شعور جميل ينتاب الإنسان عندما يحالفه الحظ لا سيما إذا كان يعيش سنوات من الحياة المتعثرة المليئة بالضغوط، لكنه بالنسبة للاجئ السوري في لبنان بسام عبد الحميد، فإن الحظ الذي تبسم له عرضّه مع بقية اللاجئين السوريين للسباب والشتائم والعبارات العنصرية.
في قضاء مرجعيون بلبنان، نظمت بلدية الطيبة مهرجاناً أصبح عُرفاً سنوياً، يستمتع المشاركون فيه بممارسة النشاطات الترفيهية والثقافية، لكن مهرجان هذا العام لم يمر كالأعوام السابقة، بل طغت عليه شيء من العنصرية نتيجة فوز اللاجئ عبد الحميد بسيارة بعدما شارك في السحب عليها كما فعل بقية أبناء البلدة.
وأشار موقع “ليبانون ديبايت”، اليوم الخميس، إلى أن اللاجئ عبد الحميد ربح سيارة من طراز كيا – بيكانتو موديل 2017 حمراء اللون، مشيراً أن السحب على السيارة كان مفتوحاً للجميع، سواءً من أهالي البلدة أو القاطنين فيها، أو القادمين إليها من زائرين ومُشاركين في فعالياتِ المِهرجان، وذلك مقابل شراء بطاقةٍ بقيمةِ 10 دولارات أميركيّة يعود ريعها لدعمِ المشاريعِ التي تقومُ بها البلديّة.
وأمام الحاضرين انتهى نتيجة السحب بفوز عبد الحميد بالسيارة، لكن ما إن عرف سكان البلدة جنسيته حتى “قامت الدنيا ولم تقعُد”، وفقاً لما ذكره الموقع اللبناني.
وبيّن أنه بُعيد فوز اللاجئ غصت صفحة البلدة على موقع “فيس بوك” بالهجمات التي لم تخلُ من بثِّ النعراتِ العُنصريّة ضد السّوريّين هناك، حتّى وصل الأمر ببعضهم إلى إطلاقِ دعواتٍ لطردِ السّوريّين خارج البلدة.
ونقل الموقع عن لسانِ الأهالي الغاضبين قولهم: “البلديّة خدعتنا، شبابنا عم تستشهد للدفاع عنهم (السوريين)، أكلونا وشربونا، السّوريون ينافسوننا على لُقمةِ عَيشِنا والبلديّة متخاذلة مع السّوريّين (…)”، وفق قولهم.
ولم يقتصر الأمر على الهجوم اللفظي الذي تعرض عبد الحميد، إذ أقدم بعض سكان البلدة على محاولة الاعتداء جسدياً عليه، وبعضهم رمى زجاجة حارقة (مولوتوف) نحو السّيارة التي كانت مُتوقّفة قرب المنزل الذي يقطنه المُواطن السّوريّ، لكن الحريق اقتصر على أحد إطاراتِها.
وتزايدت مشاعر الكراهية ضد السوريين بسبب السيارة، حتى وصل الأمر إلى استدعاء القوى الأمنية لاحتواء الموقف.
وقال رئيس بلدية الطيبة عباس دياب لـ”ليبانون ديبايت” إنه يستنكر الأعمال غير اللائقة التي قام بها من وصفهم بـ”بعض الشباب المُوتورين الذين لا يتّصفونَ لا بالحكمةِ ولا بالوعي ولا بالفَهم”، معتبراً أنهم يُشكّلون حالةً فرديّةً في البلدةِ لا يتجاوز عددهم أصابعَ اليد، ولا يُعبّرون عن رأي أهالي البلدة لا من قريبٍ ولا من بعيد.
ولفت دياب إلى أنّ “الشّاب السّوريّ رَبِحَ السّيّارة بطريقةٍ قانونيّةٍ وشرعيّة، ولعلّ ربحه للسيّارة يعكسُ الشفافيّة وعدم التمييز العُنصريّ لدى بلديّة الطّيبة بين مواطنٍ لبنانيٍّ أو غير لبنانيّ”.
وتساءل الموقع اللبناني بعد الحوادث السيئة التي تعرض لها اللاجئ السوري: “هل سيصمد عبد الحميد في مكانِه أم سيحملُ سيّارته ويذهب لوجهةٍ أقلّ عنصريّة ؟!”.
وفيما يشتكي مسؤولون لبنانيون وبعض المواطنين من ضغط اللاجئين السوريين، يتغاضون في ذات الوقت عن الآثار الإيجابية لوجودهم في لبنان، حيث يساهم اللاجئون بدعم الاقتصاد اللبناني بمعدل 1.4 مليون دولار أمريكي يومياً، وفقاً لما ذكره ناصر ياسين، مدير الأبحاث في معهد “عصام فارس” التابع للجامعة الأمريكية في مايو/ أيار الفائت.
وأشار ياسين إلى أن مجمل ما يدفعه السوريون خلال عام كامل هو 378 مليون دولار على السكن، ناهيك عن الأموال التي يدفعونها مقابل الحصول على الطعام والمواصلات والرعاية الطبية، فضلاً عن أن بعضهم افتتح مشاريع تجارية ووفر فرص عمل لشبان لبنانيين.
وأشار أيضاً إلى أن اللاجئين السوريين ساهموا في توفير ما يزيد عن 12 ألف وظيفة بين اللبنانيين عام 2016، لافتاً أن هذه الوظائف التي يشغلها لبنانيون تتركز في الدوام المسائي لمدارس خصصتها الأمم المتحدة لأبناء اللاجئين السوريين.
وكان الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، دعا 11 يوليو/ تموز الماضي إلى وضع حد للتصرفات التي تنم عن حقد وعنصرية اتجاه اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الأراضي اللبنانية، مشيراً إلى الفوائد التي أدخلوها على الاقتصاد اللبناني.
وقال جنبلاط في تغريدة له على حسابه الرسمي في موقع “تويتر”: “يجب الحد من عاصفة الحقد والعنصرية تجاه اللاجئ السوري الذي يضيف على الاقتصاد المحلي حوالي مليار دولار ونيف”.
وطن اف ام / مواقع