مع كل شروق للشمس يأتي المواطن السوري، “أبو حسن الحلبي”، صاحب الستين عاما، إلى أطلال بيته، الذي قصفه نظام الأسد بدعم جوي روسي، ليلة 23 سبتمبر/أيلول الماضي، سالبا منه ولديه تحت الأنقاض، ويدخل في حلقة من الصمت لا نهاية لها سوى غروب الشمس وحلول أشباح المساء.
وبدموعه الصامتة التي يذرفها كل يوم على أنقاض بيته في حي طريق الباب بمدينة حلب، انضم أبو حسن إلى قائمة رفقائه ضحايا الحرب من أصحاب الحكايات الدرامية والأحداث المؤلمة، والتي لا تلبث أن تتوقف إلا وتتسع من جديد في ظل استمرار القصف الوحشي لقوات الأسد وحلفائه، واستهدافهم المدنيين بلا رحمة.
سرد “أبو حسن”، لوكالة “الأناضول”، حكايته المليئة بالآلام، وقال: “كنت أعمل بالتجارة قبل الثورة، وكانت حياتي ميسورة، وأعيش في هناء مع زوجتي و4 من الأبناء، ومع بدء استهداف قوات الأسد للمعارضين وسوء الأوضاع الأمنية أُجبرت على ترك عملي، واكتفيت بفتح دكان صغير لبيع المواد الغذائية في الطابق الأرضي من بيتي”.
واستطرد: “كنت راضيا وأشكر الله على حياتي مع أسرتي، لكنَ قوات النظام استكثرت عليَ هذه الحياة البسيطة، وفي 23 سبتمبر (أيلول) الماضي شنوا قصفا مكثفا من البر والجو على مركز المدينة واستهدفوا بيتي وحولوه إلى ركام دُفنت أنا وأسرتي تحته”، موضحا أنه لم يعِ ما حدث إلا بعد رجوع وعيه إليه؛ حيث تفاجئ بحال أسرته حوله، وهم خارجين من تحت الأنقاض.
وفي ألم ورعشة ظهرت على جبهته، أوضح أن ولديه استشهدا تحت الأنقاض، بينما نجت ابنتيه وزوجه بعد استخراجهما من قبل الدفاع المدني، قائلا ودموعه على خديه: “النظام وروسيا سلبوا روحي وولدَي مني”.
وأعرب “أبو حسن” عن دهشته من موقف العالم والإنسانية تجاه ما يحدث في سوريا، وتركهم روسيا وقوات النظام يسعون في البلاد فسادا ويقصفون البيوت والأحياء السكنية ويقتلون الأبرياء دون تمييز بين كبير وصغير، رجل وامرأة.
وردا على سؤاله عن سبب حضوره يوميا إلى أنقاض بيته، قال “أبو حسن”: “آتي كل يوم هنا لأقول لهم (قوات الأسد وروسيا) أنني لن أنسى فلذات كبدي، ولن أترك بيتي، وسأبنيه من جديد”، مؤكدا أنه لن يترك هذا الحي ما دام في عمره بقية.
واختتم “أبوحسن” المقابلة بقوله: “كان أولادي سبب بقائي على قيد الحياة، لكن بعد رحيلهم صارت هذه الأنقاض هي حياتي”.
وطن إف إم / اسطنبول