كشفت مصادر لـ”عربي21″؛ عن مقترح ترعاه بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، محادثات لأجل تشكيل حكم ذاتي، في جنوب سوريا.
وبحسب المصادر، فإن المقترح يتضمن حكما مستقلا عن النظام، في محافظتي درعا والسويداء، حيث جرت عدة لقاءات بين وجهاء من عشائر أردنية لها صلة قرابة مع سكان محليين في درعا قدمت إليهم هذا المقترح.
ووفق معلومات خاصة حصلت عليها “عربي21″، من أحد القادة العسكريين، طلب عدم ذكره اسمه، فإن هذا الطرح ما يزال ضمن إطار النقاشات العامة، لكنه يلقى رفضا بين قيادات الفصائل في حوران.
وقد طرح في منطقة حوران مؤخرا عدد من المشاريع التي تدعو إلى إقامة حكم ذاتي في البلاد، وكان آخرها “مشروع الحكم الذاتي لإقليم جنوب سوريا”، الذي لم يحمل اسم أي جهة أو أي توقيع، ويدعو إلى إقامة حكم إداري وسياسي لتدبير وإدارة شؤون المنطقة الجنوبية، التي تشمل محافظات درعا والسويداء والقنيطرة، ويتكون من سلطات ثلاث؛ متمثلة ببرلمان الإقليم، وحكومة الإقليم، والمجلس الأعلى للقضاء.
ويتضمن المشروع الذي اطلعت “عربي21” على تفاصيله، وهو مكون من خمس صفحات، مراحل تأسيس الحكم الذاتي لإقليم الجنوب السوري، وهي “أولى تأسيسية يتم فيها تشكيل هيئة ناخبة تنتخب جمعية تأسيسية، ومن ثم انتخاب برلمان أول؛ الذي بدوره ينتخب رئيس الحكومة حسب أحكام الدستور المحلي للإقليم، ويتم أيضا تشكيل قوة حماية الإقليم من الفصائل المقاتلة والمتطوعين من أبناء الإقليم، بالتوازي مع طرد قوات النظام والمسلحين الذين يحملون أفكارا غير وطنية، كما تتضمن هذه المرحلة تأسيس قوة للأمن الداخلي والشرطة، على أن يتولى المجلس الأعلى للقضاء الإشراف على الشؤون القضائية والعدلية كافة”.
وفيما يخص المرحلة الثانية، تتم فيها انتخابات برلمانية ورئاسية مباشرة، حسب أحكام الدستور المحلي للإقليم.
وأما المرحلة الثالثة والأخيرة، فتشمل قيام سلطة الإقليم بالعمل مع باقي الأطراف السورية لإيجاد أسس وآلية للحل السياسي في البلاد؛ من شأنها أن تحقق الانتقال السياسي للسلطة في سوريا.
ويعزو القائمون على المشروع أهميته لعدة نقاط، بينها “تحقيق الاستقرار السياسي للمنطقة الجنوبية وإنهاء سلطة النظام، وطرد تنظيم الدولة والقوات المتطرفة الأخرى بما يحقق أمن الإقليم، وتحقيق خطوة مرحلية على طريق الانتقال السياسي في سوريا، وإيجاد ركيزة سياسية وإدارية على مستوى المنطقة الجنوبية للبلاد، واحتواء سلاح الثورة في كتلة عسكرية رسمية واحدة تخضع لسلطة وحكم الإقليم وتوجيهه”.
وسبق أن تم تداول مشروع خلال شهر نيسان/ أبريل 2017، في محافظة درعا، تحت مسمى “وثيقة العهد”، وتدعو إلى تطبيق اللامركزية الإدارية، تماشيا مع وثيقة الانتقال السياسي التي تقدمت بها الهيئة العليا للمفاوضات، على أن يكون “دار العدل في حوران” مكلفا بالإدارة الذاتية المبتغاة في درعا. لكن هذه الوثيقة أثارت جدلا واسعا، وانتقادات حادة فور انتشارها، على اعتبار أنها تؤسس لمشروع يساعد على تقسيم سوريا من خلال تطبيق نموذج حكم مستقل في درعا، وفق المنتقدين.
رفض شعبي واسع
وخلال الأسبوعين الفائتين، وقعت مؤسسات وفعاليات ثورية من درعا، وسوريا عموما، على بيان حصلت “عربي21” على نسخة منه، أعلنت فيه رفضها القاطع لـ”أي مشروع يدعو لفصل حوران عن سوريا، وأي مشروع لفصل أي جزء من سوريا موحدة”، مع التشديد على “عدم التنازل عن أي جزء من أرضها (سوريا)، وعدم التغيير في خريطة البلاد”.
ودعا البيان جميع الفصائل والمؤسسات الهيئات إلى عدم التعامل مع أيّة جهة تدعم “فصل حوران جزئيا أو كليا” عن سوريا، و”محاصرة أي مشروع يدعو لفصل حوران” أو أي جزء من سوريا. كما أكد الموقعون الرفض التام لـ”وثيقة العهد في حوران” رفضا قاطعا.
وتطرق البيان أيضا إلى ما تقوم به “قوات سوريا الديمقراطية” من أعمال قال إنها تدعم “إقامة كيان كردي مستقل” في الشمال الشرقي لسوريا، مشددا على رفضها تماما، مع التأكيد أن “الأكراد جزء لا يتجزأ من الوطن”. كما رفض الموقعون “أعمال التغيير الديمغرافي التي تقوم بها الأطراف في سوريا، والتي تؤدي إلى تقسيم سوريا ديمغرافيا على اعتبارات عرقية وطائفية”، وفق البيان.
ومن أبرز الموقعين على البيا المشار إليه، دار العدل في حوران، ومجلس محافظة درعا الحرة، ورابطة أبناء حوران، ومجلس عشائر الجنوب، واتحاد المجالس المحلية في درعا، ومجلس محافظة القنيطرة، ومديرية أوقاف درعا والمجلس الإسلامي السوري، كما وقع البيان رئيس مجلس القضاء الأعلى في حوران عصمت العبسي، ووزير الإعلام السابق ومحمد الزعبي، وسفير الائتلاف الوطني السوري في قطر نزار الحراكي، وعضو الائتلاف الشيخ مطيع البطين، ومحافظ القنيطرة ضرار البشير، والشيخ أحمد الصياصنة، والشيخ أسامة الرفاعي، وعبد الكريم بكار، وغيرهم من الأسماء والمؤسسات.
ومن جهته، أكد إبراهيم الصمادي، وهو أحد الموقعين على البيان وأحد المكلفين بمتابعة عريضة الرافضين للحكم الذاتي في الجنوب السوري، أن هناك إجماعا واسعا في حوران على رفض مشروع الإقليم المستقل، ليس فقط من قبل الفعاليات المدنية، بل حتى من القادة العسكريين، حيث تجري منذ فترة ترتيبات مشتركة مع القادة الرافضين لهذا الطرح لنسفه بشكل كامل.
وأشار الصمادي، في حديث خاص لـ”عربي21″، إلى أنه يتم العمل على مشروع “بديل وطني”، في الوقت الذي تدأب فيه فصائل حوران على تأكيد موقفها من الضغوطات الإقليمية من خلال “معركة الموت ولا المذلة”، وفق قوله.
المصدر: عربي 21