ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن فيلقا أجنبيا إيرانيا هو الذي يقود المعركة في شمال سوريا.
وبدأ سام داغر تقريره من بيروت، حيث تحدث عن امرأة لبنانية في الضاحية الجنوبية لبيروت وهي تصلي إلى جانب قبر صديق ابنها، الذي قتل قبل ثلاث سنوات في دمشق، في هجوم قالت إن ابنها جرح فيه.
لكنها لا تشعر بالخوف من ذهاب عائلتها للقتال في سوريا، حيث تقول: “عاد إلى حلب هذا الصباح”، في إشارة لابنها البالغ من العمر 25 عاما، وتضيف: “لدي ابن ثان عمره 14 عاما، وأريده أن ينهي الصف العاشر، ومن ثم يتبع شقيقه”.
ويعلق الكاتب بأن ابنها الأكبر هو جزء من “فيلق أجنبي” تقف وراءه إيران، ويضم حزب الله ووحدات من الحرس الثوري الإيرانية وآلافا من عناصر المليشيات التي تمولها إيران في العراق، وممن قدموا من باكستان وأفغانستان، وهو الذي يقود الحملة العسكرية الحالية في مدينة حلب، ويضغط في الهجوم العسكري قبل أن يبدأ تطبيق وقف إطلاق النار، والسماح للمواد الإنسانية بالوصول إلى المناطق المنكوبة وبداية المفاوضات.
ويشير التقرير إلى اللقاء الذي أجراه المبعوث الدولي للأمم المتحدة الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا في دمشق مع المسؤولين السوريين، وطالبهم بتسهيل مرور القوافل الإنسانية للمدن المحاصرة.
وجاء اللقاء في وقت أكد فيه الروس والإيرانيون أن وقف إطلاق النار لا يشمل من يطلقون عليهم بالجماعات “الإرهابية”، وهو وصف يشمل أي طرف يحمل السلاح ضد الأسد.
وتبين الصحيفة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يظهر أي إشارة في مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء على أن واشنطن لديها خطة بديلة “ب”، في حال فشل تطبيق وقف إطلاق النار، غير مواصلة العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوصل إلى حل سياسي.
ويوضح داغر أنه بالنسبة لطهران، فقد عبرت عن التزامها بالقضية من خلال دعمها لمجموعات من المقاتلين الشيعة، الذين نشرتهم في حلب، وكشفت عن رغبتها بالحفاظ على الزخم العسكري الذي سمح للنظام بالتقدم، مدعوما من الغارات الروسية، باستعادة مناطق كانت تحت سيطرة المقاتلين.
وينقل التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، عن مسؤول في التحالف الروسي- الإيراني- النظام، قوله: “هؤلاء الحلفاء يعملون معا في غرفة عمليات واحدة، ويخططون وينسقون العمليات في الميدان”.
وأضاف أن “استعادة حلب تعني استعادة قوة النظام وسيطرته على سوريا، وأصبحت الإطاحة بالنظام أمرا من الماضي”.
ويرى المسؤول أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توصلت إليه القوى في ميونيخ، لن يكون سوى “توقف” في الحرب يسمح للقوات البرية الإيرانية بتعزيز سيطرتها على المناطق التي أخرجت المعارضة منها.
وتعلق الصحيفة بأن “إظهار القوة في شمال سوريا هو أقوى إشارة إلى رغبة الشيعة، بقيادة إيران، بتقوية تأثيرهم مباشرة، أو عبر جماعات شيعية وكيلة في معظم مناطق المنطقة”.
وعبرت الدول المنافسة لإيران، مثل السعودية وتركيا، عن نيتها لإرسال قوات برية لمنع إيران وروسيا من سحق المعارضة في داخل حلب وحولها.
ويورد الكاتب نقلا عن الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى والخبير بالجماعات الشيعية في سوريا فيليب سميث، قوله إن إيران عملت، ومنذ عقود، على تجميع شبكة من الجماعات الوكيلة لها، بدءا من ثمانينيات القرن الماضي.
ويلفت التقرير إلى أن هذه الجهود بدأت بتشكيل حزب الله، وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، قامت إيران بدعم عدد من الجماعات الوكيلة في العراق، التي شجعتها ومولتها لاستهداف الأمريكيين.
وفي سوريا تم جلب حزب الله والمليشيات الشيعية وقوات محلية، إضافة إلى مقاتلين شيعة من أفغانستان.
ويقول سميث: “لقد طورت إيران فيلقا أجنبيا من نوع ما”، مشيرا إلى أن السعوديين تم تجاوزهم.
وتوضح الصحيفة أنه منذ بداية الثورة السورية عام 2011، دعمت السعودية جملة من الجماعات السورية، وأكدت أنه لا حل دون الإطاحة بنظام الأسد.
ويقول سميث إن جوهر القوات المدعومة من إيران في سوريا تضم آلافا من المقاتلين الإيرانيين، ويبلغ عددهم 8 آلاف مقاتل من حزب الله، و6 آلاف مقاتل من العراق، و3500 مقاتل من أفغانستان، مشيرة إلى أنه تم التثبت من هذه الأرقام من مسؤولين بارزين في التحالف الإيراني- الروسي- ونظام الأسد.
ويجد داغر أن محاولة استعادة حلب تعبر عن الدور الأجرأ الذي تقوم به إيران ووكلاؤها منذ بداية الثورة السورية قبل خمسة أعوام، مشيرا إلى أن طهران أنفقت مليارات الدولارات، وأرسلت آلاف المقاتلين إلى سوريا لتقوية وضع حليفها الأسد.
ويفيد التقرير بأن هذه الوحدات الأجنبية تعمل مع جيش الأسد، وتتلقى الدعم من المقاتلات الروسية، واستطاع هذا التحالف السيطرة على عدد من القرى حول حلب، ويحاول تطويق المدينة والمنطقة الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
ويقول المسؤول البارز إن القوى الأجنبية كانت في مقدمة القوات، وخاضت معارك في حلب، وساعدت في السيطرة على مناطق كانت بيد المعارضة، إلا أنها لقيت إسنادا من حزب الله ومليشيات الدفاع الشعبي والقوات التابعة للنظام، ويضيف أن المليشيات السورية وقوات الدفاع الشعبي هي التي ستتولى الحفاظ على المناطق التي أخذت من المقاتلين المعارضين للأسد وتأمينها، بحسب الصحيفة.
وتذكر الصحيفة أنه رغم أن إيران وحزب الله يرفضان مناقشة تفاصيل حول دورهما في سوريا، إلا أنهما أكثر انفتاحا مما كانتا عليه في بداية الحرب، حيث تم تصوير دورهما بأنه من أجل حماية مقام السيدة زينب في جنوب دمشق، مشيرة إلى أن جنازات القتلى الذين يسقطون في سوريا تشيع اليوم بشكل مفتوح في كل من بغداد وطهران وبيروت.
وينقل الكاتب عن المستشار البارز للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي يحيى رحيم صفوي، قوله: “يسير التحالف الإيراني الروسي العراقي السوري وحزب الله نحو تحقيق النصر، وعلى أمريكا معرفة أن مستقبل المنطقة سيقرر من خلال قوة الثورة الإسلامية”.
ويستدرك التقرير بأنه رغم الخسائر الفادحة التي يتكبدها التحالف الشيعي في سوريا، إلا أن الكثيرين يتقبلون رواية إيران وحزب الله بأن الشيعة يخوضون معركة وجودية ضد السنة في سوريا، الذين يوصفون بالتكفيريين.
وتختم “وول ستريت جورنال” تقريرها بالإشارة إلى أن محمد الحاج (50 عاما) وهو صاحب محل من بير العبد في الضاحية الجنوبية في بيروت، يقول: “يذهب أولادنا إلى حلب من أجل مستقبل أبنائنا”.
المصدر : عربي 21