أخبار سورية

” الخطوات السعيدة ” .. أول مركز علاجي يقدم أطرافاً ذكية في الداخل السوري

ابتسامة عريضة رسمت على وجه “جمعة” الشاب العشريني المهجر من مدينة حلب، وهو يشاهد انثناء ركبته الجديدة خلال مشيه أولى خطواته دون الاعتماد على عكازه الحديدية التي شغلت مكان ساقه المبتورة منذ سنوات.

يحاول الوقوف والمشي دون مساعدة إلا أن جسده لم يعتد الساق الجديدة بعد، يعتدل في وقوفه ويثبت جسده بالأرض ثم يتكأ على ناصية الممر الحديدي في مركز تركيب الأطراف البديلة في “باب السلامة” قرب مدينة “اعزاز” شمال حلب، محاولاً التوازن مجدداً، وأخيراً يمضي ذهاباً وإياباً وعلامات الفرح تظهر على وجهه مع كل حركة لقدمه الجديدة.

فقد “جمعة” قدمه نتيجة غارة جوية استهدفت حي الشيخ سعيد جنوبي حلب عام “2014” ومنذ ذلك اليوم وهو يعتمد على عكازه الطويلة لإعانة ساعده ووركه أثناء المشي.

“العودة إلى الحياة السابقة ليست بالسهولة المتوقعة .. الآن انا أمشي على قدمين ..! هذه هي الحياة الحقيقية والهبة السماوية فعلاً .. يجب علي التمرن على موازنة جسدي، أربع سنوات مرت منذ آخر مرة سرت فيها على ساقين اثنتين” يقول “جمعة” الذي تمكن أخيراً من الحصول على قدم يأمل بأن تكون بديلاً عن الساق التي فقدها.

مركز تركيب أطراف ذكية

الحاجة الملحة لوجود مركز تركيب وتصنيع أطراف بديلة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، نتيجة ارتفاع أعداد المصابين بحالات بتر متفرقة إلى أكثر من “مئتي ألف مصاب” وفق تقارير أممية، دفع عدداً من الخبراء والأخصائيين إلى تطوير مركز تصنيع الأطراف البديلة في ريف حلب الشمالي.

“الخطوات السعيدة” أول مركز طبي للاطراف البديلة، تم انشاؤه قبل أربع سنوات في قرية السلامة بريف حلب الشمالي من قبل مجموعة من الخبراء والمتدربين، نتيجة انتشار حالات المصابين ببتر الأطراف الحركية “القدم واليد”، ويقدم المركز خدماته لأكثر من “ثلاثين” مصاب شهرياً، كما أوضح “غزال هلال” المسؤول التقني لمركز الخطوات السعيدة.

ويقول أيضاً: بعد سنوات من التجارب والعمل الشاق ومحاولات تطوير عمل المركز، تمكنا أخيراً وبالمواد المتوفرة لدينا من تصنيع أطراف ذكية يمكن التحكم بها عن طريق جهاز لاسلكي، وقد أثبتت قدرتها على أن تكون بديلاً جيداً نسبياً للمصابين بحالات بتر، وهي الخطوة التي جعلت من مركزنا الوحيد في الداخل السوري الذي يقدم أطرافاً متحركة.

طريقة التصنيع والعمل

تطوير عمل المركز وتصنيع الأطراف الذكية بجودة ودقة عالية، ووفق معاير تلبي حاجة المصاب، مصاعب يحاول كادر مركز “الخطوات السعيدة” التغلب عليها من خلال الاعتماد على خبراتهم والأدوات المتوفرة لديهم.

“جميع المواد المستخدمة في تصنيع الأطراف الذكية (الالكترونية) هي مواد مصنعة محلياً أو تم تصنيعها من قبل العاملين داخل المركز، كما يوضح فني صناعة الأطراف الذكية “غزال هلال”.

ويضيف هلال: نقوم بدراسة حالة المريض والتي تعتمد على مكان الاصابة والبتر والتأكد من عدم وجود أخطاء جراحية في مكان البتر، ويرسل إلى نقطة العلاج الفيزيائي للتدرب، قبل تقديم الساق البديلة، ثم يدخل المستفيد في مرحلة المتابعة للتأكد من عدم وجود آلام وقدرة الطرف البديل على العمل بما يستجيب للحاجة، وهذه المرحلة أيضاً تعتمد على التمارين اللازمة للجسد حتى يعتاد عليها.

ويشير هلال: بالنسبة إلى الأطراف الذكية، فهي أطراف الكترونية تعتمد على أجهزة التحكم اللاسلكية أوالحركية غير دماغية أو عصبية، ومصنعة من “الهدروليك والكربون”، يحتاج المستفيد إلى الوقت للاعتياد عليها.

وعن قيمة الطرف المالية يجيب “هلال”: في الوقت الراهن نقدم الأطراف المتحركة مقابل مبالغ رمزية حتى نتمكن من تغطية تكلفة التصنيع، نتيجة انعدام المؤسسات الداعمة لهذا المجال، ونحاول من خلال المبلغ توفير أطرافاً جديدة لمحتاجين جدد.

لم يتوقف تطوير مركز الخطوات السعيدة بريف حلب الشمالي عند تصنيع أطراف لاسلكية، إذ يؤكد القائمون على المركز وصول مشروعهم الجديد في تصنيع أطراف يمكن زراعتها داخل الجسد وتتلقى أوامرها من الدماغ أو الأعصاب دون الحاجة إلى أجهزة الكترونية، إلى مراحله النهائية.

وهي خطوة إن تمت تجعل من مركز الخطوات السعيدة واحداً من ثلاثة مراكز فقط متواجدة في المنطقة، بعد أن أصبح المركز الوحيد في الداخل السوري الذي يقدم أطراف الكترونية متحركة.

{gallery}news/2018/4/27/3{/gallery}

منصور حسين – وطن اف ام 

 

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى