28 سبتمبر/أيلول، كان سيكون يوماً عادياً على أحمد (31 عاما) وعلى عائلته المكونة من زوجته وطفلين، قبل أن يأتيهم اتصال هاتفي من رقم غير معروف، شخص بلهجته الإماراتية، طلب من أحمد أن يحضر جواز سفره ويتوجّه مباشرة لمركز أمن الدولة بأبوظبي.
أحمد (ليس اسمه الحقيقي)، سارع إلى المركز، وما إن وصل إليه حتى استلم رسالة على جوّاله، مضمونها أن إقامته أُلغيت، وهنا بدأت تتوالى المصائب بسرعة على حدِّ قوله، أمامه فقط 24 ساعة لمغادرة بلاد له فيها أكثر من 10 سنوات.
“غير مرغوب بك هنا”، هكذا قالوا لأحمد، ابن مدينة دير الزور، وتلك العبارة فقط التي برَّر بها الإماراتيون قرار الترحيل القسري، وحتى إنهم منعوه من طرح أي سؤال. يقول: “أمهلوني 24 ساعة للرحيل، تلحقني عائلتي بعد 7 أيام”، أنا وأكثر من 70 سورياً أيضاً،
منهم بحسب ما قال، من كانت بادية عليه علامات الضرب، ولكنه لم يعرف السبب.
وبين وقع الخبر الصادم والمفاجئ وأعماله في العاصمة الإماراتية، ضاع أحمد، فهو يملك شركة مقاولات ومبالغ مالية في بنوك الإمارات، “ما الذنب الذي اقترفته؟”، قالها أحمد لنا وهو جالس الآن في منزل استأجره بالعاصمة السودانية الخرطوم، لا يعرف من أين سيبدأ من جديد.
ونفى أحمد ما تداولته بعض الصحف العربية، التي قالت إن سبب ترحيل هؤلاء السوريين يعود لارتباطاتهم بقطر، وقيامهم بتصدير مواد غذائية. أحمد وآخرون غيرهم نفوا ذلك أيضاً.
المحامي محمد حسين (55 عاماً)، من درعا، جنوبي سوريا، يقول لنا وهو منهمك في الكتابة ما بين حسابه على تويتر وفيسبوك، لمتابعة قضية قريبه الذي طاله الطرد أيضاً، واصفاً حالته بأنه في حالة “انهيار”، فقد خسر عملاً ومستقبل أطفاله.
حسين عزا الطرد إلى أنّ قريبه اعتاد على تحويل مبالغ صغيرة لعائلته في سوريا، الأمر الذي اشترك فيه أيضاً أحمد، فهو الآخر له في البلاد أكثر من 10 سنين ولا مشاكل له أو ارتباطات مع أي جهة سياسية بحسب قول حسين.
“واشترك الـ70 سورياً بختم خروج على جوازات سفرهم، لا ختم ترحيل كي لا تحسب للإمارات أنها رحّلتهم قسرياً، بل هم خرجوا بإرادتهم”، يقول حسين.
الأردن وسوريا والسودان ومصر، هي الوجهات الـ4 التي أقلعت إليها طائرات السوريين، كلّ بحسب أوضاعه المادية، ومواقفه السياسية، لحقتهم زوجاتهم حتى لو كنّ مستقرات بأعمالهن وأوضاعهن، وينتزع الأطفال من مدارسهم.
أما أحمد فقد أقلعت طائرته في 30 سبتمبر/أيلول، إلى الخرطوم، برفقته حقيبتان، تاركاً خلفه مبلغاً كبيراً في البنك لم يستطع سحبه، وهموماً كثيرة أثقلت كاهله وزادت ثقلاً لحظة إقلاع الطائرة من بلد لن تطأ قدمه أرضه مرة أخرى.
“نعم أنا الرجل “الديري” الذي لم تذرف دمعة من عيني في حياتي، بكيت، بل حتى إنني أجهشت بالبكاء”، صعب جداً ما حصل لي. يختم أحمد قوله وهو يتذكر اللحظات الأخيرة له فوق سماء تلك البلد.
وطن اف ام / هاف بوست عربي