أخبار سورية

“يوميات حصار” الغوطة .. مأساة سميرة الخليل تتحدث الإسبانية

أكثر من 3 سنوات على اختطاف الناشطة السورية سميرة الخليل، بمدينة “دوما”، بغوطة دمشق الشرقية، من دون معرفة مصيرها.

غير أن اليوميات التي سجلتها، خلال فترة الحصار، خرجت للنور باللغة الإسبانية، حيث أعلن عن ترجمة كتابها “يوميات الحصار في دوما 2013″، بحفل في العاصمة مدريد مؤخرا.

وهذه أول ترجمة للكتاب، الذي يلفت الانتباه الى قضية الكاتبة السورية التي اختطفت مع رزان زيتونة وزوجها الناشط وائل حمادة، وناظم حمادي، المحامي والشاعر، في 9 ديسمبر/كانون الأول 2013، من مقرّ عملهم في دوما، ولا يزال مصيرهم غامضاً حتى اليوم.

الكتاب هو عبارة عن يوميات الكاتبة في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، التي حاصرها النظام حيث دونت فيها بخط يدها قصص المحاصرين والجوع والمرارة، وهي مخطوطات أنقذها أصدقاؤها، وبعثوا بها لزوجها بالخارج والذي عمل على نشرها في كتاب.

الإعلان عن ترجمة الكتاب جاء، مساء الخميس الماضي، في ذكري ميلادها السادسة والخمسين، بمقر “البيت العربي” (مؤسسة للدبلوماسية الثقافية تتبع وزارة الخارجية الإسبانية) بالعاصمة مدريد.

وتتميز يوميات سميرة الخليل بأنها تدوينات بسيطة أقرب إلى اقتناص لحظة دقيقة لا ترى بالعين المجردة، كما أنها كتبت تلك اليوميات بسبب وضع لا يسمح لها بأن تفعل أكثر من تدوين ما تراه على ورق يومياتها في ظل انقطاع الكهرباء وعزل المدينة عن العالم الخارجي.

في دوما تجد الكاتبة نفسها تحت الحصار فتقرر تسجيل حالات الموت الفظيع، وعجز الإنسان، في مدينة يحاصرها النظام وتديرها جماعة إسلامية.

كتبت سميرة طيلة أشهر، منذ المجزرة الكيميائية 21 أغسطس/آب 2013 حتى يوم اختطافها.

وسميرة الخليل كاتبة وناشطة سياسية سورية من مواليد حمص 1961 وهي مناضلةً في حزب العمل الشيوعيّ المعارض، اعتقلت لأكثر من 4 سنواتٍ منذ العام 1987.

بعد الإفراج عنها اختارت سميرة أن تعيش مستقلةً في دمشق، تعمل في تصميم وإخراج الكتب لتنفق على نفسها.

وسميرة متزوّجةٌ من الكاتب ياسين الحاج صالح، الذي قضى عامين متوارياً في دمشق، قبل أن يقصد الغوطة الشرقية في أبريل/ نيسان 2013 لتنضم إليه سميرة بعد أسابيع، بعد أن أصبحت ملاحقةً من النظام في دمشق بفعل تقريرٍ كتبه مخبر.

وظلت سميرة في الغوطة حتى بعد خروج الحاج صالح منها في يوليو/تموز 2013.

وكانت تقيم في دوما، حيث عملت مع صديقتها رزان زيتونة، الكاتبة والناشطة الحقوقية، وكانتا تعملان معاً في مركز “النساء الآن” في دوما التي يسيطر عليها جيش الإسلام بقيادة زهران علوش آنذاك.

واختُطفت سميرة الخليل (مع رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة)، الناشط والمعتقل السابق، وناظم حمادي المحامي والشاعر، من مقرّ عملهم في دوما، ولا تعرف أيّ معلوماتت عنهم منذ ذلك الوقت، وليس مؤكداً ما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة، أم لا.

وجمع زوجها يومياتها، التي كانت تكتبها على صفحتها بموقع “فيسبوك” قبل أن تعيش عزلة بسبب انقطاع الكهرباء والانترنت، لتبدأ في كتابة يومياتها على الورق وهي اليوميات التي نشرت في الكتاب.

وبعد عامين وعشرة أشهرٍ على اختطاف الخليل وزملائها، نشر كتاب “يوميات الحصار في دوما 2013″، الذي يقع في ثلاثة أقسام، تضمن أولها محتوى أوراقٍ كتبتها سميرة بخط اليد، والثاني منشوراتٍ لها على موقع “فيسبوك”، وقسم ثالث من ثلاث مقالاتٍ تعريفيةٍ كتبها صالح عن زوجته.

وخلال الإعلان عن ترجمة الكتاب إلى اللغة الإسبانية في مدريد طالب الفيلسوف الإسباني سانتياغو آلبا ريكو جميع القوى المدافعة عن الحرية بـ “بذل الجهود لمعرفة مصير الكاتبة وزملائها”.

كما انتقد آداء اليسار العالمي والإسباني، على وجه الخصوص، الذي اتهمه بأنه “مقصر في بذل مجهودات أكبر في دعم مطالب الشعب السوري في الكرامة والحرية”.

وقدم الكاتب السوري الإسباني ياسين صويحات عرضاً مفصلاً عن صعوبة الحياة تحت الحصار.

وأوضح أن ما قدمته سميرة الخليل “كان توثيقاً إنسانياً للحصار ووجع التجربة التي يتمنى فيها الناس الموت بالغازات في وضع أقرب للموت الرحيم من التعرض للبراميل المتفجرة والقذائف التي تنشر الموت وتشوه أشكال الضحايا، أو حتى الاعتقال حيث سخضعون للتعذيب والإذلال.

وقالت نعومي راميريث، مترجمة الكتاب وهي مستشرقة إسبانية متخصصة في الشأن السوري، لوكالة الأناضول،: “أنهيت ترجمة الكتاب في ديسمبر/كانون الأول الماضي تقريباً في ذكرى اختطاف سميرة، وقد بهرني الحس الإنساني لهذه الكاتبة الرائعة”، و”سميرة كتبت بتلقائية لتسجل الأحداث تحت الحصار”.

وأضافت نعومي، التي رفضت توقيع الكتاب في انتظار أن توقعه الكاتبة التي يلف الغموض مصيرها،: “لم يتم توقيع الكتاب باللغة العربية، ولا الترجمة في انتظار أن توقعه الكاتبة نفسها في يوم من الأيام”.

وأشارت إلى أن ترجمة الكتاب “جزء من حملة للفت الانتباه إلى قضيتها ودفع مختلف الجهات المسؤولة للكشف عن مصيرها”.

وعلى هامش الندوة قالت الكاتبة الفلسطينية والباحثة في جامعة “الكومبلتنسيه مدريد” ميساء حجاج، للأناضول أيضاً، ” ترجمة الكتاب يعطي فرصة للرأي العام الإسباني للتعرف عن قرب على المناضلة السورية سميرة الخليل”.

وأوضحت أنها الكاتبة تعكس من خلال تجربتها الشخصية تحت الحصار في يوياتها تجربة آلاف السورية الذين عانوا – ولا زالون يعانون – في قراهم ومدنهم المختلفة بسبب الحرب والنزاع، ومطالبهم العادلة بالحرية والكرامة.

ورأت ليلى نشواتي، الأستاذة بقسم الإعلام والاتصالات في جامعة الملك كارلوس الثالث في مدريد، أن الكتاب بالغ الأهمية لفهم ما يحدث داخل سوريا ويكشف الجانب الإنساني الذي تميزت به الكاتبة، وأظهرته من خلاله رصدها الحياة اليومية للناس تحت الحصار.

من جانبها، قالت الصحفية الإسبانية فابيولا بارانكو، إن الكتاب ليس مجرد مذكرات، فهو يحكي قصة كاتبة قررت توثيق الأحداث تحت الحصار، وقصة كفاح زوجها الذي نشر الكتاب وأصدقائها الذين أنقذوا مخطوطاتها بعد اختفائها.

وأضافت أن الكتاب يسلط الضوء كذلك على أنه “إذا كان هنالك عدو للنظام والجماعات الإرهابية فهو الحرية والكرامة والنضال”.

وطن إف إم/ اسطنبول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى