شهدت مدينة اللاذقية مؤخرا سقوط قتلى وجرحى في اشتباكات تعكس حالة الارتباك بصفوف الأوساط الداعمة للنظام السوري، إذ إن طرفي المواجهات هما أشخاص من آل الأسد وآخرون من عائلة بارزة.
يقول ناشطون في مدينة اللاذقية شمال غرب سوريا -وهي أحد معاقل النظام- إن الخلافات في صفوف الأوساط المؤيدة لنظام الرئيس بشار الأسد باتت شيئا مألوفا لدى السكان، لكن اللافت فيها هو أنها تتطور إلى اشتباكات ومواجهات مسلحة تسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
وفي أحدث فصول ذلك التوتر الذي يظهر ويختفي، أسفر اشتباك بالأسلحة النارية في أحد الأحياء الموالية للنظام عن سقوط قتلى وجرحى، لكن المثير في هذا التطور هو هوية طرفي المواجهات، إذ إن أحدهما من عائلة آل الأسد والآخر من عائلة إسماعيل، وهي أسرة ثرية من مدينة القرداحة التي تنحدر منها عائلة الأسد أيضا.
ويقول مصدر خاص للجزيرة نت إن قوى الأمن لم تتدخل في تلك المواجهات التي اندلعت بسبب خلاف يعود لاعتقال أشخاص بارزين عند أحد حواجز مفرق اللاذقية-جبلة، وهو ما تطور لاشتباكات في المشروع السابع، وهو حي ذو غالبية علوية شمال اللاذقية.
وحسب المصدر ذاته فإن قتلى سقطوا من عائلة آل إسماعيل صاحبة الثروة والنفوذ في القرداحة من قبل أن يقطنها آل الأسد ويتولوا حكم البلاد لاحقا.
ويؤكد المصدر أن النظام تكتم على سقوط قتلى من آل إسماعيل نظرا لحساسية الخبر لأن حدوث خلاف كبير بين العائلتين يعني نهاية آل الأسد في المدينة، من وجهة نظره.
خلافات مستمرة
ويقول ناشطون إن نار الخلافات والاشتباكات في مدينة اللاذقية لم تخمد قط في صفوف الشبيحة أنفسهم منذ اندلاع الثور السورية إلى درجة أن سكان المدنية باتوا معتادين على ذلك، وبات متوقعا أن يكون سماع صوت إطلاق رصاص في أطراف المدينة مؤشرا لتجدد الخلافات بين شبيحة النظام أنفسهم، وهو أمر ينتهي سريعا في بعض الأحيان أو يمتد لساعات وينتج عنه قتلى وجرحى.
ويقول أبو فارس وهو ناشط من اللاذقية “أسكن في حي موال للنظام تكثر فيه حواجز الشبيحة، فأسمع وأرى كل فترة خلافات واشتباكات بينهم تصل إلى إطلاق الرصاص، فنعرف أنها ستنتهي بعد فترة قصيرة ويعود الهدوء للمنطقة”.
وعن أسباب الخلاف والاشتباك يلخصها الناشط في حسابات مادية بين الشبيحة، لكن اللافت للنظر -على حد قوله- هو زيادة حالات الخطف من قبل العلويين أنفسهم لطلب الفدية، فيتم حل قضية الخطف بالتراضي بينهم دون تدخل أجهزة أمنية وخاصة إن كان المخطوف من عائلة لها وزنها في المدينة.
ويرى أبو جعفر وهو عنصر منشق عن النظام أن عدم الانضباط بين صفوف الشبيحة وعدم التزامهم بمواقعهم هو ما يؤزم الوضع عند الحواجز في اللاذقية فيكثر الاشتباك المسلح بينهم دون رادع يثنيهم، وسبق أن قتلت طفلة كانت من المارة بسبب إطلاق الرصاص بشكل عشوائي أثناء إحدى المشاجرات.
تصفية حسابات
ويؤكد أبو جعفر أن انتشار السلاح بين يدي صغار السن ممن هم دون سن العشرين من الذين التحقوا بصفوف ما يسمى الدفاع المدني له دور كبير في كثرة الخلافات التي تكون لأسباب شخصية بحتة تخص هؤلاء الفتية فيعمدون إلى حل مشاكلهم الشخصية عن طريق استخدام السلاح.
ويضيف المتحدث أن ذلك بات ظاهرة تؤرق سكان المدينة وخاصة أن من يلتحق بصفوف الدفاع المدني هم من عامة الشعب وممن كان لهم ماض إجرامي ومتورطون بقضايا جنائية من مختلف الطوائف، مما جعل الساحة مهيأة لتصفية حسابات قديمة.
ويعزو أبو جعفر كثرة الاشتباكات مؤخرا في اللاذقية إلى انعدام الثقة بين صفوف الشبيحة بسبب انضمام شباب لهم من عائلات عرف عنها في الماضي تأييدها للثورة فتحصل بعض المناوشات بينهم.
وتبلغ نسبة من انضم من غير العلويين للدفاع الوطني 40% وهم في غالبيتهم مجبرون حتى لا يضطرون لمغادرة سوريا بسبب الضغوط، وينظر الشبيحة بعين الريبة لهؤلاء إلى درجة أنهم يعتقدون أنهم لن يصمدوا عند أول معركة في المدينة، على حد قول أبو جعفر.
المصدر : الجزيرة