أخبار سورية

المعتقلون السوريون في شوارع ألمانيا وفرنسا

تخلى “فارس الحلو” عن لقب الفنان ضمن تظاهرة “المعتقلون أولاً”، وعندما سألته ماذا سأضع صفتك في إطار الكلام عن التظاهرة، أجابني: “لا تقولي فنانا. أنا سوري أطالب بالمعتقلين”، والفنان هو اليوم واحد من المنظمين والعاملين بالتظاهرة.

“المعتقلون أولاً” ليست مجرد حملة تحمل صفة المدنية، ولكن ربما تكون التظاهرة الأوسع التي استطاع السوريون العمل عليها لإيصال صوت المغيبين في المعتقلات للرأي العام العالمي.
وحدد منظمو التظاهرة يوم أمس 11 حزيران/يونيه للخروج في مظاهرات، ومع الجهد الواضح في تنظيم تلك المظاهرات وتضمنيها مشاهد تمثيلية عن المعتقلين، ورفع صور معتقلين، ومع مطالبة الحملة لجميع المعتقلين السوريين سواء في سجون الأسد أو في سجون التنظيمات المسلحة، تكون مختلفة عن الحملات التي سبقتها.

وخرج في العاصمة الفرنسية أمس ما يفوق الـ700 سوري، بالإضافة لعدة منظمات فرنسية ودولية، بحسب صخر إدريس، أحد المنظمين في الحملة.
وأضاف إدريس أن تم رفع صور 1000 معتقل سوري يقبعون اليوم في معتقلات الأسد، وبدأ التحرك من ساحة “الباستيل” وصولاً إلى ساحة الجمهورية كالريبوبليك”، ورافق رفع الصور قرع للطبول وقراءة أسماء المعتقلين بأسلوب غنائي قام بأدائه كل من الفنانتين “نعمى عمران ورشا رزق”.
وعن المشاركة الفرنسية قال إدريس إن عدداً من الفرنسيين المؤيدين ذلك لمبادرة “ناجون من الاعتقال” كانوا موجودين، وخرج المتظاهرون بالأمس تحت اسم هذه المبادرة “ناجون من الاعتقال”.
وشارك في المظاهرة معتقلون سابقون وصل عددهم لحوالي 50 معتقلا.
ولابد من التركيز والتأكيد على أن الحملة تطوعية بحسب ما أكد إدريس وغيره من المنظمين، وتتلخص أهدافها بالمطالبة بالمعتقلين ورفض اعتبارهم ورقة تفاوض ومستمر بيد النظام السوري في حين يعانون هم من ويلات الاعتقال.
وفي ميونخ بألمانيا وتزامناً مع الخروج في باريس، قام السوريون هناك بتنظيم مظاهرة تحت شعار “المعتقلون أولاً”، مع القيام بمشهد تمثيلي مؤثر عن الاعتقال، وتم وضع نساء وأطفال خلف القضبان في حركة رمزية عن الاعتقال، وقام شباب بتمثيل مشاهد الاعتقال والتعذيب وكأنها حقيقية، واللافت أنه تم تقديم اللوحات بعدة لغات وشرح طوال الوقت بلغة أهل البلد الألمانية، وبحسب المنظمين فإن المطر لم يوقف المظاهرة، ما لفت نظر الألمان وجعلهم يقفون لمشاهدة ما يفعله السوريون في شوارعهم، وكيف يمكن لشباب معظمهم لاجئون في ألمانيا تمثيل ما يحدث داخل بلدهم وكأنهم جميعهم عاشوه بالتفاصيل.

المعتقلون بوصلة الثورة
“المعتقلون هم بوصلة الثورة” بحسب ما قال فارس الحلو عند سؤاله عن سبب تسمية التظاهرة بـ”المعتقلون أولاً”، وأضاف أن الهدف الضمني هو جعل ملف المعتقلين قضية رأي عام دولي، وأما هدفنا المعلن فهو استنهاض المجتمع الدولي لتنفيذ القرار 2254.
وأشار الحلو إلى أن الحملة أصدرت بياناً وجمعت تواقيع على البيان وصلت لأكثر من 4200 توقيع، وأما الجانب الأكثر إضاءة في البيان فهو أن معظم التواقيع أتت من الداخل السوري.

وعن صعوبات التوثيق التي تقوم بها الحملة قال الحلو إن التواصل مع أهل المعتقلين في داخل سوريا لا يزال خطيراً وصعباً، إذ إن الأهل يخافون من بطش النظام والتنظيمات المسلحة على حد سواء عند الحديث عن ابنهم المعتقل، ويذكر الجميع بالطبع أنه في بداية الثورة 2011، لم يتم الاعتراف بالكثير من المعتقلين الذي قتلوا تحت التعذيب، بسبب إجرام النظام السوري، وإجباره الأهل على توقيع أوراق تفيد أن ابنهم مات بطرق أخرى، ولكن بالتأكيد ليس بسبب التعذيب، والجدير بالذكر أنه تم رفع لافتات “المعتقلون أولاً من داخل سوريا من بعض المناطق كالأتارب في إدلب وفي حي الوعر المحاصر.

“الأحمر”.. ثم “المعتقلون”
“حكواتي” شاب آخر من منظمي الحملة، وقال “عملنا على عدة حملات ونشاطات في الداخل السوري، وكانت حملة “حلب تحترق” واللون الأحمر من نشاطاتنا كسوريين يعملون على حملات تتعلق بأحداث سوريا، تهدف لإحياء القضايا السورية الكثيرة، ولعدم ترك بطش النظام يمر دون تحركات مدنية”.
وأضاف حكواتي أنه في 6 تموز/يوليو سيتم إطلاق حملة “البحث عن العدالة”، وهدفها حشد المجتمع الدولي لمطالبة محكمة الجنايات الدولية ببدء محاكمة بشار الأسد، وتبدأ تلك الحملة بـ”المعتقلون أولاً”، والتي تتضمن شهادات معتقلين وأفلام قصيرة، بالإضافة لبيان مفتوح للتوقيع.
ويجتهد فريق حملة “المعتقلون أولاً” بتوثيق شهادات المعتقلين السابقين بشكل قانوني كما قال حكواتي، بالإضافة لتصوير فيديوهات تتضمن شهادات معتقلين سيتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي والموقع الإلكتروني الخاص بالحملة، وأما عن البيان فسيتم تسليمة لمحكمة الجنايات الدولية.

نحن الناجون
تتلخص حملة “المعتقلون أولاً” بالتعريف المكتوب على صفحتهم وهو: “نحن – السوريين – الذين نجونا بمحض الصدفة من الموت أو الاعتقال، ليس لنا أن ننجو من محنة فقد الأهل والأحبة والأصدقاء بالموت وفي المعتقلات”.
السوريون الذين نهضوا لنيل حقوقهم السياسية المسلوبة منذ عقود، يشعرون اليوم، وبعد خمس سنوات جهنمية، أن كل العالم اجتمع على كسرهم، مرة عبر الفيتو في مجلس الأمن، ومرة عبر غض النظر عن جرائم حرب صريحة ترتكب على الأرض السورية، ومرة عبر مقايضة الدم السوري بمصالح سياسية، والنتيجة أن الشعب السوري يعاني الويلات إلى اليوم، بعد أن دفع من أبنائه أكثر من نصف مليون ضحية.
إذا كان من المستحيل لنا أن نساعد الموتى، فإن من واجبنا الإنساني والأخلاقي أن نساعد عشرات آلاف المعتقلين والمخطوفين السوريين الموزعين على قوى الشر المتكاثرة، كل منها تنتهك حرية وكرامة السوريين بقدر ما تتيحه لها قدراتها الميدانية.
نحن لا نتكلم فقط عن سجناء (بينهم نساء وأطفال) محرومين من الحرية، نتكلم عن آلاف المفقودين والمخطوفين، الذين لا يُعرف مصيرهم، وعن آلاف المعتقلين المتروكين للموت جوعاً أو مرضاً أو تحت تعذيب ممنهج، ما يندرج تحت بند الجرائم ضد الإنسانية وفق المادة السابعة من ميثاق روما 1998. إننا نتكلم عن كارثة بحجم عالمي، لم يصنعها السوريون بأنفسهم فقط، بل يشارك فيها العالم، ولاسيما قطباه الرئيسيان، روسيا وأميركا.
السوريون لا يصنعون الطائرات التي تقتلهم، ولا الأسلحة الثقيلة التي تفتك بهم. هناك مسؤولية دولية في استمرار احتجاز المعتقلين والمخطوفين في كل مكان من سوريا، لدى أمراء الحرب، كما لدى النظام السوري الذي تحول بدوره إلى إمارة حرب باسم دولة لها مقعد في الأمم المتحدة، وتخالف قرار مجلس الأمن الدولي في نص المادة 12 من القرار 2254 لعام 2015.
ماذا يحتاج ضمير العالم كي يصحو إزاء ما يجري في بلدنا؟ ألا تكفي الصور المروعة التي جرى عرضها على العالم لسوريين ماتوا بالجوع والمرض والتعذيب، كي يقول العالم كفى؟
إننا ندعو المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وهيئات المجتمع المدني، وكل من يشعر بمسؤوليته تجاه انتمائه الإنساني، للتوحد في وجه مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سوريا. وندعو بشكل خاص روسيا وأميركا، لتفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي أقرته الأمم المتحدة في 2005، والعمل الفوري على تشكيل مجموعة عمل دولية لحل قضية المعتقلين والمخطوفين في سوريا.
المصدر : العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى