بعد احتجاجات واسعة في صفوف العسكريين الذين يقاتلون إلى جانب بشار الأسد ، والذين تم حرمانهم من “مغريات” ما يُعرف بـ”قانون خدمة العلم المعدل”، وفي خطوة وصِفت بـ”الإسعافية”، أصدر بشار الأسد مرسوماً يمنح بموجبه موظفي الدولة وموظفي القطاع الخاص، الذين يلتحقون بالخدمة العسكرية في جيشه، كل الحقوق والمرتبات المادية والتعويضات والترفيعات الوظيفية، من دون أن يؤدي انقطاعهم عن العمل في وظائفهم إلى توقف حوافزهم وحقوقهم المادية والإدارية.
وصدر المرسوم، الذي يُعتبر تعديلا لفقرات من مرسوم سابق لضم شريحة أوسع من المستفيدين، برقم 38 للعام2015 والذي يقضي بتطبيق الفقرتين 2 و3 من المادة 74.
ويعكس هذا القرار مدى انهيار وضع المؤسسة العسكرية والعجز البشري الذي بدأ يعاني منه جيش النظام، مما دفع بالأسد إلى “توسل” السوريين عبر تقديم هذه “المغريات” للملتحقين بالخدمة العسكرية في جيشه، عبر استمرار منحهم مرتباتهم فضلا عن حقوقهم الكاملة بالترقي الوظيفي كما لو أنهم على رأس عملهم.
والجديد في المرسوم هو ضم العسكريين الذين التحقوا بالخدمة الاحتياطية، بدءا من تاريخ 15-3-2011 ، بعد أن كان المرسوم في السابق لا يشمل إلا الملتحقين بالخدمة اعتبارا من تاريخ 3-8- 2014 وما بعد.
الأمر الذي اعتبرته مصادر عارفة بالشأن السوري أنه مرتبط باحتجاجات واسعة في أوساط جيش النظام الذين لم يشملهم مرسوم سابق قضى بتطبيق “الإغراءات” على الملتحقين بالجيش فقط من تاريخ 3-8-2014 وما بعد.
كما أنه بمثابة “إغراء” متواصل من الأسد لضم مزيد من الأنصار وإدخالهم في الجيش، بعد أن ازدادت وتيرة الاستياء في صفوف العسكريين والضباط الذين “تم التعامل معهم على أنهم فرق عملة” كما قالوا في وقت سابق، خصوصا أن تعديلات قانون الخدمة العسكرية، طالت المنضوين فيها بدءا من عام 2014 وحسب، وأهملت “توفيرا للميزانية” من التحق قبلها وقضى أو أصيب أو أنهى الخدمة.
فقام النظام بإجراء هذا التعديل عبر ضم السابقين لتحسين “صورته التي بدت كما لو أنها تتعامل مع العسكريين الذين يقاتلون معه بصفتهم مرتزقة”، كما قال ضابط سوري خرج من الخدمة منذ أشهر.
وأضاف هذا الضابط أن النظام، بعد تدهور معنويات شارعه الموالي، أقر بحقوق عسكرييه “الذين رماهم في بيوتهم إما مصابين أو من دون عمل وبلا حقوق”.
ويقدم المرسوم الجديد المعدَّل جملة من “المغريات” المتصلة بوضعهم الوظيفي، فيكتسبون حق اعتبارهم في إجازة مدفوعة الأجر، طيلة مدة التحاقهم بالخدمة العسكرية.
كما أن المرسوم يفرض على القطاع الخاص والقطاع المشترك إعادة العسكريين الى أماكن عملهم ومنحهم كافة المزايا والحقوق بوظائفهم كما لو أنهم كانوا على رأس عملهم.
وكان نظام الأسد قد قدم جملة من المغريات، في وقت سابق، عبر زيادة مرتبات العسكريين، بعد سقوط جسر الشغور في أيدي المعارضة السورية.
وكان لهذه الهزيمة أثر على معنويات جيش الأسد وذوي عناصره في المناطق، خصوصا بعد الأنباء عن تخلي النظام عن جنوده هناك من دون مؤونة أو عتاد، مما أحدث حالة من الاستياء العارم في صفوف العسكريين الذين انشق عدد كبير منهم جراء هذه الهزائم المتتالية للنظام.
وتأتي هذه المغريات الوظيفية، في ضم الموظفين العاملين بالقطاع العام والمشترك والخاص والذين التحقوا بالخدمة الاحتياطية إلى سواهم من الذين طالهم القانون الجديد المعدّل، بعد سقوط مطار أبو الضهور العسكري، في هزيمة عسكرية جديدة للنظام تضاف إلى سلسلة هزائمه أمام قوات المعارضة التي تتقدم في نقاط عديدة.
وكان سقوط مطار أبو الضهور، كسقوط مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب، قد أثر بشكل كبير على أهل العسكريين الذين أعلنوا أن النظام تخلى عنهم بعد أن كان “هؤلاء الفقراء المساكين” يدافعون عنه في المطار، الذي هرب من تبقى من حاميته، ولا يزال بعض ضباطه وعساكره في عداد المفقودين.
وعُلم في هذا السياق أن النظام السوري يستعد لحزمة جديدة من المغريات لرفع معنويات جيشه المنهارة، بعيد الضربات المتلاحقة التي تشنها المعارضة السورية وتحقيقها لمزيد من التقدم في مختلف المناطق.
إلى ذلك، فإن المراقبين يشيرون إلى أن روسيا، بعد إعلانها الدعم العسكري المباشر لنظام الأسد، وبهذه العلنية، كانت قد تخوفت من أن سقوط الأسد بات وشيكا الى الدرجة التي “اضطرت” فيها موسكو الى منحه مزيدا من الوقت، عبر تصريحات “نارية” ترفع معنويات الجنود السوريين الذين يقاتلون الى جانب نظام بشار.
كما يشير المراقبون إلى أن الحديث عن “تواجد” روسي في الأرض السورية لا يمكن قراءته الا بصفته دخول موسكو على خط التفاوض الدولي بشأن مصير النظام السوري، حيث إن الروس يعرفون سلفا استحالة قيامهم بعمل عسكري “حقيقي” على الأرض.
وبالتالي، ينتهي المراقبون إلى أن “رفع الصوت الروسي” هو فقط لحجز تذكرة على طاولة التفاوض مع القوى الدولية حول ما بعد الأسد.
المصدر : العربية