يتواصل التجييش الرسمي في لبنان وحشد الرأي العام بشكل سلبي ضد اللاجئين السوريين، بالتزامن مع مساعٍ لميليشيا “حزب الله”، وأطراف أخرى داخل الحكومة اللبنانية قريبة من الأسد لإجبار السوريين على العودة إلى بلدهم.
ولم تعد حملات التجييش مقتصرة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل أصبحت موجهة بخطابات رسمية على وسائل الإعلام، ورسائل مباشرة إلى الرئيس اللبناني ميشيل عون بضرورة إخراج السوريين من لبنان إلى سوريا، رغم الخطر الكبير الذي ينتظرهم هناك من نظام بشار الأسد والميليشيات الداعمة له على رأسها “حزب الله”.
وفيما تتعالى أصوات عنصرية لدى بعض اللبنانيين تجاه اللاجئين السوريين، توجه البطريك الماروني مار بشارة بطرس الراعي برسالة إلى الرئيس اللبناني، يحذره فيها من التواجد السوري في لبنان، مقدماً صورة خطرة لوجودهم هناك.
وحمّل الراعي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام لبنانية، اليوم الأحد، اللاجئين السوريين مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية للبنانيين، والتي كانت متدهورة بالأساس قبل وصول اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
وقال: “فخامة الرئيس نحن ندرك نواياكم الطيبة وأمنياتكم الكبيرة. إنّ ما يشدد الشعب في الصمود والأمل بالإنفراج، إنّما هو يقينه من أنّكم تتحسَّسون معاناته الإقتصاديّة والمعيشيّة والأمنيّة والإجتماعيّة وهموم المستقبل، وهي تتزايد وتكبر بوجود مليونَي لاجئ ونازح ينتزعون لقمة العيش من فمه، ويرمونه في حالة الفقر والحرمان، ويقحمون أجيالنا الطالعة على الهجرة”.
وأضاف: “يرجو اللبنانيون من فخامتكم تصويب مسار عودتهم (للاجئين) الأكيدة إلى بلدهم، بعيدًا عن الخلافات السياسية التي تعرقل الحلول المرجوّة”.
في السياق نفسه، حذر، رالف الشمالي، قائد حركة عنصرية في لبنان تسمي نفسها بـ”حماة الديار” اللاجئين السوريين، وهاجمهم بخطاب عنصري قائلاً: “لا يشرفنا وجودكم في بلدنا”، ووجه اتهامات للاجئين بـ”تخزين الأسلحة وامتلاك مصانع لصنعها”.
وجاء تهديد الشمالي عقب دعوة إلى التظاهر في ساحة الشهداء ببيروت تضامناً مع اللاجئين السوريين الذين تعرضوا لانتهاكات في عرسال على يد الجيش اللبناني. وتوعد الشمالي بمهاجمة المظاهرة.
وفيما يشتكي مسؤولون لبنانيون من ضغط اللاجئين السوريين، يتغاضون في ذات الوقت عن الآثار الإيجابية لوجودهم في لبنان، حيث يساهم اللاجئون بدعم الاقتصاد اللبناني بمعدل 1.4 مليون دولار أمريكي يومياً، وفقاً لما ذكره ناصر ياسين، مدير الأبحاث في معهد “عصام فارس” التابع للجامعة الأمريكية في مايو/ أيار الفائت.
وأشار ياسين إلى أن مجمل ما يدفعه السوريون خلال عام كامل هو 378 مليون دولار على السكن، ناهيك عن الأموال التي يدفعونها مقابل الحصول على الطعام والمواصلات والرعاية الطبية، فضلاً عن أن بعضهم افتتح مشاريع تجارية ووفر فرص عمل لشبان لبنانيين.
وأشار أيضاً إلى أن اللاجئين السوريين ساهموا في توفير ما يزيد عن 12 ألف وظيفة بين اللبنانيين عام 2016، لافتاً أن هذه الوظائف التي يشغلها لبنانيون تتركز في الدوام المسائي لمدارس خصصتها الأمم المتحدة لأبناء اللاجئين السوريين.
وطن اف ام