أخبار سورية

استعدادت المهجرين لاستقبال عيد الفطر شمال سوريا

يلملم شهر رمضان مابقي من طقوسه وأجوائه البسيطة أصلاً في ريف حلب الشمالي، مفسحاً المجال أمام طقوس وأجواء العيد الجديدة، التي وجدت طريقاً لها إلى منازل السوريين المهجرين والنازحين منهم، رغم المأساة والأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها.

التجهيز لاستقبال العيد

في خيمة متواضعة من مخيمات مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي قرب الحدود السورية التركية، تجهز “أم بلال” صاحبة العقود الخمسة والمهجرة من مدينة حلب، تجهز مستلزمات تحضير حلوى العيد (الكعك والمعمول) استعداداً لصنعها في خيمتها.

“العيد الماضي لم نحضر أي شيء، مر علينا العيد دون أن نشعر بالبهجة التي ترافقه، نتيجة للأوضاع التي رافقت خروجنا من مدينة حلب” كما قالت أم بلال لـ”موقع وطن”.

وأضافت: يجب علينا الاحساس ببهجة العيد واسعاد الأطفال، على عكس العيد الماضي، فأنا لن أحتمل أسئلة أحفادي وأبنائي عن الكعك والمعمول والفواكه التي تعتبر هي العيد بالنسبة لهم، فالأطفال لايعرفون حجم المعاناة التي نعيشها وهم بهذا العمر.

“أم بلال” فقدت ثلاثة من أبنائها الأربعة، نتيجة القصف الذي كانت تعيشه مدينة حلب خلال سيطرة الثوار على أجزاء واسعة من المدينة، كان آخرهم “محمد” الذي قضى قبيل الخروج من المدينة بأيام، آواخر عام “2016”.

وعما يدفعها لتجهيز حلوى العيد داخل الخيمة، وتحملها اعباء ومشاق التحضير بنفسها، نظراً للآلام المزمنة التي تعاني منها وعدم وجود الأدوات اللازمة لصناعة هذا النوع من المعجنات، تشرح أم بلال الأسباب رغم امكانية شرائها من الأسواق جاهزة:

“هذه طقوس روحانية بالنسبة لي، الاستيقاظ وتحضير المكونات (السميد، الطحين، الفستق، السمسم والزيت) وتجهيز المعدات من آواني وقوالب صنع، بالإضافة إلى اجتماع أرامل أبنائي وبناتي للمشاركة في العمل، جميعها أجواء لازمة للاحساس بقدوم العيد، ولاتقل أهمية عن وجود الموائد المزينة واللباس الجديد”.

وتابعت أم بلال: الخيمة صغيرة لكنها تتسع للنساء اللواتي يأتين لمساعدتي، أما الأطفال والشباب سيذهبون للجلوس في خيمة أخرى، وعند الإنتهاء من صنع الكعك المخصص للعيد وحلوى المعمول وأيضاً “الأقراص بعجوة”، سنقوم بارسالها إلى أحد الأفران الموجودة في سوق مدينة جرابلس.

المهجرون حديثاً يجهزون أيضاً

أما بالنسبة إلى عائلة “أبو عثمان” المهجرة حديثاً من ريف حمص الشمالي، فإن تجربة أول عيد لهم خارج أسوار الحصار يجب أن تكون مغايرة تماماً عما كانت عليه الحال في أعوام الحصار، خاصة بعد أن أصبح القصف ونقص المواد الغذائية جزءً من الماضي.

“للأمانة رفضت فكرة التحضير للمناسبة وشراء مستلزمات العيد بداية، نظراً للأوضاع المادية الصعبة التي نمر بها، خاصة بعد دفع مبالغ مرتفعة لاجار المنزل وشراء الأثاث اللازم لعائلتي، إلا أني لم استطع اقناع زوجتي وأطفالي بذلك” يتحدث أبو عثمان مبتسماً.

وقال أيضاً: يجب علي تعويض الأطفال عما عانوه من حصار وخوف، فهم لم يعرفوا طعم الفرح الذي يرافق قدوم العيد، خاصة وأن أكبر أبنائي يبلغ من العمر تسع سنوات، أي أنه عاش طفولته في ظل الجوع والحصار، وأظن أن الفرصة مواتية ليتعرفوا على معنى العيد الحقيقي هذا العام.

وأوضح “أبو عثمان”: (عقد لحافك مد اجريك) ستكون هناك عملية معقدة من الحساب ودراسة الأسعار قبل الإقدام على الشراء، إذ أن اقتناء الألبسة الجديدة للأطفال ولزوجتي هي الأولوية بالنسبة لي، أما فيما يخص الحلوى والفواكه، فستكون مائدتنا بسيطة على أي حال، نظراً لعدم وجود الكثير من الأصدقاء ومن أقاربي في المنطقة التي أعيش فيها الآن.

وغادر “أبو عثمان” رفقة زوجته وأطفاله الثلاثة مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي إلى ريف حلب الشمالي، بعد أن أجبر، كما هو الحال مع أهالي منطقته، على مغادرة أرضه ضمن اتفاق التهجير الأخير الذي فرض على أهالي ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي.

ذكرى من رحل وألم الخروج المرير من الأرض، لم يوقف عزيمة المهجرين من مدن عدة والمتواجدين بريف حلب الشمالي، على التحضير لاستقبال عيد الفطر هذا العام، فهي فرصة يرى بها البعض أنها الأنسب لادخال البهجة إلى صدور خيامهم الضيقة، وآخرون يجدون فيها تعويضاً لأطفالهم عن سنوات حصار عجاف عايشوها سابقاً.

وطن اف ام

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى