يتنقل أطفال ريف حمص الشمالي المحاصر وسط سوريا، في مجموعات، لزرع أشجار في مدن وبلدات المنطقة.
هذه الحملة تنظمها جمعيات خيرية وإغاثية، حيث تصحب أطفالا، وتنقلهم في حافلات إلى الأماكن المرغوب في تشجيرها، ليزرع الأطفال شتلات يجلبونها معهم.
وتهدف حملة التشجير إلى بث الأمل في نفوس الأطفال، عبر تحدي حصار قوات النظام للمنطقة، وتعويض النقص الكبير في الأشجار، التي تعرضت للقطع بشكل جائر، خلال سنوات الحصار؛ لاستخدام خشبها في التدفئة، جراء انقطاع إمدادات الوقود والكهرباء وغيرهما.
باحة المدرسة
الطفل محمد، أحد المشاركين في حملة التشجير، قال: “زرعت أنا وأصدقائي أشجارا في باحة المدرسة”.
وتابع محمد، وهو من بلدة الدار الكبيرة: “الأشجار تنقي الهواء، لكن هناك أناس للأسف قطعوها واستخدموها للتدفئة، ونتمنى أن تكون زراعة الأشجار في ميزان حسناتنا”.
وبسعادة قالت الطفلة حليمة: “أتمنى أن أجلس في ظل هذه الأشجار حين تكبر.. سأسقيها كل يوم، ولن أسمح لأحد بقطعها”.
“غراس المستقبل”
وتعتبر مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية، العاملة في ريف حمص، من أهم المؤسسات الداعمة لحملة التشجير، عبر مشاريع عديدة أطلقتها، كان آخرها فعالية بعنوان “حملة غراث المستقبل”.
وقال هاني سعد الدين، مدير “حملة غراث المستقبل”، إن “الحملة تهدف إلى غرس 300 شجرة في ريف حمص الشمالي.. غطينا مدينة الرستن، ونغطي حاليا بلدة الدار الكبيرة”.
وأضاف سعد الدين أن “الحملة تهدف إلى تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وأن يقوم بدوره في المجتمع، ويشعر بالمسؤولية عبر زراعة حديقة مدرسته، بعد ما تم قطع كافة الأشجار، في المدارس وبقية المرافق العامة”.
فوائد الأشجار
فيما قال أيمن أبو مهند، مسؤول مركز “صديق الطفل” في مؤسسة إحسان، إن “كافة حملات التشجير، التي تقيمها المؤسسة، تكون بالتنسيق مع المجالس المحلية (تابعة للثوار) في ريف حمص”.
وتابع أبو مهند، أن الحملة “تهدف، بالدرجة الأولى، إلى إشراك الأطفال في هذه الحملات”.
وأوضح أن “فريق التوعية في المؤسسة جمع أطفال المدارس، وشرح لهم ضرورة الحفاظ على الأشجار وعدم قطعها، وسرد لهم بعض الأحاديث النبوية التي تحث على ذلك”.
وأضاف أن “الأطفال زرعوا أشجارا بأنفسهم بعد شرح طريقة الزراعة السليمة، كما تم توزيع أوراق توعية على الأطفال، تتضمن معلومات عن فوائد الشجرة، ومنها المحافظة على التوازن البيئي، وتثبيت التربة، وتنقية الجو من الغبار الملوث”.
حصار شديد
وخلال الأعوام الخمسة الماضية تعرضت أشجار ريف حمص الشمالي للقطع والحرق، جراء تشديد النظام حصاره، ما دفع الأهالي إلى قطع الأشجار، ولا سيما أشجار المدارس والمرافق العامة والخاصة، لاستخدام أخشابها للتدفئة.
وتحرم قوات الأسد ما يزد عن 250 ألف مدني في ريف حمص الشمالي من خدمات الكهرباء والوقود، وغيرهما من الخدمات.
ويعاني الريف نقصا حادا في الكوادر الطبية والمعدات والبنية التحتية؛ لعدم سماح قوات الأسد دخول المعدات والأدوية.
ويعيش سكان ريف حمص الشمالي على أدوية ومستلزمات طبية قليلة يتم تهريبها مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وطن اف ام / الأناضول