نشرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” تقريرا من العاصمة بغداد للكاتب نبيه بولص، عن موقف العراقيين من الحرب في سوريا، متسائلا عن السبب الذي يجعل آلاف المقاتلين العراقيين الشيعة يتدفقون نحو سوريا لمساعدة بشار الأسد.
ويصف بولص مشهدا في النادي الليلي “صن أوف ذا كانتري سايد”، الذي خفض فيه مسؤول الصوتيات صوت الطبل، وبدأ يهمس، في وقت قرب فيه مغني الصالة المايكرفون لشفتيه، وكانت حوله ثلاث نساء صففن شعرهن، وارتدين لباسا براقا، وقال المغني: “فلتبق سوريا في ظل بشار الأسد”، وحركت الراقصات رؤوسهن على وقع كلامه.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أنه في الوقت الذي تستعر فيه الحرب، فإن النتيجة باتت مهمة للعراقيين، الذين يتعاملون مع الحرب على أنها جبهة أخرى لمعركة يواجهونها في الداخل، مشيرا إلى أن عددا من فصائل الحشد الشعبي، التي تقاتل تنظيم الدولة، عملت على نقل الإمدادات والآلاف من المقاتلين عبر الحدود؛ للمساعدة في حرب المقاتلين ضد الأسد.
وتنقل الصحيفة عن زعيم فرع من كتائب أبي الفضل العباس، أوس الخفاجي، قوله: “بالنسبة لنا، فإن المعركة الرئيسة هي في سوريا، ولو لم يتم التعامل معها فسندفع الثمن هنا”، وأضاف: “لقد دفعنا الثمن مرة، وخسرنا ثلاث محافظات لصالح (الدولة الإسلامية)”، في إشارة إلى الحملة التي قام بها التنظيم عام 2014، وسيطر فيها على معظم مدن محافظة الأنبار.
ويبين الكاتب أن القتال في سوريا يذهب أبعد من الهجمات الوقائية ضد تهديد محتوم، حيث أصبحت المعركة الرئيسة بين السنة والشيعة، وظهرت كتائب، مثل كتائب أبي الفضل العباس، وكتائب الحق، أول مرة في سوريا عام 2012، تحت مبرر الدفاع عن مزار السيدة زينب في جنوب دمشق، مستدركا بأنه رغم عودة المقاتلين مرة أخرى إلى العراق، بعد هجوم تنظيم الدولة عام 2014، إلا أنها شهدت حملة تجنيد واسعة قبل التدخل الروسي في سوريا، وسمح لهم بنشر مقاتلين لهم هناك، وبأعداد كبيرة، ورحب النظام السوري بالقادمين الجدد.
ويلفت التقرير إلى أن سنوات من الحرب أدت إلى تقلص الجيش النظامي، وأصبح المقاتلون الشيعة جزءا مهما من عمليات الجيش في أنحاء مختلفة من البلاد، مشيرا إلى أن عناصر المليشيات، الذين يرتدون الشارات الصفراء والخضراء، يقومون بدور القوى الصدامية، التي تدفع مقاتلي المعارضة نحو حرب شوارع.
وتذكر الصحيفة أن مقاتلي مليشيا أبي الفضل العباس قادت الهجوم على بلدة معلولا، وهي بلدة مسيحية تبعد 40 ميلا شمال شرقي دمشق، وسيطرت عليها عام 2014، فيما راقب جيش النظام وقوات الدفاع الشعبي المعركة من تلة مجاورة.
وينوه بولص إلى أنه في مدينة حلب، التي تحولت اليوم إلى مركز حرب شوارع بين قوات الأسد والمعارضة، أعلنت مليشيا عراقية، وهي حركة “النجباء” في آب/ أغسطس، أنها سترسل ألفي مقاتل، ما يزيد عدد مقاتليها إلى سبعة آلاف فرد، لافتا إلى أن المليشيا، التي تلقى دعما من حليف الأسد الإقليمي إيران، أدت دور قوات خاصة لمدة عامين في دمشق.
ويكشف التقرير عن وصول المقاتلين الشيعة، الذين لم تدعمهم تكتيكيا حكومة بغداد، وهم جزء من كتيبة إيرانية، نقلت بالجو من إيران وباكستان وأفغانستان؛ لتقوية جيش بشار الأسد.
وتورد الصحيفة نقلا عن المتحدث باسم مجموعة “فاستقم كما أمرت”، التي تقاتل نظام الأسد، قوله إن التغييرات تنعكس على ساحة المعركة، وقال: “شاهدنا ولأكثر من عام أن القتال يقوده حزب الله اللبناني، أما الآن فإن الذين قتلوا أو جرحوا وأسروا في الشيخ سعيد (جنوب حلب) كلهم مقاتلون عراقيون”.
وينقل الكاتب عن المتحدث باسم حركة “النجباء” هشام الموسوي، قوله إن نشر مقاتلي المليشيا في حلب نابع من أهمية المدينة للقتال في الموصل، ولا يوجد أي دافع ديني، وأضاف أن جماعته تقاتل للتخلص من الإرهاب الذي يهدد المدن المسيحية والشيعية، و”لأننا نهتم فقط بالإنسانية، ونعتقد أن العدو واحد، والمشروع واحد، وهو امتداد طبيعي للحرب في العراق واليمن وليبيا”، واتهم المعارضة السورية بأنها متحالفة أيديولوجيا مع تنظيم الدولة، وتساءل قائلا: “أي معارضة معتدلة توافق على ضرب الطائرات الأمريكية للسوريين؟”.
وقال الخفاجي من جماعة أبي الفضل العباس إن نقاشا داخل الحشد الشعبي دار من أجل إرسال مقاتلين إلى سوريا بعد الانتهاء من معركة الموصل، وأضاف: “بعد الفلوجة حصل نقاش داخلي بأنه يجب حماية حدودنا الغربية مع سوريا بعد معركة الموصل، ويجب أن نشارك في المعركة هناك بالتوافق مع حكومة الأسد”.
ويستدرك التقرير بأن المتحدث باسم الحشد الشعبي أحمد الساعدي، قال إن قرارا كهذا يجب أن تتخذه الحكومة في بغداد، وأضاف: “لو انتهت المعركة ضد تنظيم الدولة في العراق، وقررت الحكومة العراقية ملاحقة الجماعات الإرهابية إلى سوريا؛ للتأكد من أنها لن تهدد الحدود مرة أخرى، فعندها نحن جاهزون”.
وتفيد الصحيفة بأن المعارضة السورية تتعامل مع المليشيات العراقية على أنها قوى مرتزقة، لافتة إلى أن تجمع “فاستقم كما أمرت” وضعت في بداية الشهر الحالي شريط فيديو، يظهر تحقيقا مع أحد مقاتلي “النجباء”، وقال أحد مقاتلي المعارضة لعنصر المليشيا: “هذه أرض عمر وأبي بكر محرمة عليكم”، وقال العنصر موجها رسالة لقادته: “لماذا فعلتم هذا بنا؟”، ولا يتوقع المقاتل وغيره من الذين قبضت عليهم المعارضة أن تهتم بهم الحكومة العراقية، أو تحتج على اعتقالهم.
وتختم “لوس أنجلوس تايمز” نقريرها بالإشارة إلى قول أحد مقاتلي المعارضة: “هؤلاء المقاتلون هم غزاة، ونحن ندافع عن بلادنا، وبالتأكيد لم يأتوا هنا للسياحة”.
المصدر : عربي 21