تمثل كلمات القصف والجوع والحصار والمرض عناوين عريضة لتفاصيل مأساوية يعيشها المدنيون في الأحياء الشرقية من مدينة حلب،التي تسيطر عليها قوات المعارضة، وتتعرض منذ 3 أسابيع لحملة عسكرية هي الأكثر وحشية منذ بدء الثورة السورية منتصف مارس/ أذار 2011.
فمع تقدم قوات نظام بشار الأسد والميليشيات الشيعية الموالية في هذه الأحياء، تقوم، وكخطوة أولى، بقصف تلك الأحياء السكنية بشكل مكثف وعشوائي؛ ما أسقط حتى الآن مئات الشهداء وآلاف الجرحى بين المدنيين، فضلا عن دمار مهول للأبنية السكنية والمحلات التجارية، وغيرها، ضمن مساع نظام الأسد للسيطرة على مناطق المعارضة، التي فقد السيطرة عليها قبل 4 سنوات.
ومع شعور المدنيين باقتراب قوات النظام وميليشياته يحملون على عجل ما يستطيون حمله من أغراضهم المنزلية، ثم يهيمون باتجاه الأحياء الأخرى الخاضعة للمعارضة، فينزح بعضهم ماشيا، والمحظوظ من يتمكن من النزوح على سيارة، فيما طائرات النظام وروسيا، الداعمة له، لا تتوقف عن القصف.
فيما يأخذ أصحاب المحلات التجارية ما تبقى من بضائعهم إلى حيث ينزحون، لعلهم يبيعونها، فيجمعون بعض النقود في مدينة توقفت جميع أفرانها عن العمل، وطغى عليها الجوع، في ظل حصار قوات النظام ومليشياته لقرابة 275 ألف شخص في مناطق المعارضة، حيث تمنع إدخال مواد غذائية أو أدوية ومستلزمات طبية؛ ما أدى إلى تردي الأضواع الإنسانية بشكل غير مسبوق.
المرضى، وخاصة كبار السن، هم أكثر المتضررين من مأسأة هذه المدينة السورية المنكوبة، فلا توجد مشافي لعلاجهم، بعد أن دمر القصف آخر أربعة مشافي في حلب، وبات العثور على مكان لتلقي العلاج ضربا من المستحيل.
عدنان العلي، وهو أحد أبناء حلب، قال لوكالة الأناضول إن “النظام الذي تقدم في حيي الشعار وطريق الباب قام بقصفها بشكل عنيف، ولم يترك بناء فوق بناء، فالطائرات الحربية لا تغادر أجواء المدينة”.
ومع هذا الوضع، يضيف العلي، “تعطلت الحياة تماما في حلب، فلا أعمال ولا أمان، والناس مشغولين في الهروب من القصف.. هذه مأساة”.
وبحزن، يتابع الشاب الحلبي أن “كل حي يتقدم النظام باتجاهه يتعرض للتدمير”، قبل أن يختم بأنه “رغم كل ما يحدث في حلب فإن الحق سينتصر، وستعود المدينة إلى أهلها، مهما طال الزمن”.
وبينما تتواصل مأساة حلب أخفق مجلس الأمن الدولي، أمس الأول الإثنين، في تمرير مشروع قرار يدعو إلى هدنة لمدة 7 أيام في المدينة؛ للسماح بإدخال مساعدات إنسانية للمدنيين المحاصرين؛ وذلك بسبب استخدام روسيا والصين حق “النقض” (الفيتو).
وطن إف إم/ اسطنبول