بعد الفضيحة التي طالت عناصره وقواته في مدينة حلب، قال العميد محمد جابر قائد ما يُعرف بميليشيا صقور الصحراء، وهي ميليشيا تابعة لنظام الأسد وتتلقى التدريب والتمويل من إيران، وعلى علاقة وثيقة بالروس، إن عناصره بالفعل قاموا بسرقات مختلفة في المناطق التي سيطر عليها نظام الأسد في حلب.
وما كان العميد السالف، والذي يلقّب نفسه بـ”المجاهد” أن يدلي بذلك الاعتراف، لولا أن القضية أثيرت على يد مراسل إحدى الفضائيات العربية الموالية لبشار الأسد. حيث أدلى مراسلها في سوريا، وتحديدا في محافظة حلب، بتصريحات أمس الخميس، سمّى فيها الجهات الرسمية السورية التي تقوم عناصرها بسرقة منازل الحلبيين بعد دخول الميليشيات التابعة للأسد إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها قوات المعارضة السورية، مثل منطقة “منيان” ومنطقة “الضاحية” والـ 3000 شقة، وسواها.
وبدأت فصول الفضيحة التي هزّت الشارع الموالي لنظام الأسد، قبل معارضيه، عندما قامت إحدى الإذاعات المحلّية، بالاتصال مع مراسل يعمل لصالح إحدى الفضائيات التي تناصر نظام الأسد، وسألته عن أسماء الجهات الرسمية التي تقوم بسرقة منازل الحلبيين. وسبب سؤال تلك الإذاعة لذلك المراسل، هو أنه كان قد ذكر في منشور فيسبوكي له، أنه سيذكر وبالأسماء من هم الذين يسرقون أملاك الحلبيين بعد استيلاء قوات الأسد على المناطق التي كانت تنتشر فيها قوات المعارضة السورية وتؤمن لها الحماية الكاملة دون أن تقع حادثة سرقة واحدة.
وحصل الأمر وقال المراسل للقناة، إن الجهات التي تسرق في حلب، هي عناصر تابعة لميليشيا صقور الصحراء، وميليشيات أخرى تدعى “درع الأمن العسكري”. محددا أن سرقاتهم تمت في مناطق جمعية منيان وحلب الجديدة، مشيرا إلى أن بعض تلك المسروقات نقلت إلى خارج حلب، كما قال في تصريحه لإذاعة “نينار” المحلية الموالية.
وأضاف المراسل، أن الذين سرقوا منطقة الحمدانية ومنطقة 3000 شقة ومنطقة الرواد، هم عناصر تابعة لرجل يقول إنه تابع “للعقيد الحسن” أي سهيل الحسن، وهو من أقرب الضباط الى الأسد، وسبق أن كرّمته روسيا أوائل العام الجاري. وقال إن هناك زعيماً محليا يدعى “علي الشلة” ولديه أكثر من 2000 عنصر، هو الذي يقوم بعمليات السرقة وإقامة الحواجز، وإن هذا الشخص يقول عن نفسه إنه تابعٌ لقوات العقيد الحسن الملقب بـ”النمر”.
واستطرد المراسل بالقول، إن هؤلاء “مافيات” تتلقى الدعم والحماية، ولا أحد يجرؤ حتى على تسميتها. وأدت تلك التصريحات إلى تلقيه تهديدات بالقتل من أطراف عديدة، كما صرح هو نفسه في اتصاله الهاتفي مع “نينار” وكذلك ما كتبه على صفحته الفيسبوكية.
الفضيحة عمّت الشارع الموالي، خصوصا أنه قام بتسمية إحدى أشهر الميليشيات التي تقاتل مع الأسد وهي “صقور الصحراء” وكذلك تسمية الجماعات المسلحة للعقيد سهيل الحسن الذي تنتشر قواته الآن في المناطق التي كانت تقيم فيها قوات المعارضة السورية وتؤمّن لها الحماية الكاملة. إلا أن سقوط تلك المناطق بيد جيش الأسد والميليشيات التابعة له، جعلها عرضة لنهب منظم ومافيوي، وصل إلى درجة قتل حرّاس العمارات السكنية من أجل سرقة الشقق، كما قال هو في اتصاله الهاتفي.
فقامت الإذاعة السورية المذكورة، بالاتصال بقائد ميليشيا صقور الصحراء، المقيم حالياً في روسيا، ونقلت له ما راج من أخبار عن قيام عناصره بسرقة شقق وأملاك الحلبيين، ونقلا عن مراسل إحدى الفضائيات العربية الموالية لنظام الأسد، فاعترف بحصول تلك العمليات، قائلا إنه سيلتقي ذلك المراسل في مدينة حلب، حال عودته من روسيا يوم الأحد القادم، كما أشار في اتصاله الهاتفي.
وأوضح المراسل، أن اشتباكاً وقع بين ميليشيات الأسد وبعض عناصر جيشه، حينما حاولت بعض الجهات التابعة لنظامه، إيقاف شاحنات محملة بأملاك الحلبيين. وأكد أن الشائعات التي تنطلق في حلب من أن شقق الحلبيين يتم حرقها، غير صحيحة، شارحا الأمر على أن هذه الحرائق تندلع في الشقق بسبب قيام اللصوص بحرق الجدران والأرضيات التي تحتوي على “سيراميك”، فتحرق الجدران لفصل السيراميك عن الأرض والحوائط، ثم نقله وبيعه. كما قال.
التهديدات الكبيرة التي طالت المراسل، دفعت بعدد كبير من أصدقائه لإطلاق هاشتاق طلباً لحمايته من هؤلاء الذين سمّاهم وأشار إليهم كلصوص مافيويين محميين ويتبعون لأكبر الميليشيات التي تقاتل مع الأسد وكذلك كتابعين لأحد أكبر ضباطه وهو العقيد سهيل الحسن، حيث قال المراسل إن المدعو علي الشلة عرّف عن نفسه بأنه من جماعة العقيد الحسن.
وسبق لقائد ميليشيا صقور الصحراء “المُجاهد” محمد جابر كما يعرف نفسه فيسبوكياً، أن قال في منشور يعود إلى التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، بأنه من “أمة محمدية الإسلام، عَلَوية الهوى، وحسينية البقاء، جعفرية النهج، مهدوية الولاء”. ونشر موقع “العربية.نت” خبراً عن تصريحاته التي يعرف فيها عن نفسه وميليشياته، بتاريخ 27 من أكتوبر.
يذكر أن سرقة الأملاك الشخصية والمنازل، والتي تسمى بـ”التعفيش” في سوريا، تتم في كل المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، بعد إخراج قوات المعارضة السورية التي كانت تؤمّن لها الحماية الكاملة. ولعلّ أشهر قصص السرقة والنهب للمنازل “التعفيش” حصلت مؤخراً في “داريا” التابعة لريف دمشق، بعدما قام نظام الأسد بتهجير أهلها قسراً، حيث بدأت فيها سرقة المنازل علناً وفي رابعة النهار، إلى درجة أن إعلامياً إلكترونيا مقربا من عائلة الأسد، ويدعى وسام الطير، قد قال على صفحته الفيسبوكية وعلى موقعه الإلكتروني بأن عناصر مسلحة تابعة لميليشيات الأسد وترتدي الزي العسكري هي التي تقوم بعمليات “التعفيش” على مبدأ “غنائم الحرب” كما قال هو حرفيا في منشوره، ونشره موقع “العربية.نت” في حينه.
المصدر: العربية