أخبار سورية

الإعاقة تفشل في إبعاد السوري “كيلاني” عن معشوقته “الساحرة المستديرة”

لم يسمح لإعاقته أن تمنعه من متابعة مسيرته الرياضية، ولا أن تبعده عن معشوقته “الساحرة المستديرة”، وإن كانت أعادته إليها بغير الصفة التي بدأ فيها قبل أن يفقد إحدى قدميه.  

عماد كيلاني، لاعب كرة قدم سوري سابق، قضى سنوات عديدة متنقلًا بين النوادي المحلية بغوطة دمشق الشرقية، يناور في خط الوسط حيناً، والهجوم أحيانًا أخرى، حتى انطلقت الثورة السورية (مارس/آذار 2011)، وجاء رد النظام العنيف عليها فتوقفت أوجه الحياة بأكملها بما فيها الرياضة.  

قرر كيلاني وقتها أن يترك الساحات الخضراء إلى ساحات القتال، ليدافع كما يقول، عن أهله وبلدته من ظلم النظام واستهدافه للمدنيين، فانضم إلى إحدى  فصائل الجيش الحر في بلدته وقاتل قوات النظام حتى فقد إحدى قدميه خلال الاشتباكات.

كيلاني البالغ من العمر 38 عامًا، متزوج وأب لأربعة أطفال، يخرج بشكلٍ شبه يومي بدراجته النارية التي يقودها بنفسه، ويحط رحاله في ملعب بلدة المرج، التي نزح إليها من بلدة العتيبة، ليعانق محبوته القديمة الجديدة.  

فبعد أن فقد قدمه، اختار كيلاني أن يكون مدربًا لفريق البلدة، يقودها ضد الأندية المحلية الأخرى في الغوطة الشرقية، مستفيدًا من تجربته عندما كان لاعبًا وساعيًا لنقل خبراته للجيل الصاعد.  

ورغم الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها هو وعائلته، إلا أن ذلك لا يحول دون أن يواصل أداء واجبه في التدريب دون تقاضي أي أجر، فمصدر دخله الوحيد هو ما تؤمنه له الجمعيات الخيرية في المنطقة.  

وفي حديثه لوكالة الأناضول، قال كيلاني: “كنت لاعبًا في نوادي الغوطة الشرقية، وعندما انطلقت الثورة ورأيت الظلم الذي يمارسه النظام على الناس والحالة المأساوية التي أوصلهم إليها، خرجت للدفاع عن أهل مدينتي وقاتلت في صفوف الجيش الحر (معارض) لمدة 3 سنوات حتى أصبت بجروح بالغة اضطر الأطباء معها لبتر إحدى قدمي”.  

وأوضح أنه اضطر بعد ذلك للنزوح من منزله في العتيبة بسبب قصف النظام والقدوم لبلدة المرج التي ما تزال تتعرض للقصف بين الحين والآخر، وأن بيت أخيه المجاور لمنزله تعرض لقصف وأسفر عن مقتل زوجة أخيه الحامل.  

وأشار كيلاني، أنه قضى 10 أعوام في نوادي الغوطة الشرقية على غرار “الكسوة” و”النشابية” و”الغزلانية”، وكان لاعبًا متميزًا وحقق آنذاك العديد من الإنجازات على الصعيد المحلي، كالحصول على بطولة دوري المناطق.  

وأضاف أنه “كان يلعب في مركز خط الوسط (يمين)، وأحيانًا يلعب في خط الهجوم، وكان سريعًا ومعرفًا في المنطقة، وكان يطمح للوصول بفريقه إلى دوري المحترفين لكرة القدم في سوريا”.  

ورغم الآلام والمآسي الكبيرة التي تمر بها بلاده، أعرب الكيلاني عن تفاؤله بالمستقبل، وأكد أنه سيتابع مسيرته التدريبية مع فريقه وسيحقق يومًا ما حلمه في الوصول لدوري المحترفين مدربًا، بعد أن منعته الظروف من ذلك وهو لاعب.  

ولم تمنع الإصابة والقدم المبتورة، والانشغال بالتدريب ورسم الخطط لعناصر فريقه، اللاعب السابق والمدرب الحالي من مشاركة فريقه أحيانًا في اللعب خلال فترة التدريبات، وتنفيذ ضربات الجزاء، متكئًا على عكازه، يستعيد من خلالها ذكريات ذهبت ولن تعود.  

وتلقت الرياضة في مناطق المعارضة السورية ضربة كبيرة خلال السنوات الماضية، حيث توقفت الفعاليات الرياضية بشكل شبه كامل، وغادر العديد من الرياضيين المحترفين في كافة المجالات البلاد بسبب القصف والوضع الأمني المتردي.  

وبدأت مؤخرًا ظهور بعض الفعاليات الرياضية أقامها متطوعون ورياضيون سابقون بدعم من منظمات إنسانية محلية، كمهرجان الرياضة والشباب الجاري حاليًا في الغوطة، برعاية تنظيم الهيئة العامة للرياضة والشباب في سوريا.

وطن إف إم / اسطنبول 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى