ينتظر أن تصدر المحكمة العسكرية في لبنان حكمها النهائي اليوم، بحق إمام وخطيب مسجد بلال بن رباح السابق، الشيخ أحمد اﻷسير، وعدد من مناصريه في قضية المواجهة العسكرية مع الجيش اللبناني المعروفة بـ”أحداث عبرا” (صيدا – جنوب لبنان) التي وقعت في العام 2013، بعد عشرات الجلسات التي عقدتها على مدى عامين، ولم تتمكن خلالها من استجواب الأسير، الذي امتنع عن الإدلاء بإفادته ما لم تستجب المحكمة لطلبات فريق الدفاع عنه.
وسيمثل الأسير اليوم للمرة الأخيرة أمام هيئة المحكمة العسكرية برئاسة العميد حسين عبد الله، وسط حراسة أمنية مشددة، ليحاكم وجاهياً مع 16 آخرين من رفاقه، في حين يحاكم غيابياً 6 آخرون، أبرزهم نجلاه محمد وعمر وشقيقه أمجد الأسير، والفنان المعتزل فضل شاكر، المتهمون جميعاً بـ”تشكيل عصابة مسلحة للنيل من هيبة الدولة، وقتل ومحاولة قتل عدد من ضباط وعناصر الجيش اللبناني، والحض على الفتنة الطائفية والمذهبية، وتعريض السلم الأهلي للخطر”.
ورغم محاولات وكلاء الدفاع الهادفة إلى تأجيل جلسة المحاكمة، لاستكمال بعض الإجراءات التي يجدون فيها أسباباً موجبة، لمنح المتهم حقوق الدفاع عن نفسه، أكد مصدر قضائي لـصحيفة ” الشرق الأوسط “، أن جلسة اليوم “ستكون المحطة الأخيرة والنهائية لمحاكمة الأسير”. وقال: “يكفي سنتان من المماطلة، وتعطيل سير العدالة، من خلال استنكاف متعمّد لوكلاء الدفاع وتقديم مطالب جرى تلبية معظمها، أهمها نقله من سجن الريجانية (التابع لوزارة الدفاع) إلى سجن روميه المركزي، وتحسين ظروف التوقيف والمشاهدات، ومراعاة وضعه الصحي”. وأكد المصدر القضائي، أن “جلسة الخميس ستسدل الستار على هذه القضية، التي ألحقت الظلم بباقي الموقوفين، المعلّق مصيرهم على استجواب الأسير والذي يتخذ منه الأخير ووكلاؤه ذريعة للمماطلة”.
وكانت أحداث عبرا، اندلعت في 23 يونيو (حزيران) 2013، بين عناصر حاجز الجيش اللبناني القريب من مسجد بلال بن رباح في عبرا، وأنصار الأسير، واستمرت ثلاثة أيام، أسفرت عن مقتل 18 جندياً لبنانياً، وأكثر من 30 عنصراً من أنصار الأسير وعدد من المدنيين، وانتهت بالقضاء على ظاهرة الأسير، الذي اشتهر بخطاباته النارية ضدّ “حزب الله”، والذي اختفى لمدة سنتين، قبل أن يلقى القبض عليه في مطار بيروت الدولي، أثناء محاولته السفر إلى مصر ومنها إلى أفريقيا، بواسطة جواز سفر مزور.
ويسود الاعتقاد بأن تشهد الجلسة توتراً، لكن لم يعرف بعد الموقف الذي سيتخذه باقي الموقوفين، الذين أعلن بعضهم سابقاً تعاطفه مع “الشيخ”، وعدم الاستفراد به، لكن أفادت مصادر قانونية توقعت بأن «أحكاماً مشددة بحق اﻷسير ورفاقه، يرجح أن تصل إلى الإعدام”.
وقالت المصادر لـلصحيفة ، إن المحاكمة ستعقد اليوم بغياب وكلاء اﻷسير الأصليين، بعدما قررت المحكمة منعهم من المثول أمامها في هذه القضية، بسبب اعتكافهم المتواصل عن حضور الجلسات منذ بداية المحاكمة التي انطلقت قبل سنتين، وتقديمهم جملة مطالب رفضت المحكمة اﻷخذ بها، أهمها دعوة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، وعدد كبير من الوزراء وقادة الأجهزة اﻷمنية، للاستماع إليهم شهودا، مشيرة إلى أن “هذه المطالب تحوّل القضية من محاكمة قضائية إلى محاكمة سياسية”.
وكان الأسير رفض خلال الجلسة الماضية إقدام المحكمة على طرد وكلائه من القاعة، وتعيين محامٍ عسكري للدفاع عنه رغم إرادته.
وعشية الجلسة التي سيغيبون عنها بقرار من رئاسة المحكمة، تقدم وكلاء الدفاع عن الأسير المحامون عبد البديع عاكوم ومحمد صبلوح وأنطوان نعمة، بشكوى لدى اﻷمم المتحدة، طالبوا فيها بـ”التدخل ووقف المحكمة العسكرية عن النظر في القضية، بداعي غياب المحاكمة العادلة”.
وقال المحامي صبلوح، إن الهدف الرئيس من الإصرار على إنهاء المحاكمة اليوم، هو “الالتفاف على الصفقة الفضيحة، التي أفضت إلى إخراج مقاتلي (داعش) و(النصرة) من لبنان إلى سوريا”. وقال: “يريدون تنفيس الاحتقان لدى أهالي العسكريين، الذين قتلهم تنظيم داعش بإصدار أحكام مشددة ضدّ الشيخ الأسير ورفاقه، في حين أن الذين قتلوا جنود الجيش في الجرود الشرقية، هربهم (حزب الله) إلى سوريا بباصات مكيفة”، بحسب الصحيفة.
وعشية الجلسة الأخيرة اتخذ الجيش اللبناني تدابير مشددة للغاية داخل مبنى المحكمة العسكرية وفي محيطها وعلى الطرق المؤدية إليها، تحسباً ﻷي مظاهرات أو ردة فعل من عائلات وأنصار اﻷسير ورفاقه.
وطن اف ام