عكس ما تتمناه كل الأمهات، لا تريد اللاجئة السورية سمر، 26 عاما، لطفلتها أسيل من زوجها التركي أن تكبر، ليس كرها بها، لكنها تخشى عواقب ذلك، حيث أنه عندما تكبر ابنتها سوف تضطر هي وزوجها لتسجيلها في النفوس، لكي تذهب إلى المدرسة، ولن تتمكن من تسجيلها باسمها، لأن القانون التركي لا يوثق الزواج الثاني.
حال هذه السورية يشبه حال المئات من السوريات اللواتي أصبحن زوجات ثانيات لرجال أتراك بدون توثيق قانوني، بعد قدومهن لاجئات إلى الأراضي التركية.
تقول سمر معبرة عن هواجسها: “أجهل المستقبل الذي ينتظرني أنا وطفلتي، ولا أفكر به لأن التفكير فيه يجعلني أعيش في حلقة من التوقعات المخيفة”.
حلان لا ثالث لهما
حسب رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، غزوان قرنفل، فإن سمر وطفلتها أمام معضلة ذات حلان لا ثالث لهما.
يوضح قرنفل، أن “الحل الأول أن تُسجل أسيل باسم الزوجة الأولى إن وافقت، أما في حال عدم موافقتها، فإن الحل الثاني، هو تسجيل أسيل باسم والدها التركي، لكن على أنها ثمرة علاقة غير شرعية”.
ويفرض ذلك، عدم سماح القانون التركي لتعدد الزوجات، تحت أي مبرر، إلا في حال طلاق الزوجة الأولى.
ويرى قرنفل، أنه “من الأفضل ألا تقبل المرأة السورية بالزواج من رجل تركي إلا بالصيغة القانونية المعترف عليها رسميا في البلدية، لأن ذلك يعني ضمان حقوقها، ويجنبها الآثار والنتائج السلبية الكثيرة، التي من أهمها خسارتها لحضانة الأطفال”.
ويشير بالمقابل، إلى تعرض الكثير من السوريات لضياع حقوقهن بعد طلاقهن من أزواجهن الأتراك.
لا إحصائيات
طبقا لإحصائية صادرة عن مؤسسة الإحصاء التركية في العام 2016، فإن السوريات احتللن صدارة الزوجات الأجنبيات للأتراك، بعدد ناهز السبعة آلاف زوجة، وبنسبة 28 بالمائة من مجمل الزوجات الأجنبيات في تركيا.
ولا تتضمن هذه الإحصائية الزيجات غير الموثقة، علما بأنها “الأكثر عددا” كما يشير قرنفل.
ويقول: “لا نمتلك إحصائيات ولا حتى مؤشرات لعدد السوريات المتزوجات من أزواج أتراك بدون توثيق أو تسجيل لدى المحاكم التركية، لكن العدد كبير وضخم إلى حد كبير”.
أسباب كثيرة
لسمر أسبابها التي دفعتها للقبول بالزواج من رجل تركي متزوج وبدون توثيق قانوني، تجملها بالقول: “ماتت أمي، بعد قدومي مع عائلتي إلى تركيا قبل نحو أربع سنوات، ولم بيق أمامي إلا الزواج على أن أعيش عالة على شقيقي”.
وتضيف، “لم يتقدم لخطبتي رجل سوري، وعندما خطبني زوجي التركي وافقت فورا، وتم عقد القران بواسطة مأذون سوري الجنسية”، مؤكداة أنها لا تشعر بالندم بعد عامين من زواجها.
وعكس سمر، تشعر ريم، التي مضى على زواجها برجل تركي بضعة أشهر، بالندم الشديد، لأن عدم الاعتراف القانوني بزواجها، حول حياتها إلى كابوس.
وتضيف، “للآن لم أرزق بأطفال من زواجي، وهذا ما يجعل من زواجي غير مستقرا، ناهيك عن عدم معرفة الزوجة الأولى بزواجي، مشيرة إلى أسباب قبولها بالزواج من رجل تركي، كونها مطلقة من قبل، وأن “الزواج قسمة ونصيب، وهذا نصيبي”.
وطن اف ام / عربي 21