تتخوف كتائب الثوار في الجنوب السوري، من أحداث ميدانية قد تقلب موازين القوى في محافظة درعا، وتعيد الغلبة لنظام الأسد على معبر وجمرك نصيب.
تخوفات عززتها تصريحات مسؤولين أمنيين أردنيين لشبكة “CNN” في 09 تشرين الأول/ أكتوبر حول التوصل إلى اتفاق لافتتاح المعبر خلال الأيام المقبلة، فيما أكد مسؤول عسكري أن المعبر جاهز أمنيا من الجانب الأردني لافتتاحه.
وتنظر فصائل الثوار بعين الريبة والحذر إلى تمدد نظام الأسد على طول الشريط الحدودي من منطقة التنف صعودا لشرق السويداء، وسط انسحابات مفاجئة لفصيل جيش العشائر المدعوم أردنيا، الأمر الذي دفع قياديا سوريا في صفوف الثوار رفض الإفصاح عن اسمه، إلى تحذير الأردن، من مغبة “فرض الحلول من منطلق القوة”، مؤكدا أن “طريق نقل البضائع لن تكون آمنة في حال سيطر نظام الأسد على معبر نصيب”.
وجددت شخصيات سورية معارضة، تمسكها بخمسة شروط لإعادة فتح معبر نصيب أمام الحركة التجارية بين البلدين والتي توقفت عام 2015 عقب سيطرة فصائل من الجيش الحر على المعبر الواقع في درعا جنوب سوريا.
ويقول رئيس مجلس درعا المحلي، محمد السوالمة، إن الفصائل وضعت خمسة شروط لإعادة فتح المعبر وهي “الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين في سجون النظام، ورفع علم الثورة السورية وأن يتسلم مجلس محافظ درعا الإشراف على المعبر وتعيين الكوادر، وعودة كافة المهجرين لمدنهم وقراهم في محافظة درعا، ورفض تواجد نظام الأسد أو الجيش الروسي داخل معبر نصيب، وأخيرا فك الحصار عن قرى مثل غوطة دمشق وريف حمص التي تعاني من عدم توافر المواد الأساسية”.
يبين المسالمة، أن “الحكومة الأردنية انتقت ممثلين عسكريين من الجيش الحر وممثلين مدنيين من مجلس محافظة درعا، للاستماع لوجهة نظرهم حول فتح المعبر ونقلتها إلى وفد الأسد في مفاوضات استمرت طيلة شهر أيلول “.
ويسطير على المعبر أربعة فصائل من الجيش السوري الحر هي: فلوجة حوران، وجيش اليرموك، وأسود السنة، وفوج المدفعية. وأغلقت الأردن معبر نصيب في نيسان/ أبريل 2015، وبررت السلطات الأردنية إغلاق المعبر بأنه “يأتي؛ بسبب “أحداث العنف التي يشهدها الجانب الآخر”، كما قال وزير الداخلية حسين المجالي في حينها.
فصائل في الجيش الحر، ومجالس محلية في درعا، قالت إن “المملكة الأردنية قادت مفاوضات على أراضيها في بداية أيلول الماضي بين ممثلين عن الجيش الحر ومؤسسات مدنية معارضة في درعا من جهة، وبين نظام الأسد من جهة أخرى دون أن يلتقي الطرفان وجها لوجه، لإعادة فتح المعبر، وانتهت المفاوضات في نهاية أيلول الماضي بطلب المعارضة السورية من الأردن مهلة شهر للتشاور حول آلية فتح المعبر تنتهي في نهاية شهر أكتوبر”.
ومن التسريبات التي وصلت ، اقتراح أردني بأن يكون معبر نصيب مجرد نقطة مرور البضائع وتبقى السيطرة للثوار ، بينما تكون نقطة الجمارك الحقيقية في منطقة خربة غزالة التي يسيطر عليها نظام الأسد.
الخبير العسكري العميد الركن أحمد رحال، قال إن “الجيش الحر محرج بسبب التضحيات الكبيرة التي قدمها في الجنوب ولا يمكن التغاضي عنها، وفي نفس الوقت هو يتعرض لضغوط إقليمية ودولية لإعادة فتح المعبر، لكن إطار الحل يجري بأن يبقى المعبر بيد الجيش الحر الذي سيقوم بتأمين نقل البضائع لنقطة تتبع لنظام الأسد، وهناك تجري إجراءات الجمارك مقابل نسبة معينة من الرسوم أو دخول إغاثة إلى مناطق الجيش الحر”.
يضيف رحال أن السيناريو الآخر لآلية فتح المعبر، يتمثل في “أن يبقى المعبر في يد الجيش الحر، مع تعيين موظفين مدنيين من قبل نظام الأسد يقومون بالإجراءات القانونية، مقابل نسبة من الرسوم للجيش الحر، وهناك ضغوط أردنية تمارس على الفصائل للقبول بهذه الحلول، لكن حتى الآن لا توجد موافقة من قبل الثوار”.
ورفضت فصائل الثوار هذا الطرح الأردني، وأكد قائد فرقة فلوجة حوران، رائد الراضي (أحد المشرفين على المعبر) أن “فتح المعبر بهذه الطريقة لن يتم، دون المحافظة على ثوابت الثورة، والإفراج غير المشروط عن المعتقلين السوريين، وعودة مهجري البلدات المحتلة إلى بلداتهم، ثم إدارة المعبر من قبل سلطة مدنية تتبع لمجلس محافظة درعا الحرة”.
ويجري مجلس محافظة درعا الحرة (مجلس إداري للمعارضة شارك في عملية التفاوض)، لقاءات تشاور مع فعاليات مدنية وعسكرية في درعا حول آلية فتح المعبر، ويقول موسى الزعبي مدير مكتب الدراسات والمشاريع في المجلس، إنه “لا قرار حتى الآن بخصوص فتح المعبر، إذ تجري مشاورات في الجنوب السوري مع كل الأطراف والفعاليات والهيئات الثورية إلى جانب اجتماعات”.
وبحسب الزعبي فقد “كان الاجتماع الأول لأعضاء من المكتب التنفيذي لمحافظة درعا وبلغ عدد الحضور 13 شخصا من كافة القطاعات، وعدنا ووسعنا الاجتماع ليضم جميع أعضاء المجلس وعددهم 40 شخصا، بعد ذلك قمنا بالاجتماع مع القادة العسكريين في جميع المناطق، وكذلك قمنا بالاجتماع مع بعض الفعاليات المدنية والثورية والنشطاء وبعض الإعلاميين وبعض النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، ثم عقدنا اجتماعا أوسع ودعونا كل المجالس المحلية في المنطقة الغربية من درعا، وكذلك تم الاجتماع مع المجالس المحلية الشرقية وجمعنا كل الأطروحات بفتح معبر نصيب، ومبدئيا فإن الأمور تبشر بالخير وهناك رغبة في فتح المعبر بشرط المحافظة على مكتسبات الثورة، وسيتم صياغة بعض الشروط من أجل عملية التفاوض وإيصال هذه الشروط في الأيام القليلة القادمة إلى الأردن”.
بدوره، أجاب القائم بأعمال السفير السوري في عمان، أيمن علوش، عن سؤال حول شروط المعارضة الخمسة، خلال ندوة عقدت قبل أيام في العاصمة عمان، قائلا: “ليذهبوا ويلعبوا بشروطهم، هنالك رغبة أردنية لفتح الحدود وتم التعبير عن ذلك لجهات سورية، فتح الحدود قادم وسيكون تحت سيطرة الجيش العربي السوري، وهذا غير قابل للمساومه نهائيا، كلام المعارضة عن وجودها على المعابر مجرد مشاغبة، الجيش السوري قادر على الوصول للحدود الأردنية السورية، نحن نرتب الأولويات، ولن نهادن عندما نريد أن نتقدم، هذه أرضنا وسندافع عنها”.
مصدر رسمي أردني، انتقد تصريحات، علوش، مؤكدا في تصريح نشرته عدد من وسائل الإعلام الأردنية أن “سوريا هي التي تضغط من أجل إعادة فتح المعبر أكثر من الأردن”.
وتعتبر إعادة فتح معبر نصيب مصلحة لجميع الأطراف (نظام الأسد، الثوار، الأردن)، فقد خسرت كل من سوريا و الأردن التبادل التجاري بين البلدين بعد إغلاق المعبر، وبحسب عبد السلام ذيابات رئيس غرفة تجارة الرمثا (10 كيلومترات عن درعا)، فإنه “بلغ الميزان التجاري بين الأردن وسوريا قبل عام 2011 ما يقارب الـ350 مليون دينار سنويا، شمل استيراد وتصدير الخضروات والفواكه والبقوليات والسكاكر، ليصل هذا الميزان إلى صفر بعد إغلاق معبر نصيب”.
من جهته، يؤكد رئيس مجلس درعا المحلي، محمد السوالمة، أن “فتح المعبر سيخفف من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية في الجنوب السوري التي تصل مهربة من مناطق النظام بأسعار مضاعفة”.
وطن اف ام / عربي 21