بعد أن سيطرت الوحدات الكردية وفصائل الجيش الحر منتصف يونيو/حزيران على بلدة تل أبيض، قرر مجلس الأعيان ضمها إلى مدينة عين العرب (كوباني)، شمال سوريا، ما أثار مخاوف السكان العرب من نوايا “انفصالية” وتقسيمية كردية، بينما يرد آخرون بالنفي.
أثار قرار ضم بلدة تل أبيض بمحافظة الرقة (شرقي سوريا) وإلحاقها بمدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب حفيظة السكان العرب، حيث أعلن مقاتلو الجيش الحر العرب المتحالفون مع الوحدات الكردية ضد تنظيم الدولة الإسلامية رفضهم القرار، وسط حملة من ناشطين عرب تندد بالقرار.
وبعد أن تمكنت وحدات حماية الشعب الكردية وفصائل من الجيش الحر منتصف يونيو/حزيران من السيطرة على بلدة تل أبيض الحدودية مع تركيا، بدعم من طيران التحالف الدولي، قرر مجلس الأعيان ضمها إدارياً مع ناحية عين عيسى إلى عين العرب، وإلحاق ناحية سلوك بمدينة رأس العين التابعة لمقاطعة الجزيرة.
نوايا تقسيمية
وأثار مشروع القرار رفض لواء ثوار الرقة -أحد أبرز تشكيلات الجيش الحر المؤسسة لغرفة بركان الفرات- معلنا “عدم قبول تغيير تابعية أي منطقة تحت أي مسمى كان”، كما أكد المتحدث باسم اللواء أبو معاذ أنهم لم يطلعوا على المشروع ولم تتم مشاورتهم بشأنه.
وأكد -في حديثه للجزيرة نت- أن تغيير تبعية منطقة تل أبيض إداريا ليس من اختصاص المجلس المحلي أو أي هيئة أخرى، وأن هذا الأمر يحتاج إلى قانون وهيئة تشريعية تقر به، مضيفا “ونحن في حالة استثنائية ولا يمكن اتخاذ أي قرار بتغيير الحدود أو تابعية أي منطقة”.
بدوره، أكد مسؤول العلاقات الخارجية بحركة المجتمع الديمقراطي عمر علوش ما أورده أبو معاذ، واعترف بحدوث “سوء فهم بين الطرفين، فالمقترح ناقشه مجلس الأعيان دون الرجوع إلى القوى العسكرية”.
وأضاف أن عددا من أعضاء مجلس الأعيان طرحوا فكرة تشكيل “كانتون” مستقل يتبع للإدارة الذاتية المشتركة، وأن عدم وجود موازنة مالية وعسكرية دفعهم للتصويت على ضمها مؤقتا إلى “كانتون كوباني”.
ونفى علوش أن يحمل مشروع ضم تل أبيض لعين العرب بين طياته نوايا تقسيمية أو انفصالية، معتبرا أن الإجراء استدعته ضرورات الحرب وأن “التقسيمات الإدارية تتم حسب تموضع كل قوة عسكرية، حيث ستعود الأمور إلى ما كانت عليه بعد تحرير الرقة”.
صراع قومي
ونظم معارضون ونشطاء حملة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعنوان “أنا سوري من تل أبيض”، انتقدت “سياسة الأمر الواقع” التي تسعى إلى تغليب مصالحها الخاصة، ودعت إلى أن “تصبح تل أبيض منصة لتحرير كامل مدينة الرقة من تنظيم الدولة”.
وذكر القيادي في تيار مواطنة راشد صطوف الذي يساهم في تنظيم الحملة أن القرار ينسف الحد الأدنى للعمل المشترك بين القوى المسيطرة على تل أبيض الآن، محذرا من أن القرار سيُدخل المنطقة في مرحلة جديدة من الصراع.
وأضاف للجزيرة نت “نخشى أن يتحول الصراع بين السوريين وتنظيم الدولة إلى حرب بين العرب والأكراد كباقي الحروب الطائفية والمذهبية في مناطق أخرى”، ولفت إلى أن هزيمة التنظيم لن تكون “إلا على يد العرب السنة من أبناء منطقة تل أبيض والرقة”.
من جانبه استنكر رئيس الإدارة الذاتية في تل أبيض منصور السلوم الجدل بشأن قرار ضم البلدة إلى مدينة عين العرب، وعلق رداً على الانتقادات بقوله “لم نسلخها من الوطن العربي، كما لم نلحقها بدولة معادية لسوريا”، مضيفا “كل ما قمنا به هو ضمها مؤقتا لمدينة مجاورة تربطنا بها علاقات حسن الجوار”.
وعن الحالة الخدمية والمعيشية لأهالي البلدة ذكر السلوم -وهو من أبناء عشيرة مشهور العربية- أن المجلس المحلي يعمل على إصلاح شبكتي الكهرباء والمياه، وأنه أعيد فتح المشفى المركزي، كما أصبح الفرن الآلي يعمل بطاقة كاملة، مضيفا أنه يتم التحضير لفتح المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد بعد أن حُرم طلاب المدينة وريفها لمدة عامين من التعلم.
المصدر : الجزيرة