صادف أمس السبت الذكرى السنوية الثانية للتدخل الروسي في سوريا الذي جاء لدعم قوات الأسد في قمع السوريين وإعادة انتزاع السيطرة على مناطق كانت تسيطر عليها فصائل الجيش الحر وأخرى إسلامية.
وتمكنت روسيا من إعادة تمكين الأسد وميليشياته، كما دفعت باتجاه تعويمه سياسيا في المحافل الدولية على حساب دماء الشعب السوري ومعاناته.
وكان الدعم الجوي الروسي لقوات الأسد في هجومها البري له الدور الأكبر في قلب المعادلة، وأبرز المناطق التي ساهم الوجود الروسي بانتزاع سيطرتها من الثوار، هي مدينة حلب، حيث بدأ الأسد حملة عسكرية شرسة، أفضت إلى خسارة الجيش الحر وإلى اتفاق مذل للمدنيين، وذلك بعد أن ارتكبت الطائرات الروسية مجازر مروعة في أحياء حلب.
إلى جانب ذلك، كان التغيير الديموغرافي من أخطر نتائج التدخل الروسي في سوريا، حيث عمدت إلى عقد اتفاقات مع الفصائل في المناطق المحاصرة في مختلف محافظات سوريا، وتفضي الاتفاقات هذه إلى تهجير قسري لآلاف المدنيين وإفراغ المدن والبلدات من أهلها، ونقلهم إلى مدينة إدلب شمالي سوريا.
كذلك، سعت روسيا منذ بداية تدخلها إلى تحويل الأنظار عن مفاوضات جنيف، فروجت لمحادثات أستانا، في جهود منها لتبرير احتلالها وارتكابها مجازر في سوريا بأنها راع سلام في المنطقة، ونجحت أستانا بإنشاء ما يسمى بمناطق تخفيف التصعيد لوقف إطلاق النار في عموم سوريا، غير أن هذا الاتفاق لم ينفذ أبدا إذ حدثت عشرات الخروقات من قبل الأسد وروسيا مرتكبين أبشع المجازر بحق السوريين.
بالإضافة لذلك، فإن الوجود الروسي تحول من تدخل مؤقت إلى وجود دائم، وذلك بعد أن عقد نظام الأسد اتفاقية تقضي ببقاء القاعدة الروسية في مدينة طرطوس لمدة 49 عاماً قابلة للتمديد، وتحديثها وتوسعتها لاستيعاب حاملات الطائرات والغواصات النووية.
وحسب خبراء، فإن الحرب في سوريا إضافة إلى أهدافها السياسية والاستراتيجية، ساعدت موسكو على تجريب العديد من أسلحتها الجديدة من طائرات حربية، وطائرات دون طيار، وصواريخ كروز، والحرب الإلكترونية ووسائل الاعتراض، وكذلك نظام الإدارة، والموظفين، والقوات، والدعم اللوجستي، والخدمات اللوجستية، إلى جانب بعض القنابل الجديدة شديدة الانفجار والقنابل العنقودية والفوسفورية.
وإذ يتبين لنا جليا النجاح العسكري الذي حققته روسيا لدعم الأسد، إلا أنها لن تستطيع فرضه سياسيا فجرائم الأسد التي لا تعد أكبر من أن تتمكن روسيا من لملمة عارها وإخفاء أما اقترفته إحدى كبرى الديكتاتوريات في المنطقة.
صفاء عليان / وطن اف ام