لم يكتف الحصار الذي يفرضه نظام بشار الأسد وحلفاؤه بما يخلفه من أزمات إنسانية تطال البشر، بل وصل أيضاً إلى النحل الذي لم يجد متسعاً من المكان ولا الأدوات التي كانت تساعده من قبل على إنتاج مئات الأطنان من العسل فائق الجودة في غوطة دمشق الشرقية، فأضحت الأشجار والأزهار وحيدة تسيل رحيقاً على إيقاع الصراع.
وشهد إنتاج مزارع تربية النحل تراجعاً كبيراً في غوطة دمشق الشرقية بسبب الحصار المفروض عليها منذ 3 أعوام، رغم اشتهارها قبل انطلاق الثورة السورية في مارس/ أذار 2011 بمزارع النحل الكبيرة التي كانت تشكل أحد أهم مصادر الدخل للمواطنين فيها، لما تتميز به من إنتاج عسل ذو جودة يدخل في كثير من الصناعات الغذائية والطبية.
وتسبب الحصار بصعوبة تأمين الأدوية المناسبة للنحل وعدم وجود مساحات آمنة لتربيته، حاله في ذلك حال باقي قطاعات الصناعة والزراعة التي تأثرت بأجواء القصف والحصار.
“أبو يوسف الشامي”، أحد مربيي النحل في الغوطة قال لوكالة الأناضول إن “تربية النحل لديهم تواجه صعوبات كبيرة، ما أدى إلى انخفاض عدد المزارع عاماً بعد عام”.
وأوضح أن أبرز الصعوبات هي تأمين الأدوية كون معظمها مستورد، وعدم القدرة على النقل والترحال بين المراعي جراء العمليات العسكرية المتواصلة في المنطقة، ما أدى إلى ضياع عدد كبير من طوائف النحل. وأشار الشامي إلى أن “انتشار الآفات والأمراض أثّرت كذلك على إنتاج العسل الذي انخفض بأكثر من النصف خلال سنوات الحصار”.
ووصل إنتاج سوريا من العسل قبل اندلاع الثورة – بحسب الشامي- إلى نحو 3 آلاف طن كان نصيب الغوطة الشرقية منها نحو 500 طن، يتم بيعها للأسواق المحلية ويتم تصدير الباقي.
ومن بين الأضرار التي جلبها الحصار، عدم القدرة على بيع منتجات النحل خارج الغوطة، كما أن الوضع الاقتصادي السيء وضيق ذات اليد لدى معظم المواطنين، جعلهم يحجمون عن شراء العسل بسبب غلاء سعرها مقارنة بباقي المواد الغذائية، يتابع الشامي.
وناشد المتحدث نفسه، المنظمات الإغاثية بتقديم الدعم لمربي النحل، وحذر من اندثارها، باعتبار أن العسل من الأغذية النافعة، وتفيد في شفاء كثير من الأمراض، كما أنها تدخل في تركيب العديد من الأدوية.
من جانبه، قال “ميسرة الصيداي”، أحد مربي النحل في مدينة دوما في ريف دمشق إن “الغوطة الشرقية فقدت نحو 18 ألف خلية نحل خلال السنوات الماضية وهي تشكل أكثر من 70% من عدد الخلايا التي كانت موجودة قبل اندلاع الثورة”، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن انحسار الأراضي الزراعية جراء العمليات العسكرية أسهم في انحسار أعداد الخلايا.
وأضاف أن فترات الحصار الشديد التي مرت على المنطقة رافقها ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الأولية اللازمة لتربية النحل، عمقت المشكلة، موضحاً أن قليلين من أصحاب مزارع النحل تمكنوا من الحفاظ على خلاياهم، بعد أن تلقوا خسائر كبيرة.
ولفت “الصيداوي” إلى أنهم يحاولون الآن إيجاد وسائل تحول دون انقراض خلايا النحل، من خلال القيام بزراعة نباتات قليلة التكلفة ويقبل عليها النحل.
وطن إف إم / اسطنبول