امتلأت المواقع الإخبارية التابعة لنظام الأسد، بأخبار الاتفاق النووي الإيراني. ونشرت تعليقات وأخباراً عن الموضوع الذي أخذ حيزاً كبيراً من تلك الصفحات.
أمّا الإعلام الرسمي لنظام الأسد، من جهته، فقد أبرز خبر الاتفاق النووي الإيراني، وتصدّر الصفحات الأولى والداخلية ومجمل زوايا الصفحات والآراء.
صحيفة “البعث” الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي لا يزال رئيس النظام السوري أميناً عاماً له، احتفلت بالنووي الإيراني واعتبرت الإيرانيين “أشقّاء”، في سابقة تندر عن صحيفة تعمل تحت شعار: “أمة عربية واحدة”. الأمر الذي اعتبره محللون “انهياراً عقائدياً كاملاً” على اعتبار أن صفة “الأشقاء” لا تقال عن الدولة الأجنبية.
كما أنه وفق أدبيات التخاطب، يؤكد المحللون السابقون أنفسهم “يقال أصدقاء عن الدول الأجنبية، لا أشقاء”. خصوصا أن افتتاحية “البعث” احتفلت بالنووي الإيراني، عبر هجوم وشتائم على دول خليجية بعينها، وتجنبت إكمال صفة “الخليج” بالعربي، فتكتفي بقول: الخليج. وهو أمر استغربه المحللون أن يصدر عن “عقيدة عربية” وصفت سابقا بـ”الشوفينية” بسبب إفراطها بـ”تعظيم الجنس العربي”، ليصل بها الأمر الآن، أن تحس بالحرج، من مجرد القول: الخليج العربي. بل الخليج، فقط.
أما صحيفة “تشرين” الناطقة باسم النظام، فقد نوّهت برسالة التهنئة التي أرسلها رئيس النظام السوري إلى خامنئي وروحاني. إلا أنها تبدي “حنكة” أكثر، برأي متابعين، فتتهرب كلياً من لفظ وكتابة “الخليج” وتكتفي بإبداله بكلمة “المنطقة” وذلك كيلا تقع في ما وقعت به “الثورة” من “تبعية فادحة للنفوذ الإيراني” في سوريا، على رأي محللين عرب وسوريين.
العرس في إيران والطبل في دمشق!
تعبير “الأشقاء” الذي وصفت به الجريدة الناطقة باسم “الحزب العربي” الاشتراكي، حلفاء النظام السوري في إيران، ثم اكتفاؤها بكتابة “الخليج” عوضاً من “الخليج العربي”، وقيام زميلتها “الثورة” بمحو كلمة الخليج، من الأصل، ووضع عبارة “المنطقة” تخلصاً من الحرج. كان أنصار النظام السوري أكثر صراحة من “تلاعب” الإعلام الرسمي، ذاك، فقالوا حرفياً: “الخليج الفارسي”!.
وكانت المواقع التابعة للنظام السوري وأجهزته الأمنية قد احتفلت بالاتفاق النووي الإيراني، بشكل عبّر عنه أحد المعلقين بأنه “عرس في إيران والطبل في دمشق”! بسبب شدة التعبير عن الفرح “كما لو أن الاتفاق هو بين الحكومة السورية والأمم المتحدة”.
إلا أن ما خفي في الإعلام الرسمي المباشر، ظهر علنياً في الصفحات الموالية التي تعمل لصالح نظام الأسد، فنشر في بعض هذه الصفحات تعبير “الخليج الفارسي” الذي يفترض أن لا يقال إلا على لسان مواطن إيراني، كون السياسة الإيرانية تقوم على اعتبار الخليج العربي فارسياً، وهي إحدى مكامن الخلاف العميقة ما بين طهران، من جهة، ودول الخليج العربي والجامعة العربية من جهة ثانية.
ونقرأ في منشور لإحدى الصفحات الموالية: “هذه أول ردة فعل من الأنظمة بمنطقة (الخليج الفارسي) على الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه في فيينا بين إيران والدول الكبرى”.
بعد نشر صيغة “الخليج الفارسي” بادر أحد المعلقين للتصحيح بقوله: “حبيبي.. اسمه الخليج العربي العربي العربي.. ونبارك لإيران الاتفاق وننتظر أن تنفرج الأزمة في سوريا”. كررها ثلاث مرات؛ تعبيراً عن الغيظ وهول مفاجأته من هذا “التنازل” المعنوي “الفادح”، كما قال أحدهم في صفحات أخرى.
معلّق آخر، يعبّر عن صدمته بعدما قرأ صيغة “الخليج الفارسي” فيقول: “الخليج الفارسي؟ يعني بعتو (بِعتم) سوريا والوطن العربي لإيران”.
سرقة الهوية الجغرافية للمنطقة العربية
يشار في هذا السياق إلى أن إعلام “حزب الله” يستخدم صيغة الخليج الفارسي، ولا يتحرج من نقلها حرفياً عن المسؤولين الإيرانيين. علما أنه في هذه الحالات، وإذا كان الخبر منقولاً عن مصدر إيراني وصف الخليج بالفارسي، يتم اللجوء إلى ذكر “الخليج” فقط كي لا يتم تبني التعبير وسرقة الهوية الجغرافية للمنطقة.
إلا أن مصادر متابعة تشير إلى أن تبعية “حزب الله” العقائدية والسياسية للدولة الإيرانية، تجعل من الطبيعي أن يستخدم الحزب صيغ وأدبيات إيران التي تتعامل مع الخليج العربي بصفته خليجاً فارسياً.
ولهذا، ترجح المصادر أن تكون محاولة “سرقة الهوية الجغرافية” للخليج العربي، جزءاً جوهرياً ومنهجياً من سياسات “حزب الله”.
المصدر : العربية