اختار شباب وشابات من اللاجئين السوريين في الأردن ألا يستسلموا للوضع الراهن، فالتحقوا ببرامج دراسية تدريبية، للمساعدة في إعالة أنفسهم وأسرهم، وحتى إذا بلغت الحرب في بلدهم يوما ما نهايتها، يشاركون في إعادة إعمار ما دمرته.
ففي مركز الملكة رانيا للدراسات الأردنية وخدمات المجتمع التابع لجامعة اليرموك (حكومية) في مدينة أربد (شمال)، يجلس نحو 174 طالبا وطالبة سوريا على مقاعد الدراسة، للحصول على درجة الدبلوم في تخصصات عملية، منها المساحة وحساب الكميات وإدارة الخدمات الصحية والمستشفيات والسجلات الطبية.
الطالبة السورية، ريم الحريري (21 عاما)، قالت لوكالة الأناضول: “أدرس في هذا المركز (الذي تأسس في أغسطس/ آب 2006) دبلوم إدارة مستشفيات، وهو تخصص سأنتفع به في المستقبل من ناحية العمل”.
ولم يكن الأمر سهلا، فالحريري، كما قالت، “في الأردن منذ ثلاث سنوات ونصف، ولا مجال للدراسة؛ لصعوبة الحصول على أوراق مرحلة الثانوية (مرحلة البكالوريا في سوريا)، وهذا البرنامج أتاح لي الفرصة لاستكمال دراستي”.
وبنظرة تفاؤل، تابعت الطالبة السورية أن “أي شهادة سأحصل عليها، ستساعدني للعمل هنا، فضلا عن أنها أيضا ستتيح لي المجال للمساهمة في بناء ما دمرته الحرب في سوريا”.
إعالة الأسرة
عن كيفية التحاقه بمركز الملكة رانيا، قال الطالب السوري، مصطفى طلاع (23 عاما)، إنه سمع عن منح للدراسة في المركز بدعم من دولة الكويت، وبالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو).
طلاع أضاف، في حديث للأناضول: “تقدّمت بطلب لدراسة تخصص إدارة الفنادق، كونه مجالا عمليا، وأستطيع من خلاله أن أطور نفسي، بعد أن فقدت والدي أثناء الحرب برصاصة أحد القناصة”.
ومتمسكا بالحياة، تابع الشاب السوري: “في ظل استشهاد والدي وإعالتي لأمي وأخي وزوجة أخي وأولاده، فسأتمكن من تحسين وضعهم المعيشي بعد الحصول على شهادة دراسية تُعزز من إمكاناتي الوظيفية، وتمنحني فرصة للمساهمة في بناء بلدي بعد انتهاء الحرب”.
دعم كويتي
من جهته، قال مدير مركز الملكة رانيا، هيثم بني سلامة، إنه “تم مؤخرا عقد اتفاقية مع منظمة اليونيسكو، بدعم سخي من حكومة الكويت، لتدريب 174 طالبا سوريا في برامج التدريب المهني”.
كما جرى أيضا، وفق حديث بني سلامة للأناضول، “توقيع اتفاقية أخرى لتدريس 74 طالبا سوريا في مرحلة البكالوريوس لفصل دراسي واحد، متضمنة راتبا شهريا بقيمة 70 دينار أردني (98 دولار أمريكي)”.
وبالنسبة للهدف من هذه البرامج الدراسية، أوضح أنها “ترمي إلى إلى تأهيلهم لمرحلة ما بعد الحرب، حال عودتهم إلى بلدهم أو (توجههم) إلى بلدان مهجر، بحيث يكون معه شهادة تمكّنه من بدء حياته هناك”.
وزاد بني سلامة جانبا نفسيا يوضح أهمية مثل هذه البرامج، “فوجود الطالب في البيت يخلق نوعا من العنف، وخلطه مع المجتمع في هذه الفترة المؤقتة حتى تنتهي أزمته سيحقق فوائد له وللأردن أيضا”.
واعتبر أن “انخراط الطلبة السوريين وتعايشهم مع الأردنيين عائد إلى الثقافة المشتركة التي تجمعهم، فلا توجد مشاكل تذكر بينهم”.
650 ألف دولار
ولفت مدير مركز الملكة رانيا إلى أن قيمة الدعم للطلبة السوريين للبكالوريوس وطلبة الدبلوم المهني بلغت 650 ألف دولار.
وفي أواخر سبتمبر / أيلول الماضي، وقعت “يونسكو” وجامعة “اليرموك” الأردنية اتفاقية تعاون تهدف إلى إعادة تأهيل الطلبة السوريين الدارسين في الجامعة، بتمويل من دولة الكويت.
ووقع الاتفاقية عن الجانب الأردني رئيس جامعة “اليرموك” رفعت فاعوري، وممثلة “يونيسكو” في المملكة، كوستانزا فارينا، بحضور السفير الكويتي لدى عمان، حمد الدعيج.
وقال فاعوري، آنذاك، إن “عدد الطلبة السوريين في جامعة اليرموك يبلغ 400 طالب وطالبة تقريبا في كافة البرامج الدراسية -دبلوم وبكالوريوس ودراسات عليا”.وعامة، يعيش في الأردن نحو مليون و390 ألف سوري، قرابة نصفهم مسجلين بصفة “لاجئ” في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن 750 ألفا منهم دخلوا المملكة قبل اندلاع الأزمة السورية في مارس/ آذار 2011، بحكم علاقات النسب والمصاهرة والتجارة.
وطن إف إم/ اسطنبول