أنشأ تنظيم الدولة الإسلامية وزارة للأوقاف وتفرع منها عدة دواوين ومكاتب، لتكون مسؤولة عن كل الأئمة والمساجد وأمور الدعوة في مناطق نفوذ التنظيم.
استغلال منابر المساجد وتسخير مئات الخطباء سلاح جديد بيد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يسعى وبقوة للترويج لكثير من أفكاره العقائدية، في المناطق التي يسيطر عليها.
فمنذ إعلانه الخلافة الإسلامية في العام الماضي، أنشأ تنظيم الدولة وزارة للأوقاف وتفرع منها عدة دواوين ومكاتب، لتكون تلك الوزارة بأفرعها مسؤولة عن جميع الأئمة والمساجد وأمور الدعوة في مناطق نفوذ التنظيم.
ويؤكد ناشطون في مدينة الرقة السورية أن التنظيم يستخدم الخطباء أيضا في دعوة المواطنين لتنفيذ قرارات التنظيم الجديدة، وكذلك مراقبة ردود أفعال الأهالي في المنطقة حيال القضايا الحساسة ليتخذ القرار المناسب إثرها، على حد قولهم.
منبر إعلامي
واتهم أحمد عبد الرحيم، وهو ناشط من الرقة، تنظيم الدولة بأنه يتخذ من خطباء المساجد ومنابرهم وسيلة للترويج الإعلامي لنشر كثير من أفكاره العقائدية والفكرية، ومحاولة تبرئته من أي تهم توجهها إليه الفصائل الثورية التي يقاتلها.
وأضاف الناشط أن بعض خطباء المساجد في الرقة خصصوا إحدى خطب الجمعة لحث أهالي الرقة للالتحاق بصفوف التنظيم والقتال بجانبه، وخيروا الناس حينها ومن على المنبر بأنهم إن لم يبايعوا التنظيم في القتال فسيتم قطع الكهرباء أو الماء عنهم عقابا لهم.
وتابع “في اليوم التالي طبق التنظيم التهديد مباشرة، فقطعوا الكهرباء عن مدينتي الرقة والطبقة بريفها الغربي باعتبارهما أكبر المدن في المحافظة.
أما أبو محمد أحد أهالي الرقة فأكد أن الخطب والدروس في المساجد أصبحت كلها تتكلم عن بطولات وانتصارات تنظيم الدولة والدفاع عن أخطاء وتجاوزاته بحق الأهالي، وتبرير تكفيرهم ومقاتلتهم للثوار من الفصائل الأخرى.
وقال في حديث للجزيرة نت إن فرض القرارات وتفصيل البيانات التي يصدرها التنظيم باتت هي وظيفة خطباء المساجد الذين جلهم يتبعون للتنظيم ومنهم شرعيون لديه.
وأضاف أن التنظيم ابتكر عقابا جنائيا جديدا بحق من يرتكب مخالفة شرعية من الأهالي، تتمثل في دخول السجن وحضور دورة شرعية لفترة قصيرة لا تتجاوز 15 يوما.
خطب إلزامية
من جانبه أكد أبو مصعب إمام مسجد في الرقة أن تنظيم الدولة يلزم الأئمة وخطباء المساجد في الرقة وريفها بخطب ودروس مطبوعة في وزارة الأوقاف التابعة له.
وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن التنظيم أسس وزارة للأوقاف يتفرع عنها دواوين ومكاتب مسؤولة عن كل ما يخص المساجد والأئمة والدورات الشرعية والدروس والصلوات ومواقيتها والصيام والإفطار وتعيين أئمة المساجد وخدامها وحتى المؤذنين ومراقبة المصلين المتخلفين أو المتأخرين عن الصلاة في المسجد.
وأردف قائلا “غالبية خطباء المساجد وأئمتها يتبعون للتنظيم ويأخذون راتبا شهريا من وزارة الأوقاف التابعة له، ويأتمرون بأمره ويتبعون ما يملى عليهم في إعطاء الدروس وإلقاء الخطب مستغلين منابر المساجد للترويج لما يريدون من فكر وعلم وعقيدة ونشر بيانات وقرارات”.
في المقابل أوضح أبو عبد الرحمن، وهو مسؤول في أحد مكاتب وزارة الأوقاف التابعة لتنظيم الدولة، أن الوزارة تفرض الخطب والدروس على أئمة المساجد في بعض الحالات التي يكون فيها ضرورة لإيصال أمر عقائدي أو لتنبيه المسلمين من خطر محدق أو أمور أخرى تتعلق بأمور دينية وعسكرية يجب أن يعلم بها المسلمون القاطنون في أراضي الدولة الإسلامية”، حسب قوله.
وشدد على أن خطباء التنظيم أصحاب علم شرعي عال، وجلهم لديهم دراسات عليا في الشريعة الإسلامية، معتبرا أن الحديث عن استغلال التنظيم للمنابر مجرد أكاذيب.
المصدر : الجزيرة