تعرض البضائع ويتصدر اللافت منها واجهة المحال التجارية في المدن المحررة حديثاً شمال شرق حلب، استعداداً لاستقبال أول عيد فطر للمنطقة تحت علم الثورة بعد غياب دام ثلاثة أعوام.
أجواء فرح وحماس
على غير عادته في أيام شهر رمضان المنصرمة، يفتح أبو أسعد دكانه مع ساعات الصباح الأولى في مدينة جرابلس والبسمة تتصدر وجه التعب.
يبدأ بعرض بضائعه من الفواكه والخضروات القادمة من مختلف مناطق ريف حلب وادلب، والتي أطال في انتقائها وتأكد من جودتها أملاً باستقطاب أكبر قدر من الزبائن الآملين بالفرح هذا العام.
” نستعيض عن الدخل المحدود طيلة العام بأرباح الأيام الأخيرة من رمضان والتي تسبق قدوم عيد الفطر، اذ تعتبر من أفضل الأيام دخلاً وأكثرها ربحاً بالنسبة لنا “.. هذا ما يقوله “أبو أسعد”.
ويضيف أبو أسعد: مع اقتراب موعد عيد الفطر كان لزاماً عليّ العمل على إعادة ملء دكاني بالخضروات الطازجة والفواكه التي تعتبر من أهم أساسيات العيد، وتعرف بـ” سفرة الضيف” التي تتشكل من الفواكه والخضروات الموسمية، بالإضافة إلى “الكرابيج والمعمول” وغيره من الحلويات التقليدية.
إقبال كبير
نتيجة للأمان الذي أنعش حياة السكان في ريف حلب الشمالي، بعد طرد تنظيم الدولة منه وعدم تعرضه للقصف، وبسبب اكتظاظ مدن الشمال بالنازحين والمهجرين، ترتفع نسبة الإقبال على التسوق مع اقتراب أول أيام العيد وانقضاء شهر رمضان.
أيام تكتظ معها أسواق كبرى مدن ريف المنطقة بالزبائن حيث يندر أن تغلق المحال التجارية أبوابها في مثل هذه المناسبات عادة، بينما تنتشر عربات الباعة الجوالين والبسطات المؤقتة في كل زاوية من كل سوق.
“يمكن القول أن نسبة الإقبال والشراء هذا العيد هي الأعلى والأضخم من نوعها منذ ست سنوات، ومن المتوقع أن تتضاعف المبيعات في آخر يوم من شهر رمضان كما جرت العادة” كما يقول “أبو حسان” وهو صاحب متجر لبيع الحلويات والشوكولا في مدينة اعزاز كبرى مدن ريف حلب الشمالي.
ويؤكد أن اليوم الأخير من رمضان والذي يعرف بيوم “وقفة العيد” هو بالنسبة لمعظم الحلبيين، والسوريين طبعاً، يوم الاقتناء والشراء ببذخ عادةً، وهذا ما يجعل التجار والبائعين يرفعون الأسعار لمضاعفة نسبة الأرباح وهو ما يتوقع أبو حسان أن يتكرر هذا العام مثل كل عام.
الألبسة.. البضائع التركية الأكثر طلباً
تتصدر البضائع التركية محال الألبسة التجارية في مختلف المناطق المحررة في الشمال السوري، حيث تعتبر الأقل سعراً والأعلى جودة بالمقارنة مع باقي البضائع المتوفرة في المراكز التجارية، وهو مايفسر إقبال الزبائن وخاصة النساء والأطفال على اقتنائها، وذلك بسبب الجودة والإتقان في التصنيع، بالإضافة إلى أسعارها المعقولة بالمقارنة مع البضائع المحلية والبضائع القادمة من مناطق سيطرة الأسد وميليشياته.
ويوضح “جميل شهابي” وهو أحد تجار الألبسة في مدينة الباب الفوارق بالأسعار والجودة بين البضائع المتوفرة بالسوق الحلبية اليوم، بالقول: نتيجة السمعة الطيبة التي تحظى بها صناعة الألبسة التركية، ناهيك عن الجودة وأسعارها المقبولة، تشهد إقبالاً كبيراً وبشكل خاص من جانب العائلات حيث لا يتجاوز ثمن لباس الطفل المتكامل الأربعة آلاف ليرة سورية، بينما يكون سعر ألبسة الأطفال المصنعة محلياً مايوازي الستة آلاف ليرة على الأقل.
الألبسة المصنعة محلياً
ويضيف: أما بالنسبة إلى الألبسة الخاصة بالشباب، فإن البضائع المصنعة محلياً “المشغولة داخل المناطق المحررة” تعتبر المنافس الأبرز للبضائع التركية والقادمة من مناطق سيطرة نظام الأسد، إذ يفضل معظم الشباب الموديلات المصنعة محلياً والتي تحمل موصفات تتناسب مع أذواقهم.
وهو مايؤكده “رياض” أحد الشباب المهجرين من حي الوعر الحمصي، حيث أبدى إعجابه بالألبسة الشبابية المحلية وفضلها على البضائع التركية مستنداً للباس الذي اقتناه بالقول: البنطال التركي واسع والسترة واسعة وقصيرة، وهذه صفات نقيضة للباس المحلي الذي يميز بنطاله بالضيق المقبول والسترة الملائمة والطويلة.
وبحسب “جميل الشهابي” فإن التنافس بين البضاعة التركية والبضائع المصنعة محلياً، أغلق الباب أمام البضائع القادمة من مناطق سيطرة نظام الأسد، نظراً لأسعارها المرتفعة والتي لا تتناسب وجودتها العادية، بالإضافة إلى عدم التجديد في الموديلات.
لا نهاية قريبة للحرب في سوريا، ولا أحد يدري ماذا تخبئ قادم الأيام للسوريين..واقع فرض على الجميع اليوم، من أبناء المنطقة أو المهجرين إليها من مدن حلب وحمص وريف دمشق، أن يكابروا على جراحهم ويتناسوا آلامهم، واقتناص لحظات من التغيير من خلال معايشة أجواء فرحة العيد هذا العام، وهي فرصة للاطلاع على العادات الاحتفالية التي تميز كل منطقة ومحافظة عن الأخرى.
منصور حسين – وطن اف ام