطباق المجانية للاجئين السوريين في هولندا ثم تمكنت من الترويج لعملها والنجاح والتميز فيه في زمن قياسي.
وبعد قرابة عام فقط من وصولها إلى هولندا أصبحت زينة أول لاجئة من القادمين الجدد تنشئ شركة في هولندا، وهي شركة متخصصة في الطهي.
ويعود الفضل في قدرتها على إعداد أطباق لذيذة تنال إعجاب الكثيرين، إلى والدتها “الحلبية” التي علّمتها منذ صغرها كيفية إعداد الطبخات، قبل أن تتطور وتتفوق على معلمتها لتوصلها أطباقها الشهية إلى ملاقاة ملكة هولندا السابقة التي أشادت بها وبطبخها السوري التقليدي.
وتقول زينة، التي كانت تعمل مديرة تسويق في شركة إعلانات لعدة سنوات في سوريا، إنها لم تكن تفكر بالتوجه إلى أوروبا، لولا رغبتها في الالتحاق بأطفالها الذين يعيشون مع زوجها السابق في هولندا، حيث خاطرت بحياتها في رحلة لجوء صعبة للغاية عبر البحر من تركيا إلى القارة الأوروبية.
وأضافت أن “معاناتها في رحلتها أصابتها بالاكتئاب، إذ غرقت ما بين تركيا واليونان، ثم عاودت ثانية، لتسجن في كرواتيا”.
لكن بعد أيام من خروجها من السجن وصلت زينة إلى أحد مخيمات اللاجئين في هولندا، ثم تلقت دعوة من فتاة هولندية عبر جمعية خيرية للذهاب برفقة لاجئين ولاجئات في مركز إيواء اللاجئين للاحتفال معها برأس السنة الماضية 2016.
وعندما وصلوا إلى منزلها طلبت منهم الشابة أن يحضروا لها طعاما سوريا، فحضرت زينة طاولة طعام أنيقة وجميلة أدهشت العائلة المضيفة.
وأصبحت الدعوات وعروض الطبخ تتوالى بعد ذلك على زينة من تلك الفتاة وأصدقائها، لتتسع رويدا رويدا شبكة زبائنها، حتى بدأت بالعمل في مدن أخرى، ومن ذلك تقديمها للوجبات في حفل زفاف ضخم أقيم بمدينة بريدا في هولندا.
وبالإضافة إلى عملها الناجح في تجهيز وتحضير الأطعمة لقاعات المؤتمرات والبوفيهات، تجهز زينة موائد مفتوحة للاجئين السوريين بشكل تطوعي ودون مقابل، حيث تعتبر هذا الأمر “بمثابة رد جميل للحكومة الهولندية التي استقبلت اللاجئين السوريين واهتمت بهم”.
أطباق شهية
وبعد مضي 10 أشهر من لجوئها إلى هولندا، حصلت زينة على الإقامة لمدة 5 سنوات، لتتقدم إلى قسم التجارة الهولندية طالبة منحهـا ترخيصـا لإقـامة مشروع شركـة اختارت لها اسم “زينة كيتشن” (مطبخ زينة).
وأعدت اللاجئة السورية موائد فخمة وراقية للعديد من الشخصيات المرموقة في هولندا وقالت إن رجل الأعمال وأحد ملاك برج أمستردام ويدعى دنكن ستوترهايم، كان من أبرز متذوقي أطباقها، حيث حضرت أطباق حفل عيد ميلاد.
وأضافت أنها تلقت أيضا دعوة للطبخ خلال حفل توزيع جوائز الأمير كلاوس، التي تمنح لأصحاب الإنجازات الثقافية والمجتمعية من غير الهولنديين، وكان بين من تلقاها هذا العام “الشيف” والناشط اللبناني كمال مذوق، وطلب الأخير بتحضير طبقين شهيرين هما “الكبة المشوية” و”الكبة السفرجلية”.
وكشفت زينة أنها فوجئت عندما أخبرها أحد حراس الأمن في يوم الحفل بأن بين من يتذوق أكلها أفراد العائلة المالكة، فارتبكت قليلا موبّخة المنظمين على عدم إخبارها بذلك، إلا أنهم طمأنوها بأنهم “لطفاء” للغاية.
وأشارت إلى أن “الأميرة لورنتين زوجة شقيق الملك جاءت بنفسها إلى البوفيه وتناولت الكبة السفرجلية”.
كما التقت زينة بالملكة السابقة بياتركس، والدة الملك الحالي ويليام ألكسندر وتقدمت لإلقاء التحية عليها وهي جالسة على إحدى الطاولات خلال الحفل.
وقالت الشابة السورية إن الهولنديين يقبلون على الطعام الشرقي وهي تجهز حاليا لإقامة حفلة سورية ضخمة تجمع الهولنديين والسوريين. وستختار أن يكون في الحفلة التي من المقرر إقامتها الجمعة 13 يناير، أكلات مميزة من كل المحافظات السورية إلى جانب المشروبات السورية المعروفة كالعرق سوس، وتمر الهندي، وشراب اللوز والقهوة العربية، وسترافق أجواء الحفلة أنغام حلبية أصيلة.
وطن اف ام / العرب