وصفت الإخصائية النفسية ” أروى علوش ” مشاعر السوريين التي تنتابهم من مجزرة الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد عام 2013 في ريف دمشق ، بعد مرور أربع سنوات مختلفة تماماً عن التي كانت بلحظتها ، خاصة عند الأشخاص الذين تواجدوا في الحدث ، فهم أصيبوا بصدمات كبيرة لها نتائج شديدة ترافقهم.
وقالت علوش لوطن اف ام إن الذين نجوا من مجزرة الكيماوي ومسعفيهم ومتابعي الأحداث عبر العالم الذين رأوا مناظر الناس ، والصراخ ، والبكاء بقيت كل تلك المشاهد عالقة في أذهانهم وتعرضوا أيضاً لصدمات كبيرة ، ومنهم من بقي يعاني لأشهر من أعراض ما بعد الصدمة.
وأضافت علوش أن مصابي تلك الأعراض يعانون من اضطراب في النوم ، وانفصال عن الواقع ، وهو ما ينعكس سلباً على علاقاتهم أنشطتهم مع أغلب المحيطين بهم، وذلك لعدم قدرتهم على تجاوز تلك اللحظات المرة.
وأكدت علوش أنّ من بين أولئك الأشخاص من تجاوز الحادثة المؤلمة بعد فترة ، لكن هناك أشخاص بمجرد إعادة إحياء الذكرى والحديث عنها والعيش بتفاصيلها ، تؤدي عندهم لألم شديد للغاية، وهو عودتهم لنقطة الصفر ، فكل الذين كانوا على أرض الواقع بحاجة لطرق دعم لتجاوز الصدمة التي تلقوها بطرق وأشكال سليمة.
وأوضحت علوش أنّه من الخطأ تناسي أو عدم ذكر أحداث مجزرة الكيماوي خوفاً من ألمها أو أصواتها ، إطلاقاً هذه ليست أحداث طارئة أو قدرية ، إنما يوجد مجرم مسؤول عنها ، وبوجود هذا المجرم لابد من تذكر المجازر المشابهة والحديث عنها ونشرها لكل العالم ، النفس البشرية لا تشعر بالوضع الطبيعي وبتوازنها إن لم تشعر أنها على الأقل أدت دورها بإيصال مخرب أمان غيرها والجرائم المرتكبة بحقهم وتناسيها ، فذلك يجمل من صورة الجريمة والمجرم على السواء ، ويؤدي للتعايش مع الوضع وحالة من الاعتياد ، فالتوازن يحدث بإعادة إحياء هكذا ذكريات لمنع تكرارها عبر لجم يد المجرم ومحاسبته عن تلك الدماء أو عمليات الخنق الجماعية.
وصرحت علوش لوطن اف ام أن بقاء المجرم طليق بلا عقاب يسبب ألم أشد ووقع نفسي مضاعف لمن يتذكر الجريمة وإن لم يكن بين الضحايا أحد أقربائنا أو معارفنا ، ولكن حالات القتل البشعة جداً ، الأطفال الممددين على الأرض ، يؤدي لشعور عام بالحسرة والألم ممزوج بالعجز ، شعور بالقهر أيضاً ، والأهم ألا تؤدي تلك المشاعر بنا إلى مراحل الإحباط على العكس يجب أن نبقى ثابتين على أرض الواقع لنبني أنفسنا ونخطط للمستقبل.
وذكرت علوش في خضم حديثها بإسهاب عن شرخ كبير قد يصيب المجتمع السوري ، نتيجة مجازر تصيب مكون رئيسي منه ، وخصوصاً تعامل كل فئة مع الحدث ، كتحميل الذنوب للفئات الأخرى ما يزيد من الشرخ والفجوة بدون أي فائدة تذكر من ذلك.
وختمت علوش إلى أن الجميع مقصر ولكننا قادرين على التكاتف عبر الاجتهاد والتلاحم فيما بيننا لمواجهة عدو مشترك يفتك بالبلد ، كل ذلك عبر توزيع الأدوار كلٌّ بمجاله وذلك لنوضح للعالم أجمع من هذا المجرم وما هي جرائمه دون أن نصمت أو نسكت أو نستسلم أو يصيبنا الإحباط.
ومرت أمس الذكرى الرابعة للمجزرة الأشد بتاريخ سوريا وربما البشرية ، عبر استخدام قوات الأسد لغاز السارين السام على غوطتي دمشق والذي أدى لاستشهاد أكثر من 1400 شخص خنقاً أغلبهم من الأطفال والنساء وبمرأى من العالم أجمع.
وطن اف ام
