شتاء خامس يحل على اللاجئين السوريين في منطقة البقاع بلنان دون مقومات أساسية للحياة، وسط مخاوف من تكرار مأساة الشتاء الماضي إثر تناقص مساعدات الأمم المتحدة.
ومن 1.7 مليون لاجئ سوري في لبنان، بينهم نصف مليون غير مسجلين، يعيش 34% من اللاجئين في مخيمات عشوائية داخل قرى وبلدات ريفية وجبلية في البقاع.
هؤلاء اللاجئون يعبرون عن استيائهم من تخفيض الأمم المتحدة للمساعدات التي تقدمها للكثيرين منهم؛ بدعوى انخفاض قدرتها على تحصيل الموارد المالية الكافية للإغاثة.
وتمثل الأمطار التي انهمرت، خلال الأيام القليلة الماضية، على هذه المنطقة المعروفة أساسا ببردها القارص، نذيرًا بقساوة ما سيحمله شتاء هذا العام لسكان عشرات المخيمات المنتشرة في البقاع شمال وجنوبا.
وعبر الإمساك بأطراف الخيمة وتثبيتها بالحبال، حاول بعض سكان المخيم الواقع في سهل قب الياس بالبقاع الأوسط التصدي للرياح الشديدة والأمطار الغزيرة كي لا تتطاير الأسقف البلاستيكية.
محمد عبد الباري، وهو أحد سكان المخيمات، يقول لوكالة الأناضول، إن “الرياح في هذه المنطقة قوية للغاية نظراً لقرب المخيم من الجبل، الذي لا يبعد سوى 500 متر، ومع اشتداد الرياح تبدأ المعاناة لمن لا يملكون تأهيل (تثبيت) خيمهم بما يمنع تطايرها أو دخول المياه إليها”.
ومع هذا الحال، فإن اللاجئين، بحسب عبد الباري، “متخوفين جدا مما ستحمله الأشهر الأربعة القادمة؛ لأننا جربنا مرارة الشتاء السنة الماضية، ولا نملك ما نقاوم به حتى ينتهي الشتاء الحالي”.
أما بعض النساء فانشغلن لنهار كامل بإزالة المياه التي تسربت إلى داخل الخيم، بحسب الجدة “أم علي الماجن”، التي تضيف: “بدأنا بتنظيف خيامنا من المياه صباحاً والمطر شلال لا يتوقف، رغم أننا كنا ندرك أنه سيدخل من جديد، لكننا لا نملك سبيلًا سوى أن نستمر في إبعاد المياه إلى خارج الخيمة ما استمر المطر”.
ومتحسرة ومستنكرة، تتساؤل الجدة السورية عما قد تحمله الأيام القادمة إن كانت البداية بهذه القسوة قائلة: “هذا أول الغيث.. فما عسانا نفعل إذا ما اشتد علينا الصقيع والبرد والريح كما المطر لأيام طوال متتاليات بينما لا نملك ملاذاً.. الخيام نفسها والمعاناة مضاعفة؟!”.
وتختم الجدة بقولها: “ما كنت فيه لا يصف حالي وحدي، بل حال جل نساء المخيم، فجيراننا مثلاً طافت بهم مياه المطر وتسربت لأسفلهم وهم عاجزون مرضى لا يملكون معينًا ولا مجيبًا، وانتظروا على حالهم إلى حين فرغ بعضنا من لممة مصيببته ومساعدتهم”.
في ظل هذه المأساة، يتساوى خوف اللاجئين من الشتاء بالتوجس من سياسة تخفيض المساعدات التي تلجأ إليها المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، إضافة إلى الهيئات الإغاثية المحلية.
اللاجئ ياسر الحواري يشكو لوكالة الأناضول من التأخير المستمر في مساعدت الأمم المتحدة قائلًا: “بدأ الشتاء وغزتنا موجات البرد، لكن الأمم المتحدة تعيش بمنأى عن حاجتنا للمازوت (أحد أنواع الوقود) الذي تستلزمه التدفئة، ولم توفر لليوم أياً من حاجات الشتاء الضرورية.. لكن مساعدات الأمم المتحدة تبقى أفضل من العدم”.
أبو الأطفال الخمسة، رامح ركان، الذي استمر في إصلاح خيمته لساعات بعد توقف المطر، يدعو الله أن تنتهي هذه الشدة عاجلاً، فبحسب قوله: “لا حياة كريمة نعيشها هنا.. فاق العسر تخيلنا وتوقعنا، الشتاء والصيف والبرد والحر كلها تأتي بما لا نطيق، عسى أن نعود إلى بيوتنا ونُرحم من كل البلايا التي نقتات عليها صباح مساء”.
المعنيون من جانبهم أعلنوا أن الحاجة الميدانية الفعلية تفوق قدرة المؤسسات المحلية والدولية، خصوصاً في ظل منع بعض البنوك لتحويلات مالية ترسلها جمعيات إغاثية خارجية إلى نظيرتها المحلية التي تعمل في مجال إغاثة اللاجئين؛ إذا تعتبر السلطات أن أموال بعض الجمعيات الخارجية مجهولة المصدر والهدف.
ويقول مسؤولون في جمعيات أهلية وخيرية للأناضول إن المساعدات الشتائية، مثل البطانيات والمدافىء والشوادر البلاستيكية، في تناقص حاد مقارنة بالأعوام التي خلت.
ومع هذا الحال، يؤكد اللاجئون وجميعات الإغاثة على ضرورة تلبية الحاجات الضرورية، قبل بدء موسم الثلوج، الذي يكون أشد قسوة من الأيام الراهنة.
وطن إف إم/ اسطنبول